شهدت احتفالات اليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة تغييرات كبيرة على مر السنين. وفي لقاء مع صحيفة "الخليج تايمز" قبيل اليوم الوطني الثالث والخمسين للدولة، أشار كبار المواطنين إلى أنه "في الماضي، كانت مشاركة الأجانب في احتفالاتنا محدودة، أما اليوم، فنجد تنوعاً ثقافياً واسعاً أثرى احتفالاتنا وأضفى عليها جمالاً".
وتستذكر البدوي، وهي مواطنة إماراتية تبلغ من العمر 56 عاماً من دبي، احتفالات السبعينيات بقولها لصحيفة "الخليج تايمز": "كانت الإمارات مزينة كالعروس"، مشيرة إلى أن الزينة كانت أكثر بهاءً من حياتهم البسيطة في ذلك الوقت.
وأضافت أن الشوارع كانت تزدان بالأعلام والأضواء وصور الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، مستذكرة فرحتها بمشاركة هذه المناسبة الخاصة مع عائلتها في حدائق أبوظبي، حيث كانوا يحتفلون ويقضون أوقاتاً جميلة مع الأقارب ويستمتعون بالعروض التقليدية مثل اليولة والعيالة.
وعن الاختلافات بين الماضي والحاضر، أضافت البدوي: "قبل عدة سنوات، كان الناس يتجمهرون في شارع الدفاع، المعروف اليوم بشارع الثاني من ديسمبر، أو القرية التراثية. كان ملتقى يجتمع فيه العديد من الإماراتيين للمشاركة في العروض والمسابقات التقليدية التي تحتفي بتراثنا الإماراتي الأصيل".
واستطردت قائلة: "تحمل احتفالات اليوم نفس الروح، ولكن مع بعض التغييرات الملحوظة. ففي الماضي، كانت مشاركة الأجانب محدودة جداً، أما اليوم، فنجد تنوعاً كبيراً في الجنسيات. وقد أثرى هذا التنوع الثقافي احتفالاتنا، وساهم في تعريف الآخرين على ثقافتنا الإماراتية".
أما حسين عبد الله، البالغ من العمر 64 عاماً، والذي يقيم في الشارقة وقد خدم في الجيش خلال ثمانينيات القرن الماضي، فقد شاركنا تجربته قائلاً: "كنا نذهب إلى أبوظبي للاحتفال باليوم الوطني. كانت هناك عروض عسكرية بسيطة في الثاني من ديسمبر، لكن هذه الفعاليات تطورت كثيراً مع مرور الزمن".
وبعد أبوظبي، انتقلوا إلى الشارقة، وهناك، خلال احتفالات اليوم الوطني، كان يصطحب أبناءه، وكانوا يرتدون الزي الوطني، للمشاركة في مسيرة المشي على الكورنيش، مُلوّحين بالأعلام وحاملين صور الشيخ زايد والشيخ سلطان القاسمي.
واختتم حديثه قائلًا: "كان الاحتفال أبسط من اليوم، لكن الروح الوطنية ظلت هي نفسها".
أما فاطمة حسين، البالغة من العمر 24 عاماً، والتي تعيش في الشارقة، فقد استعادت ذكريات احتفالاتها في المدرسة الابتدائية قائلة: "كنا نقضي يوماً كاملاً في الاحتفال باليوم الوطني". ووصفت بدقة كيف كانوا يؤدون الرقصات في المدرسة ثم ينطلقون في رحلة لتقديم عروضهم على خشبة المسرح الثقافي في الشارقة.
وأضافت: أتذكر في عام 2008 قدمنا عرضاً أمام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة، وكانت من أجمل اللحظات التي شعرت فيها بالفخر، ولن أنسى هذه الذكرى ما حييت".
وتحدثت فاطمة عن كيفية تزيينهن أنفسهن بالذهب، مرتدياتٍ الحليّ التقليدية مثل "الطاسة" على رؤوسهن، و"مرية" و"مرتعشة". وقالت: "كنا نبدو كالعرائس"، مؤكدة مدى شغفهن بالتزيّن بالذهب العربي التقليدي.
واستذكرت إحدى الرحلات المدرسية التي لا تُمحى من الذاكرة خلال احتفالات اليوم الوطني، عندما شكّلوا أكبر علم بشري ودخلوا موسوعة غينيس للأرقام القياسية بفضل هذا الإنجاز، قائلة: "تجمّعنا من مدارس مختلفة، وكانت كل مجموعة ترتدي لوناً من ألوان العلم".
واستطردت قائلة إن "من أكثر الفعاليات تشويقاً هي مسيرة المشي، حيث يجتمع الجميع لإنشاد الأغاني الوطنية والسير على طول الكورنيش في مسيرة وطنية مهيبة، مُلوّحين بالعلم بكل فخر واعتزاز. وفي نهاية الاحتفال، نعود إلى المدرسة في التاسعة مساءً ثم إلى منازلنا."
وأعربت دلال سهيل (12 عاماً) التي تعيش في دبي عن سعادتها الغامرة بالاحتفالات، وقالت: "كانت الاحتفالات تمتد دائماً لأيام، وأنا أستمتع كثيراً بالمشاركة في العروض الوطنية".
وأضافت: "نقدّم عروضاً لمدة أيام، أولاً في المدرسة، ثم نتوجه إلى إحدى المؤسسات الحكومية لتقديم العروض"، معربة في الوقت نفسه عن حبّها للأغاني الوطنية، وقالت: "أحب الاستماع إلى الأغاني الوطنية قبل وبعد اليوم الوطني بأيام، فهي تشعرني بالفخر بانتمائي لهذا الوطن".
وتابعت دلال: "تقيم عائلتي أيضاً احتفالاً سنوياً حافلاً بالفعاليات، أحياناً نحجز مزرعة للاحتفال، وأحياناً نحتفل في المنزل، وأحياناً أخرى في الصحراء، لا يهم المكان بقدر ما تهمنا الأجواء العائلية والمشاعر الوطنية الدافئة".