إذا كنت في دبي وتتوق إلى تذوق طعم الوطن، أو مجرد عناق من جدتك، فتوجه إلى (نونافيرس) Nonnaverse. إنها تجربة تناول طعام حيث يلتقي التقليد بالابتكار، وتشعر في كل وجبة وكأنها لم شمل عائلي.
نجمة العرض هي الجدة "سيلفانا" التي ترحب بك بسحرها المفعم بالحيوية وعناقها الحار دون أن تنطق بكلمة واحدة باللغة الإنجليزية. ستبدأ محادثة حيوية وحتى ترقص أحياناً أثناء تناولك وجبة مكونة من سبعة أطباق.
ولدت سيلفانا ليجوتي في باليرمو عام 1955، وكانت أصغر إخوتها الخمسة. نشأت في بيئة غنية بالتقاليد الطهوية لعائلتها، حيث ألهمها شغف والدها بالطهي، بينما نقلت والدتها لها فن الحياكة والكروشيه.
في الثانية والثلاثين من عمرها، تزوجت سيلفانا، ورغم أنها مرّت بحزن شديد بعد فقدان زوجها بعد 11 عاماً، إلا أنها حولت حبها إلى خلق حياة دافئة ومبهجة لأطفالها. أصبحت موهبتها في المطبخ الصقلي حجر الزاوية في سعادة أسرتها، ولا يزال إرثها مستمراً في ابنها أندريا، الذي أصبح الآن طاهٍ بنفسه.
إن قصة وصول نونا سيلفانا إلى دبي مؤثرة للغاية مثل طعامها. فقد اعتاد ابنها ماركو، الذي عاش في دبي لأكثر من عقد من الزمان كمدرب لياقة بدنية، استضافة الأصدقاء والعملاء الذين أعجبوا بالوجبات المنزلية التي تعدها سيلفانا أثناء زياراتها. وكانت محادثة عابرة مع أحد عملائه، الذي كان لديه رؤية لمفهوم مطعم نونا المتغير، بمثابة زرع بذرة ما سيصبح فيما بعد "نونافيرس" (Nonnaverse).
"كانت والدتي تزورني في دبي وتطهو أشهى الوجبات. وبدأ أصدقائي وعملائي يسألونني: 'أين يمكننا الحصول على طعام إيطالي أصيل مثل هذا؟' كنت أمزح دائماً: 'تعال إلى شقتي - أمي تصنع الأفضل!' ولكن عندما سنحت الفرصة لإحضار مواهبها إلى أحد المطاعم، عرفت أن لدينا شيئاً مميزاً. وها نحن هنا، نصنع السحر معاً"، يتذكر ماركو ضاحكاً. تبنت سيلفانا، التي كانت مترددة في البداية، الفكرة بحماسة ودفء لا مثيل لهما.
لا يعد (نونافيرس) Nonnaverse مجرد مطعم، بل إنه احتفال بالتراث والتواصل الإنساني. لا تكتفي سيلفانا بالطهي فحسب، بل إنها تعلم فريق المطعم أيضاً كيفية تحضير وصفاتها، مما يضمن أن يعكس كل طبق جوهر المطبخ الصقلي.
يعكس مطبخ سيلفانا نسيجاً نابضاً بالحياة من تاريخ صقلية، حيث يمزج بين التأثيرات من المأكولات اليونانية والعربية والإسبانية والفرنسية. أطباقها، مثل الكانولي الشهير وريزوتو اليقطين، تأخذك في رحلة حسية عبر ماضي صقلية، مصنوعة بحب وأصالة.
تتميز قائمة المطعم، التي أعدتها سيلفانا بعناية، بأطباق تقليدية تم تصميمها لتناسب تجربة تناول الطعام الفاخر مع الحفاظ على جوهرها الأصيل. والنتيجة هي تجربة تناول طعام تشبه الجلوس على طاولة جدتك، حيث تحمل كل قضمة لمسة من الحب ورعاية الطهي المنزلي.
إلى جانب مهمتها في مجال الطهي، تلتزم (نونافيرس) Nonnaverse بالتأثير الاجتماعي. حيث يتم التبرع بجميع عائدات المطعم إلى الجمعيات الخيرية في الإمارات العربية المتحدة، مما يجمع بين متعة الوجبات المشتركة والقدرة على العطاء للمجتمع.
ما يميز (نونافيرس) Nonnaverse حقاً هو اللمسة الشخصية التي تضفيها سيلفانا. فهي تجول على الطاولات وتتفاعل مع الضيوف، وتحرص على أن يشعر الجميع بأنهم جزء من عائلتها الممتدة.
