في الخامس والعشرين من أكتوبر عام 1989، أطلقت الخطوط الجوية الملكية الهولندية اسم "مدينة دبي" على أحدث طائراتها، وهي من طراز بوينج 747-400، تقديراً لدور الإمارة الريادي كمركز عالمي للطيران.
إلى جانب تسمية الطائرة، أقامت الخطوط الجوية الملكية الهولندية حفلاً بهيجاً في مطار "سخيبول"، حضره جمع غفير من الشخصيات الهامة، على رأسهم سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس طيران الإمارات ورئيس دائرة الطيران المدني في دبي آنذاك، والذي شارك رئيس شركة الخطوط الجوية الملكية الهولندية، "يان دي سويت"، في مراسم تسمية الطائرة.
وكما ذكرت صحيفة "خليج تايمز"، فقد ألقى سمو الشيخ أحمد بن سعيد كلمة بهذه المناسبة، عبّر فيها عن فخره واعتزازه بهذا التكريم الاستثنائي، قائلاً: "يا له من شرفٍ عظيم أن تحمل طائرة بهذه الأهمية اسم مدينتنا!" وختم كلمته بابتسامة عريضة، مُضيفاً: "من يدري، لعلّنا يوماً ما، عندما تصبح طيران الإمارات بحجم الخطوط الجوية الملكية الهولندية، نُبادلهم هذه اللفتة الكريمة، ونُسمّي إحدى طائراتنا باسم مدينة أمستردام".
وكان من المقرر أن تحلق طائرة "مدينة دبي" في رحلات عبر المحيط الأطلسي، ثم على خط أمستردام - طوكيو.
تخلل الحفل مراسم تبادل الهدايا التذكارية، حيث قدّم "دي سويت" لرئيس مجلس إدارة طيران الإمارات نموذجاً مُصغّراً لطائرة "مدينة دبي" بعد الكشف عن اسمها، فيما أهدى سمو الشيخ أحمد بن سعيد "دي سويت" "خنجراً" عربياً أنيقاً مصنوعاً من الفضة ومُطعّماً بالذهب.
ولإضفاء لمسة إماراتية أصيلة على حفل التسمية، زُيّن موقف الطائرات في مطار سخيبول ليشبه مدينة دبي، وقدّمت فرقة فنية من جمعية دبي للفنون الشعبية، مكونة من عشرين عضواً، رقصة "العيالة" التقليدية، مرتدين الزيّ الوطني الأبيض الناصع، وأغطية الرأس الحمراء والبيضاء. وتمايل أعضاء الفرقة على أنغام "الطنبورة"، الآلة الموسيقية التراثية التي تُعزف في المُناسبات الوطنية.
وتعزّزت "أجواء دبي" في مطار سخيبول، كما وصفها "إتش إف إيه هيمر"، المدير العام لشركة الخطوط الجوية الملكية الهولندية في دول الخليج، عندما قام أعضاء فرقة الفولكلور بتوزيع التمور وتقديم القهوة العربية للمدعوين، في مشهدٍ عبقٍ بعبير الضيافة العربية الأصيلة. وقد توقف عمال المطار عن العمل، وتجمّعوا في زوايا مختلفة في موقف الطائرات لمتابعة الفقرات الاحتفالية.
وفي مفاجأة سارة، تمّ خلال الحفل تعيين سمو الشيخ أحمد بن سعيد قائداً لجمعية "الهولندي الطائر" العالمية، وهو تكريم رفيع اعتبره الشيخ أحمد "شرفاً عظيماً آخر". وتضمّ هذه الجمعية نخبة من قادة الطيران حول العالم، وقد تمّ ترشيح سموه من قبل الهولنديين تقديراً "لإسهاماته الفريدة في مجال الطيران المدني، ودوره البارز في تطوير شركة طيران وطنية رائدة".
وفي لقاءٍ خاصٍّ مع صحيفة "خليج تايمز" بمناسبة الذكرى الرابعة لتأسيس طيران الإمارات، كشف سموالشيخ أحمد بن سعيد عن خطط الشركة الطموحة للتوسع في شبكة رحلاتها آنذاك، حيثُ أشار إلى أن طيران الإمارات كانت تخطط لتسيير رحلات إلى سنغافورة ومانيلا وبانكوك بحلول منتصف عام 1990، بالإضافة إلى إطلاق رحلات مُنتظمة إلى مانشستر وجاتويك في لندن اعتباراً من يونيو 1990.
وأكّد سموه أن مبادرة شركة الخطوط الجوية الملكية الهولندية بتسمية طائرتها الجديدة باسم دبي "إنما هي اعتراف صريح بالفوائد التي جلبتها دبي لشركة الطيران، ودليل على التعاون المثمر بين الجانبين".
وأشاد سموه بالتعاون الوثيق بين دبي وشركة الطيران الهولندية، قائلاً: "من الجيد أن يكون لدينا أصدقاء يمكننا أن نتعلم منهم".
أما اليوم، فقد قطعت طيران الإمارات شوطاً كبيراً في مسيرتها، وأصبحت تمتلك أسطولاً ضخماً مكوناً من 259 طائرة، منها 248 طائرة ركاب و11 طائرة شحن. وتُحلّق طائراتها نحو 144 وجهة حول العالم، منها 135 وجهة للركاب، و8 وجهات للشحن فقط، عبر 78 دولة ومنطقة.