نجح خريجان إماراتيان في إحدى جامعات دبي في تطوير حل مبتكر للذكاء الاصطناعي، مصمم لمساعدة الأفراد الذين يعانون من إعاقات لفظية - مثل السكتة الدماغية أو الشلل - على التواصل بشكل أكثر فعالية. يتميز مشروعهما المبتكر بنموذج ذكاء اصطناعي قائم على الصورة الرمزية، يعمل كصوت رقمي للمستخدمين، ويترجم نواياهم إلى كلام واضح ومعبّر.
يعمل هذا الرمز الذكي كجسر للتواصل، مما يتيح للمستخدمين التفاعل بشكل أكثر طبيعية وشمولية، ومن خلال تقديم تجربة شخصية وسهلة الاستخدام، فإنه يمتلك القدرة على تحويل التكنولوجيا المساعدة في مجال الرعاية الصحية، وخلق إمكانيات جديدة للإدماج وإمكانية الوصول.
وقد أمضى المبدعان، خريجا الهندسة الكهربائية عبد الله السركال وأحمد يوسف، عامين في تطوير وصقل هذه التقنية خلال دراستهما الجامعية.
وفي مقابلة مع صحيفة الخليج تايمز، أوضح السركال، وهو الآن طالب ماجستير في معهد "روتشستر للتكنولوجيا" في دبي، أوضح كيف تلتقط التكنولوجيا إشارات الدماغ والعين من خلال تقنية تخطيط كهربائية الدماغ، وتخطيط كهربائية العين، وقال: "نستخدم هذه الأساليب لترجمة إشارات الدماغ وحركات العين إلى لغة، مما يوفّر طريقة جديدة للأشخاص الذين يعانون من إعاقات مرتبطة بالكلام للتواصل".
وأوضح أن "تخطيط كهربائية الدماغ يمكنه اكتشاف الإشارات الحيوية في الدماغ، ومن خلال دمج تخطيط كهربائية الدماغ مع الذكاء الاصطناعي، تمكنّا من تحديد كيفية تفكير الدماغ بشكل مختلف، على سبيل المثال، عندما يفكر الشخص في الأرقام صفر أو واحد، كما تمكنا من تحديد كيفية تطابق أنماط تفكير معينة مع أرقام أو أفكار محددة، بدأ هذا المفهوم كمشروع بسيط وتطور على مدار صيف من التطوير".
يتم التعبير عن الكلمات من خلال صورة رمزية تفاعلية، تنقل أفكار المستخدم بشكل ديناميكي من خلال التعبير النصي أو البصري.
وفي شرحه لخلفية هذا الابتكار، أشار السركال إلى أن المشروع بدأ في الأصل كمهمة مختبرية، ثم قاموا بتوسيعها بتشجيع من أستاذهم. وكان الهدف هو معالجة حواجز التواصل التي يواجهها الناجون من السكتة الدماغية والمرضى الذين يعانون من الشلل لتحسين نوعية حياتهم.
وتضمّن تطوير النموذج الأولي جمع البيانات من 50 مشاركاً من مختلف الأعمار والخلفيات، "لقد قمنا بالتقاط الإشارات العصبية الدقيقة (التغيرات الصغيرة السريعة في نشاط الخلايا العصبية التي تسبّبها محفزات معينة، مثل الضوء أو الصوت أو اللمس)، وحركات العين التي تحدث عندما يفكر المشاركون في كلمات مختلفة. ركّزت مفردات الاختبار على الكلمات المتعلقة باحتياجات المريض، مثل المساعدة والألم والأدوية والنوم. باستخدام التعلم الآلي، قمنا بترجمة هذه الإشارات الحيوية إلى كلمات وتحقّقنا من صحّة النتائج، التي تم نقلها بعد ذلك من خلال الصورة الرمزية للذكاء الاصطناعي لدينا".
ومع ذلك، قبل أن يتمكن المريض من استخدامه بكفاءة، يحتاج الفرد إلى الخضوع لتدريب، حيث يحتاج المريض إلى الرؤية والتفكير في كلمات محددة.
وفي الوقت الحالي، يمكن للذكاء الاصطناعي تفسير 10 كلمات محددة بدقة بعد خضوع المريض لمرحلة تدريب قصيرة، حيث يفكر في كل كلمة أثناء وضع أقراص معدنية صغيرة تسمى الأقطاب الكهربائية المرفقة بفروة الرأس أثناء تخطيط كهربائية الدماغ، وأشار السركال إلى أنه "بمجرد جمع هذه البيانات، نقوم بتسميتها وإدخالها في نموذج الذكاء الاصطناعي، وبعد التدريب، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بالكلمات التي يفكر فيها الشخص، وقد وبلغ متوسط معدل الدقة الذي تم تحقيقه باستخدام النموذج الأولي 90 في المائة بشكل عام، وهو أعلى مما توقعنا".
وفي الوقت نفسه، حفز الدافع لدعم الصحة العامة والرفاهية الجامعة إلى تطوير برنامج الماجستير المُصغّر في المعلوماتية الصحية وإدارة الصحة، والذي سيتم إطلاقه قريباً.
,قالت الدكتورة جينان منصف، الأستاذة المساعدة في الهندسة الكهربائية في معهد روتشيستر للتكنولوجيا: "من الضروري العمل على مشاريع في الجامعة، لديها القدرة على تعزيز الرفاهية، مثل هذا المشروع الذي يركّز على استخدام الذكاء الاصطناعي لتفسير إشارات الدماغ، ومساعدة المرضى على توصيل احتياجاتهم الأساسية مثل الجوع أو المساعدة".
وأضاف: "إننا نعمل على تعزيز بيئة تلتقي فيها الابتكارات التقنية مع الصرامة الأكاديمية، الأمر الذي يمكّن الطلاب من تطبيق معارفهم لتحقيق تأثير حقيقي في العالم الحقيقي. ويجسد هذا المشروع كيف نسعى جاهدين إلى الجمع بين النظرية والممارسة من أجل ابتكار حلول تعمل على تحسين الحالة الإنسانية".