"إنها لا تكتفي بالطهي،" يوضح ماركو. "إنها تخلق شعوراً بالانتماء والحب. لا يأتي الناس من أجل الطعام فقط؛ بل يأتون من أجل التواصل."
"تتمثل مهمتنا في تقديم أكثر من مجرد طعام"، يوضح بهوبندر ناث، مؤسس ومدير عام (باشن أف & بي غروب) Passion F&B Group التي تمتلك (نونافيرس) Nonnaverse. "إنها إعادة خلق مشاعر الحب والأسرة والألفة التي يجلبها طهي الجدة. وهذا يتماشى مع اعتقادنا بأن الجدة لا تتقاعد أبداً".
لا تعد (نونافيرس) Nonnaverse مجرد تكريم للطهي؛ بل إنها حركة تهدف إلى تمكين الجدات وتسليط الضوء على مهاراتهن المذهلة. لقد أمضت العديد من الجدات عقوداً من الزمن في إتقان حرفتهن في مطابخ العائلات، وغالباً ما لم يلاحظهن العالم. تمنحهن (نونافيرس) Nonnaverse منصة لمشاركة مواهبهن مع كسب الدخل، مما يعزز دورهن في المجتمع ويرسخ مكانتهن في عالم الطهي المعاصر.
يقول ناث: "يثبت هذا المشروع أن الجدات ما زلن قادرات على التألق. فسنهن هو مصدر قوتهن، وخبرتهن هي هديتهن لنا جميعاً".
في حين يحتفل مطعم (نونافيرس) Nonnaverse بالتقاليد، فإنه لا يتردد في الإبداع. تقدم كل قائمة مزيجاً من الأطباق الأصيلة والخلطات المبتكرة. على سبيل المثال، في القائمة المكونة من سبعة أطباق، يمكنك تذوق خبز الفوكاشا محلي الصنع وخلطة مبتكرة من البانيلا مع الكابوناتا وغيرها من الأطباق التي تجمع بين النكهات التقليدية لمطبخ صقلية والإبداع المعاصر.
ولعل ما يجعل مطعم (نونافيرس) Nonnaverse استثنائياً حقاً هو اللمسة الإنسانية. فالضيوف لا يستمتعون بتناول الطعام فحسب؛ بل يشعرون وكأنهم جزء من العائلة. وغالباً ما تتواصل الجدة سيلفانا مع الضيوف، وتسألهم عن تجربتهم وتشاركهم دفئها وحبها للطعام. هذه الروح العائلية تضفي على التجربة بعداً خاصاً، حيث لا يقتصر الأمر على تناول وجبة لذيذة بل يصبح الضيف جزءاً من قصة مستمرة من الطهو والحب.
يقول ماركو: "لا يقتصر طبخ والدتي على الطعام فحسب؛ بل إنه يهدف أيضاً إلى الحفاظ على التقاليد والاحتفال بالتأثيرات الثقافية التي شكلت المطبخ الصقلي"، "لقد علمت فريقنا فن الطبخ بالحب، بالطريقة التي تعلمتها من عائلتها".
يقول أحد الضيوف: "لا يتعلق الأمر بالطعام فقط، بل يتعلق بالحب والرعاية التي تشعر بها منذ اللحظة التي تدخل فيها. هذا ليس مجرد تناول طعام؛ إنه ذكرى في طور التكوين". هذه الكلمات تجسد جوهر تجربة (نونافيرس) Nonnaverse، حيث يُضاف إلى كل وجبة لمسة من الحميمية والاهتمام، مما يجعل كل زيارة تجربة لا تُنسى.
يضمن مفهوم "محور الجدات" أن يظل عالم "الجدة" ديناميكياً ومتطوراً باستمرار. في المستقبل القريب، قد ترى جدات من السعودية أو ألمانيا يرتدين قبعات الطهاة، ليقدمن لمساتهن الفريدة. وبما أن كل جدّة تشارك تراثها الطهوي الفريد، يمكن للرواد أن يتطلعوا إلى استكشاف تقاليد ونكهات جديدة كل بضعة أشهر، مما يضيف طابعاً متجدداً ومتعدد الثقافات لتجربة تناول الطعام في (نونافيرس) Nonnaverse.
في الوقت الحالي، تواصل الجدة سيلفانا إبهار الضيوف بضيافتها الصقلية. وفي حين أن أطباقها تشكل سبباً كافياً لزيارة المكان، فإن دفئها ورعايتها الحقيقية هما ما يجعلان من (نونافيرس) Nonnaverse تجربة لا تُنسى.