كشف تقرير حديث صادر عن مركز دبي للسلع المتعددة، أن دولة الإمارات العربية المتحدة في طريقها لتصبح واحدة من أهم مراكز تجارة الذهب في السنوات المقبلة.
وقد عزز هذا التوجه تفوق دولة الإمارات على المملكة المتحدة في عام 2023، محتلة بذلك المركز الثاني عالمياً في تجارة الذهب، بعد أن تجاوز إجمالي تجارتها 129 مليار دولار أمريكي، بزيادة بنسبة 36% عن العام الماضي.
وتنبأ التقرير، الذي صدر تحت عنوان "التجارة والتكنولوجيا والأسواق في مرحلة الانتقال"، بصعود "القرن الآسيوي" للذهب، مركزاً بشكل خاص على تطوير ممر اقتصادي جديد للذهب بين دول مجموعة البريكس، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، والذي من المتوقع أن يقدم بديلاً عن مراكز تجارة الذهب التقليدية.
كما يقدم التقرير رؤى جوهرية حول واقع أسواق الذهب والفضة العالمية، مُسلِّطاً الضوء على التحديات الجيوسياسية الراهنة. وتشمل هذه التحديات العقوبات المفروضة على روسيا، والتي هزّت أركان الاقتصاد المالي العالمي، ودفعت العديد من الدول إلى إعادة النظر في اعتمادها على الدولار الأمريكي، وإلى التساؤل عن سلامة احتياطياتها من الذهب.
ونتيجة لهذا، كثفت البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم أنشطتها في شراء الذهب وأعادت السبائك المخزنة في الولايات المتحدة لتنويع استثماراتها بعيداً عن الدولار، حتى أن بعضها بدأ باستخدام الذهب بدلاً من الدولار الأميركي في المعاملات التجارية. ويؤدي هذا التحول إلى دفع أسعار الذهب نحو مستويات غير مسبوقة، الأمر الذي يُولّد تأثيراً متواصلاً في جميع أنحاء الاقتصاد العالمي.
وتواجه دولة الإمارات العربية المتحدة هذه التحديات بترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي في سوق المعادن الثمينة العالمية، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي، وإطارها التنظيمي المتين، وبنيتها التحتية المتطورة، لتربط بين الشرق والغرب، وتعيد صياغة ملامح تجارة الذهب.
لا يقتصر التقرير على تحليل التحديات الجيوسياسية فحسب، بل يتناول أيضاً الدور المتزايد للابتكار التكنولوجي في سوق المعادن الثمينة. فمن تقنيات الاستكشاف والتعدين المستقلة القائمة على الذكاء الاصطناعي، إلى أنظمة التتبُّع المبتكرة التي تعتمد على تقنية البلوك تشين، وصولاً إلى منتجات الاستثمار الرقمي في الذهب، تُعيد التكنولوجيا تشكيل كيفية الحصول على الذهب وتداوله والاستثمار فيه.
ويتضمن التقرير أيضاً عدداً من التوصيات المهمة للحكومات والشركات للمساهمة في دفع عجلة تطور صناعة الذهب، ورسم ملامح المرحلة التالية من نموها، ومن بين هذه التوصيات ما يلي:
يتعيَّن على الحكومات والبورصات ومصافي الذهب تعزيز تدابير تحديد منشأ الذهب، وضمان المزيد من الشفافية في جميع مراحل التداول. ويُمثّل نموذج الإمارات العربية المتحدة في نقل الرقابة إلى الهيئات الحكومية مثالاً يحتذى به في التنظيم والمساءلة الأكثر صرامة.
خفض التعريفات الجمركية وإزالة الحواجز الجمركية لمكافحة التهريب، وتعزيز السيولة، وتحسين اكتشاف الأسعار. كما أن توسيع نطاق الاتفاقيات التجارية، مثل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات العربية المتحدة والهند، والسعي إلى إبرام اتفاقيات ثنائية من شأنه أن يضمن تجارة أكثر سلاسة وشفافية.
بدلاً من حظر تعدين الذهب الحرفي والضيق النطاق(ASGM)، ينبغي توفير التمويل المستهدف، والتدريب، وإمكانية الوصول إلى الأسواق الرسمية لتحسين السلامة، والمعايير البيئية، والتنمية الاقتصادية، مع الحد من التهريب.
يتعين على عمال المناجم الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة لخفض التكاليف، وتحسين الإنتاج، وتعزيز معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. كما يمكن أن تساعد التكنولوجيا عمال المناجم الحرفيين على التخلص من استخدام الزئبق.
يجب على شركات الاستثمار وشركات التكنولوجيا المالية تطوير منتجات رقمية تُمكّن المستثمرين الصغار والشباب في الأسواق الناشئة من الوصول إلى تداول الذهب، وتوسيع نطاق المشاركة في السوق.
يجب على المشاركين في صناعة الذهب التعاون لإنشاء معايير عالمية لمنتجات الذهب الرقمي وأنظمة البلوك تشين، لتحسين الشفافية، والقضاء على تناقضات الأسعار، وتقليل الاعتماد على المنتجات المُشتقَّة.