يُعتبر التضخم أحد القضايا الأكثر إلحاحاً التي تواجه المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط، حيث يرى 56% منهم أنه يشكل أكبر تهديد لبلدانهم. وفي هذا السياق، يعتزم 65% من المستهلكين الادخار أو الاستثمار في العام المقبل، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن شركة "برايس ووترهاوس كوبرز".
كما ازداد وعي المستهلكين بقضايا المناخ، حيث يتطلع 70% منهم لامتلاك سيارات هجينة أو كهربائية، كما ورد في التقرير.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، يقترب التضخم من معدلاته التاريخية في العديد من اقتصادات المنطقة، مع اقتراب ثلث هذه الاقتصادات من المعدلات المتوسطة أو حتى دونها. بعد أن بلغ ذروته في عام 2023، من المتوقع أن ينخفض متوسط التضخم إلى 15.4% في عام 2024 و12.4% في عام 2025.
في دولة الإمارات، انخفض معدل التضخم إلى 3.32% في يوليو 2024 بعد أن كان 3.85% في يونيو من نفس العام. ويبلغ متوسط معدل التضخم في الدولة 1.72% منذ عام 1990 وحتى 2024، حيث بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق 12.30% في ديسمبر 2008، وأدنى مستوى له 2.71% في مايو 2020.
ويظل تأثير العوامل البيئية قوياً على قرارات الشراء، إذ يشعر 85% من المستهلكين في المنطقة بالقلق حيال التغير المناخي، و83% منهم لاحظوا تأثيرات مرتبطة بالمناخ في حياتهم اليومية.
وقالت "نورما تاكي"، رئيسة أسواق المستهلكين لدى شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" في الشرق الأوسط: "تؤثر الرياح الاقتصادية العالمية على سلوك المستهلكين في المنطقة، مما يزيد من حساسيتهم للأسعار وتركيزهم على القيمة. من المطمئن أن هذا لا يتحول إلى "سباق نحو القاع"، فالتوجه نحو الاستدامة يمثل فرصة كبيرة للتمييز والتطوير."
وأشارت إلى أن الشركات الذكية في المنطقة تستثمر في الممارسات المستدامة لجذب والحفاظ على هذه القاعدة من المستهلكين الذين يهتمون بالقيمة ويدركون أهمية البيئة. وأضافت: "إن الشركات التي تدرك مثل هذه الفروق الدقيقة في الاقتصاد الكلي التي تؤثر على سلوكيات المستهلكين سوف تعزز مكانتها في الشرق الأوسط".
سلط استطلاع "برايس ووترهاوس كوبرز" الضوء على أربعة مواضيع رئيسية يلاحظها المستهلكون في الشرق الأوسط.
أولًا، يُعتبر التميز في الأعمال عاملاً حاسماً لبناء ثقة المستهلك، حيث تعد حماية بيانات العملاء، ومعاملة العمال بإنصاف، والشفافية في الممارسات المستدامة من العوامل الأساسية لكسب ثقة 95% من المستهلكين الإقليميين، مقارنة بـ70% على مستوى العالم.
ويشير التقرير إلى أن 53% من المستهلكين في المنطقة (مقارنة بـ 46% على مستوى العالم) باتوا يشترون المزيد من المنتجات المستدامة، كما أن سلوك المستهلك تجاه وسائل النقل يتأثر بالمناخ، حيث أبدى 82% من المشترين استعدادهم لاستخدام وسائل النقل العامة بعد تحسين البنية التحتية، و70% يتطلعون لامتلاك سيارات هجينة أو كهربائية خلال السنوات الثلاث القادمة.
تزداد أهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي في تجربة التسوق، حيث أظهر التقرير أن أكثر من نصف المستهلكين في المنطقة يثقون في الذكاء الاصطناعي لدعم الأنشطة منخفضة المخاطر مثل الحصول على معلومات حول المنتجات أو التوصيات، بينما تنخفض الثقة في قدرته على التعامل مع المهام عالية المخاطر مثل توصيات المخزون أو إدارة المعاملات المالية أو إجراء التشخيصات الطبية.
أشار المحللون إلى وجود ازدهار في التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط، مدعوماً بزيادة استخدام الهواتف الذكية وتوسع شبكة الإنترنت. يتجه المستهلكون بشكل متزايد إلى منصات التجارة الإلكترونية لتلبية احتياجاتهم، حيث تُعتبر تجربة التسوق الآمنة عبر الإنترنت عاملاً رئيسياً في تغيير سلوكيات المستهلكين بشكل عام. ورغم أن المتاجر الفعلية لا تزال تلعب دوراً مهماً في تجربة التسوق بالمنطقة، حيث يفضل 45% من المتسوقين زيارة المتاجر، إلا أن التسوق عبر الهواتف المحمولة يشهد انتشاراً أكبر، حيث يتسوق 44% من المستخدمين عبر الإنترنت بشكل متكرر، مقارنةً بـ 34% على مستوى العالم.
وبحسب تقرير صادر عن شركة "باين آند كومباني" (Bain & Company)، من المتوقع أن تصل قيمة سوق التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط إلى 28.5 مليار دولار بحلول عام 2022، بدعم من جيل الشباب المتمرس في مجال التكنولوجيا. ويتيح هذا الاتجاه للشركات فرصة كبيرة للتفاعل مع العملاء خارج المتاجر التقليدية والاستفادة من الاقتصاد الرقمي المتنامي.