يحمل "أورلي" جواز سفره في يده اليمنى ووسادة وردية على شكل قلب في يده اليسرى، وهو يشعر بالسعادة حيث سيتمكن أخيراً من رؤية عائلته في الفلبين بعد فراق 16 عاماً طويلة. وعلى بعد خطوات قليلة منه تقف "جوان"، التي تشعر بنفس القدر من السعادة للعودة إلى الوطن مع ابنها البالغ من العمر ثلاثة أشهر.
كان أورلي البالغ من العمر 43 عاماً، وجوان البالغة من العمر 35 عاماً (مع طفلها زين) هم من المجموعة الأولى العائدة إلى وطنهم بمساعدة من مبادرة الإعادة الجماعية للفلبينيين من بين الأفراد المستفيدين من برنامج العفو عن التأشيرات الجاري حالياً في الإمارات العربية المتحدة. سعى ما مجموعه 64 فلبينياً متجاوزين مدة إقامتهم - 35 من أبوظبي و 29 من دبي - إلى الحصول على مساعدة في العودة إلى وطنهم من الحكومة الفلبينية، وغادروا دبي إلى مانيلا مساء الخميس عبر رحلة الخطوط الجوية الفلبينية PR 659.
يصلان إلى مانيلا في صباح الجمعة، وقال أورلي إن أول شيء سيفعله عندما يصل هو احتضان ابنتيه الكبيرتين عندما يراهما. قال أورلي لصحيفة خليج تايمز في مطار دبي الدولي يوم الخميس: "كانتا تبلغان من العمر ثماني وسبع سنوات فقط عندما غادرت للعمل في دبي قبل 16 عاماً. الآن ابنتي الكبرى ليسيل هي معلمة تبلغ من العمر 24 عاماً؛ وابنتي الثانية منى ذات الـ 23 عاماً أنهت دراستها الجامعية وحصلت على شهادة في إدارة الأعمال".
وأضاف "كل تلك السنوات التي لم أر فيها ابنتي يكبرن أصبحت مجرد ذكرى بعيدة. أنا الآن في سلام لأنني سأعود أخيراً إلى المنزل وسأكون مع عائلتي للأبد".
وقال أنه لم يتمكن من زيارة منزله في "باتانجاس" لمدة عقدين من الزمن تقريباً لأنه كان يتنقل من وظيفة إلى أخرى ومن شركة إلى أخرى. عمل أولاً في شركة تصنيع زجاج في دبي عام 2008 ثم انتقل إلى أبوظبي. وبعد انتهاء عقده، انتقل إلى شركة أخرى. وكانت آخر وظيفة رسمية له في الشارقة لكن لسوء الحظ كما قال، لم يتلق هو والعمال الآخرون أجورهم لعدة أشهر.
وفي عام 2020، وفي ذروة فترة الجائحة، فقدوا وظائفهم وانتهت صلاحية تأشيرة إقامتهم في النهاية. منذ ذلك الحين، كان أورلي يقيم في البلاد بشكل غير قانوني وكان يعمل في وظائف عشوائية ليستطيع إعالة أسرته وتوفير احتياجاته الشخصية.
وفي آخر مرة تحقق فيها أورلي من غرامات تجاوز مدة الإقامة في الإمارات الخاصة به، قال أنها تجاوزت 60 ألف درهم. وأضاف: "لحسن الحظ، أعلنت حكومة الإمارات عن برنامج العفو وكنت من بين الذين تقدموا بطلب العفو على الفور".
مع بداية برنامج العفو في الأول من سبتمبر، بالنسبة لأورلي، كان اليوم حلواً ومريراً في ذات الوقت حيث كان ذلك أيضاً هو اليوم الذي توفيت فيه والدته البالغة من العمر 77 عاماً. وقال: "كان من المفترض أن يتم الدفن في الثاني عشر من سبتمبر، ولكنني طلبت من عائلتي تأجيل ذلك إلى الأحد الموافق للخامس عشر من سبتمبر حتى أتمكن من رؤية والدتي للمرة الأخيرة قبل دفنها".
