سامي حايك ليس من النوع الذي يبهره المظهر الخارجي. فغالباً ما يكون ما يكمن تحت السطح هو ما يأسر الفنان والمصمم المكسيكي صاحب التخصصات المتعددة. وعلى سبيل المثال، معرضه "فريكوينسي" (Frequency) الذي يضم أعمالاً فنية مثيرة، وسيُعرض في دار "كريستيز الشرق الأوسط" حتى الرابع عشر من نوفمبر، حيث يركز على مفهوم فلسفي أعمق للتردد. ويتساءل: "أخبرني، إذا أعطيتك عملاً فنياً ثم أعطيتك نسخة طبق الأصل من هذا العمل الفني، فلماذا ستختار العمل الأصلي؟ إن العمل الأصلي يمثل موجة وتردد مختلفان؛ فهو يجسد الطاقات الإبداعية للفنان. ونحن نعلم ذلك بوعي أو بغير وعي، ولهذا السبب نفضل دائماً الحصول على العمل الأصلي لأننا نريد أن يكون جزءاً من الفنان معنا أيضاً".
يقول سامي، شقيق نجمة هوليوود سلمى حايك: "إن "فريكوينسي" ينطلق من فكرة مفادها أن كل الأشياء ـ حتى الجامدة منها ـ تشع طاقة. وهذه الطاقة هي التي تنتقل إلى الآخرين. ويعرض دار كريستيز بعض الأعمال التي تتطلب تفاعلاً مباشراً من الجمهور. على سبيل المثال، "مايا فريكونسي 2" المصنوع من الرخام الأزرق الجليدي والسيراميك والصخور البركانية. وبعيداً عن كونه جسم ساكن، إلا أنه يمثل حركة غير ملموسة. والفكرة الأكبر وراء كل الأعمال الفنية هي ببساطة التعبير عن تأثير التردد، وكيف يلامس وتراً فينا. على سبيل المثال، يعتبر الرقم 528 يمثل تردداً يعزز الانسجام، وتجسده العديد من الأشياء المعروضة في دار كريستيز. "ينمو الصوت حقاً عبر خلاياك. لذا فهو يؤثر علينا على المستوى الخلوي. قد لا ننتبه ولكن أجسادنا تستمع إلى أي شيء نريد قوله. لذا فإن الرقم 528 هو تردد محدد للغاية يتناغم مع ذاكرتنا الخلوية. "ولذلك تم استخدامه على مر القرون للهتافات".
لم يبدأ سامي حياته كفنان أو مصمم. يقول سامي إنه كان يميل دائماً إلى الهندسة والأعمال التجارية، ولكن انتهى به الأمر بالدخول إلى عالم الفن والعمارة كوسيلة لتعزيز الشعور بالرفاه. "كنت أدرس في فلورنسا عندما مررت بلحظة تكاد تكون مفاجأة. لاحظت تطابقاً بين اللغة الإيطالية والتصميم. تستجيب الثقافة لإيقاع تلك اللغة. جعلني الأمر أفكر فيما إذا كان هناك شيء غير مرئي يتكشف في مثل هذه الأشكال من التعبير، شيء يربط بين جوانب مختلفة من الثقافة ويجعلها فريدة. وكان ذلك هو التردد".
سامي، مثله مثل جميع الفنانين، ينظر إلى العالم بشكل مختلف. من السهل على الفنان أن يعبر عن أفكاره كأعمال فنية، ولكن عندما يتم تجسيد هذه الأفكار في أشياء من المفترض أن تصل إلى المستهلك، يتساءل المرء عما إذا كان الجمهور المستهدف سيفهم نفس الفروق الدقيقة. هل يمكن أن يتعارض دور الفنان مع دور المصمم؟ يقول سامي، الذي يقيم في لوس أنجلوس: "أعتقد أنه من السهل إيجاد توازن بين كونك فناناً ومصمماً. يتمتع الفنانون بأسلوب فريد فيما يتعلق بتلقي المعلومات. فكر في مصدر أفكارك. لماذا لديك فكرة مختلفة عن أفكاري؟ إن الأمر له علاقة بالتردد وإلى ما تستمعه. لذلك يستمع الفنانون إلى شيء ما، ويدخلون إلى أماكن جئنا إليها من قبل ولكنهم يفسرونها بشكل مختلف ويعطونها شكلاً مختلفاً؟ كمصمم، تفعل نفس الشيء. حتى لو لم يرغب الناس في الانخراط في محادثة عن تلك الأشياء، إلا أن القطعة ستظل تجذبك لأنها ستترك بصمة في أذهانهم. قد يقول بعض الناس: "أوه، إنه لون جميل أو شكل جميل". أنا لا أمانع ذلك. إذا كان بإمكان شخص ما أن ينظر إلى فني ويشعر بشيء ما، فهذا جيد بما فيه الكفاية بالنسبة لي. ربما قد أشاركهم من أين أتى كل ذلك، ولكن من الناحية المثالية، لا نحتاج إلى إجراء محادثة حتى نتمكن من التفاعل مع الفن".
