يقول "مانوج باجبايي" في مكالمة عبر تطبيق زووم مع صحيفة خليج تايمز: "إن ما نقوم به في ورشة العمل أمر جدي للغاية. فهي تتضمن العديد من التمارين لفهم النص، واستيعاب كل التفاصيل الدقيقة لكل شخصية".
يتحدث باجبايي عن رحلته التي استغرقت شهرين لتجسيد شخصيته في (ديسباتش) Despatch، وهي دراما جريمة متاحة الآن على (زيي 5 غلوبال) Zee5 Global في الإمارات العربية المتحدة. في الفيلم، الذي أخرجه مخرج فيلم (أجرا) Agra كانو بهل وتدور أحداثه في عام 2012، يلعب باجبايي دور صحفي في الصحافة المكتوبة يتصارع مع وسيلة جديدة لسرد القصص والكشف، عندما يبدأ في متابعة التحقيق في الجانب المخفي من مومباي. يقول باجبايي: "نحن نتعامل مع رحلة صحفي استقصائي يطارد عملية احتيال بقيمة 80 مليار روبية. كما نحاول إجراء دراسة لشخصيته".
شخصيته، "جوي باج"، مستوحاة بشكل كبير من جوتيرموي دي، الصحفي الهندي الذي قُتل برصاصة في وضح النهار في مومباي في عام 2011.
"يعرف باجبايي الكثير عن دراسات الشخصيات، بالطبع؛ فهو ممثل بارع لعب أدواراً مهمة على الشاشة، وعلى منصات البث المباشر، وعلى المسرح. يقول الممثل: "الوسيلة لا تهم بالنسبة لي. أياً كان ما يمنحني فرصة للتمثيل، وأياً كان ما يوفر لي فرصاً جيدة، فأنا فقط أمضي قدماً وأقوم بذلك"."
لقد كان يفعل ذلك لفترة طويلة لدرجة أنه لا يتذكر تماماً متى بدأ يشعر بالحاجة الملحة إلى صياغة شخصية، وتشكيل نفسه في دور ما. يقول: "ربما كنت في التاسعة من عمري. جاء ذلك من مشاهدة الأفلام، وإيجاد العالم جذاباً للغاية ومثيراً جداً، مجرد فكرة أن تصبح ممثلاً وتتحول إلى شخصيات مختلفة".
"واليوم، يمتلك الممثل البالغ من العمر 55 عاماً عدداً كبيراً من الأفلام الناجحة، بما في ذلك مسلسل "فاميلي مان" ، حيث يلعب دور سريكانت تيواري، وهو رجل من الطبقة المتوسطة ولكنه في الواقع جاسوس من الطراز العالمي، بالإضافة إلى دوره كالعصابات الانتقامية سردار خان في فيلم عصابات واسيبور – الجزء الأول."
"لكن فيلم "ساتيا" Satya الذي أنتج عام 1998 كان هو الذي غيّر مسار حياته المهنية حقاً. يقول باجبايي: "كما تعلمون، لا يحدث دور يغير الحياة"، ويضيف: "ما زلت نفس الشخص؛ ما زلت نفس الابن ونفس الأخ ونفس الزوج. ومع ذلك، فإن ما غيّر حياتي المهنية هو بالتأكيد فيلم "ساتيا" Satya."
فيلم "بانديت كوين" Bandit Queen هو فيلم درامي هندي صدر عام 1994، أخرجه شيفراجيا. يستند الفيلم إلى حياة "فاجيري" (فولان ديفي)، وهي إحدى أشهر المجرمات في الهند التي تحولت إلى بطلة شعبية في قريتها بعد سلسلة من الأحداث المأساوية. تلعب الممثلة شيفالي شاه في الفيلم دور "فاجيري"، بينما كان دور مانوج باجبايي في الفيلم صغيراً لكنه مهم في تسليط الضوء على المشاكل الاجتماعية في الهند.
مانوج باجبايي هو بالفعل أحد أبرز الممثلين في السينما الهندية، وقد أضاف العديد من الأدوار المميزة إلى رصيده طوال مسيرته الفنية. إن تقدير موهبته ليس فقط على مستوى الجمهور الهندي، بل على الصعيد العالمي أيضاً. جوائزه وإنجازاته تتحدث عن نفسها، حيث حاز على ثلاث جوائز هندية للفيلم الوطني، وجوائز فيلم فير، وجائزة بادما شري في عام 2019 تقديراً لإسهاماته في الفن.