وحتى بعد كل ذلك، قال أورلي أنه راض عن حياته في الإمارات العربية المتحدة. وأضاف: "نعم، كانت هناك تضحيات كثيرة - كنت بعيداً عن عائلتي، كما اضطرت زوجتي للعمل كعاملة منزلية في المغرب - لكنني فخور بقدرتي على إعالة أسرتي"، وأضاف: "لقد أنهت ابنتاي دراستهما الجامعية وهما الآن موظفتان. كما اشتريت قطعة أرض أخطط لبنائها للتقاعد هناك".
في هذه الأثناء، تعود جوان البالغة من العمر 35 عاماً، إلى وطنها لتربية طفلها زين في الفلبين. كانت تعمل كموظفة مبيعات في دبي، لكن شركتها لم تدفع راتبها لعدة أشهر، لذا قررت العمل بدوام جزئي، ولكن صاحب عملها اكتشف هذا الأمر، فرفع دعوى هروب ضدها في يونيو من العام الماضي.
وبسبب القضية وتراكم الغرامات عليها بسبب تجاوز مدة إقامتها، لم تتمكن جوان من العثور على عمل. وقالت جوان: "إن العفو نعمة حقيقية لنا"، مشيرة إلى أن "قضية الهروب الخاصة بي قد تم إلغاؤها وأنا الآن أغادر دولة الإمارات دون غرامات".
ويشمل برنامج العفو جميع أنواع التأشيرات، بما في ذلك تأشيرات السياحة والإقامة منتهية الصلاحية. ويتاح لمن ولدوا بدون وثائق رسمية الاستفادة من العفو وتصحيح وضعهم. كما يمكن لمن هربوا أو تغيبوا عن كفلائهم التقدم بطلب العفو. ومع ذلك، لا يمكن لمن دخلوا البلاد بشكل غير قانوني التقدم بطلب العفو.
وأفضل مافي البرنامج بالنسبة للمتقدمين بطلبات العفو، هو أنه لن يتم فرض أي حظر عليهم من دخول البلاد مرة أخرى، ويمكنهم العودة إلى الإمارات في أي وقت ولكن بالتأشيرة المناسبة.
وقالت جوان أنها قد تفكر في العودة والعمل مرة أخرى في دبي ولكن فقط عندما يصبح طفلها في السن المناسب لتركه مع عائلتها في الوطن.
وقبل مغادرة الإمارات، تحدث المسؤولون الفلبينيون مع العائدين من شعبهم. كما أعرب السفير الفلبيني ألفونسو فير عن "امتنانه العميق لحكومة الإمارات العربية المتحدة لكرمها في التنازل عن الغرامات والعقوبات، والسماح للفلبينيين وغيرهم من الوافدين بمغادرة البلاد بكرامة مع خيار العودة والدخول إلى الإمارات العربية المتحدة في المستقبل بتأشيرة مناسبة".
وقال القنصل العام "مارفورد أنجيليس" أيضاً إن غالبية الفلبينيين العاملين في الخارج "كانوا قد فروا سابقاً من أصحاب عملهم ولم يتمكنوا من تأمين عمل دائم في الإمارات العربية المتحدة. والجدير بالذكر أن أحد العائدين من دبي قد تجاوز مدة إقامته في الإمارات العربية المتحدة لمدة 2118 يوماً. بالإضافة إلى ذلك، تجاوز عامل فلبيني آخر - كان قد غادر قبل هذه المجموعة - مدة إقامته في الإمارات العربية المتحدة لمدة 5218 يوماً".
وبالإضافة إلى الموظفين الدبلوماسيين الفلبينيين، كان مسؤولون من مكتب العمال المهاجرين في أبوظبي ودبي - بقيادة الملحقين العماليين تيريزا أولجادو وجون ريو باوتيستا - حاضرين أيضاً في المطار لمساعدة العائدين الذين بلغ عددهم 64 شخصاً.