من بين القطع التي تبرز حقاً في المجموعة " ذا دبي كريدينزا" (The Dubai Credenza)، وهي قطعة متقنة التصميم صُممت واجهتها لتبدو مثل أجنحة طائر الطنان. وبذلك، يساوي سامي بين روح دبي وروح طائر الطنان الذي تتحرك أجنحته بسرعة غير عادية. وهي مصنوعة من الألمنيوم المؤكسد، ومرصعة بخرز زجاجي صنعه حرفيون في المكسيك. ويشعر سامي بالسعادة إزاء التوازن الذي تمكن من تحقيقه بهذه القطعة. ويقول: "تتمتع المنطقة بطريقة فريدة للغاية في العمل. إنهم يفكرون في شيء ما ثم يحققونه. وإذا رأيت أرجل هذه الخزانة قوية، فهذا يشير إلى أنها ثابتة على الأرض بقوة، ثم تمثل هذه الأجنحة الحرية. هذا هو جوهر دبي".
إن صورة الأجنحة ذات الأرجل الثابتة تتكرر في العديد من العناصر. وقد يكون لهذا علاقة أيضاً بأن سامي يرى الأشياء كأنها تمثل شاهد جامد على الزمن. وبينما نقترب من طاولة كبيرة على شكل جناح، يقول ضاحكاً: "أريد أن تحدث العديد من اللحظات المبهجة حول هذه الطاولة. لدي طاولة في المنزل، وأطفالي يقفزون عليها حرفياً". "لدي اعتقاد راسخ أن المساحات تحمل نية، وهذا ما يجعلها ساحرة للغاية. لا يمكنك حقاً تكرار ذلك. أريد أن تنتقل مثل هذه الأشياء إلى الأجيال القادمة".
وبما أن الفنان والمصمم يعمل على قطع كبيرة جداً، فإن التحدي الأكبر الذي يواجهه هو التنفيذ. "تتوالى الأفكار طوال الوقت، ولكن من الصعب غالباً العثور على الفريق المناسب للعمل بهذا المستوى من الدقة. لقد حققت ذلك إلى حد ما الآن. في بعض القطع، يتم تصنيع الخرز في المكسيك، وسيتم الحصول على الخشب من كاليفورنيا ثم يتم الحصول على مواد أخرى من أماكن أخرى. كل ذلك يحتاج إلى مستوى مختلف من التنسيق".
لقد مرت سنوات منذ أن بدأ سامي في العمل على فكرة التردد. لكنه يقول إن العملية الإبداعية لديه لا تزال كما هي إلى حد ما. ويقول: "لا أعتقد أن عمليتي الإبداعية تطورت. وظل هدفي الأكبر كما هو دائماً - تنزيل فكرة أو رسالة على شيء ما. وما تطور هو المعرفة حتى أتمكن من التلاعب بمزيد من المواد، والمهارات اللازمة للتعامل مع المواد".
يرى سامي أن الإمارات العربية المتحدة تعد بالكثير من الفرص للفنانين. ويقول إنه في حين كانت الفكرة الأصلية أن يقيم دار كريستيز للمزادات معرضاً هنا، إلا أن التفاعلات حول أعماله ألهمته. "أجدها مرحبة. أحب تنوع الناس هنا. إنها تدعو إلى محادثات رائعة. والمحادثات الرائعة تؤدي دائماً إلى أفكار رائعة".
لا يسعنا إلا أن نتفق معه تماماً!
سيجري سامي حايك حواراً مع إيرل سنودون الليلة في كريستيز.