تصريحات مانوج باجبايي تعكس تواضعه الكبير وفهمه العميق لمهنته. إن فوزه بجائزة بادما شري لم يكن مجرد تكريم لفيلم أو أداء واحد، بل هو تقدير لرحلته الطويلة والمثمرة في صناعة السينما الهندية. بفضل إيمانه المستمر والتزامه بالفن، استطاع باجبايي أن يكون مصدر إلهام لكثير من الممثلين الطموحين.
تعكس كلمات مانوج باجبايي جوانب مختلفة من مسيرته الطويلة والصعبة. من الواضح أن الطريق إلى النجاح لم يكن سهلاً، بل كان مليئاً بالتحديات والتضحيات. نضاله في البداية، حيث كان يواجه الجوع والصعوبات المالية، يبرز قوة إرادته وإصراره على المضي قدماً رغم الظروف الصعبة. هذه التجارب شكلت جزءاً أساسياً من شخصيته وحرفته، وقد أسهمت في تمكينه من تحقيق النجاح الكبير الذي يتمتع به اليوم.
إجابة مانوج باجبايي تكشف عن السبب الجوهري وراء استمراره في هذه الفترات الصعبة، وهو "حب الحرفة". بالنسبة له، لم يكن الأمر مجرد سعي وراء النجاح أو المال، بل كان عن شغف حقيقي واهتمام عميق بفن التمثيل. هذا الشغف هو ما دفعه لتجاوز التحديات والمصاعب التي مر بها في بداية مسيرته.
مانوج باجبايي هنا يقدم جانباً آخر من شخصيته، وهو التواضع والاعتدال في حياته. على الرغم من نجاحه الكبير في صناعة السينما والجوائز التي حصل عليها، فهو يرفض الانغماس في المادية أو الظهور تحت عباءة الشهرة. اختياره للعيش حياة بسيطة يعكس شخصيته المتواضعة، حيث يفضل العيش برفقة أصدقائه وأقاربه بعيداً عن الفخامة والمبالغة.
مانوج باجبايي هنا يعبر عن رؤية مستقبلية مثيرة حول تطور صناعة السينما، خاصة مع التقدم التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم، مثل الذكاء الاصطناعي. ورؤيته تدل على تفاؤل وثقة في قدرة صناع الأفلام على التكيف مع هذه التقنيات الجديدة والاستفادة منها لصالح تطوير المحتوى السينمائي.
من الواضح أن باجبايي يرى التكنولوجيا كأداة قوية لتعزيز الأفلام، ويؤمن بأن صنّاع الأفلام سيكونون قادرين على استخدامها بشكل مبدع دون أن تفرط في التأثير على جوهر الصناعة. هذه الرؤية تدعو إلى الابتكار مع الحفاظ على العناصر الأساسية التي تجعل السينما تجربة فنية مؤثرة.
مانوج باجبايي يسلط الضوء هنا على الجوانب المظلمة والمعقدة لحياة الصحفيين، وهي زاوية غير مستكشفة بشكل كافٍ في السينما الهندية. من خلال فيلم (ديسباتش) Despatch، يبدو أنه يعتزم تقديم تجربة فريدة تلقي الضوء على المخاطر والصراعات الداخلية التي يواجهها الصحفيون في مواجهة فساد وخبايا المجتمع. وبهذا، يضيف بعداً جديداً لمفهوم الصحافة في السينما الهندية، ويؤكد على أهمية هذه المهنة التي قد تكون مهددة بالكثير من الأبعاد غير الملموسة مثل الأخلاقيات، والسياسة، والخطر الشخصي.
مانوج باجبايي يعبر هنا عن تعقيد الشخصية الرمادية، وهي الشخصية التي تتمتع بمزيج من الجوانب المضيئة والمظلمة، مما يجعلها أكثر إنسانية وأقل قابلية للتصنيف الثنائي التقليدي بين الخير والشر. وهذه الفكرة تعكس مدى عمق وتنوع التحديات النفسية والعاطفية التي يواجهها الأفراد في حياتهم اليومية.
يُعرض مسلسل (ديسباتش) Despatch حالياً على قناة (زيي 5 غلوبال) Zee5 Global في الإمارات العربية المتحدة.