تكلفة العلاج تشكل عاملاً مهماً 
الحياة والمعيشة

العلاج النفسي بين التكاليف الباهظة والوصمة الاجتماعية

زين بسلت

إن التكلفة المرتفعة للعلاج والوصمة المرتبطة بالصحة العقلية هي الأسباب التي تجعل العديد من الناس يختارون البحث عن العزاء في كتب المساعدة الذاتية والاعتماد على مصادر الإنترنت غير الموثوقة بدلاً من الخضوع للعلاج المهني التقليدي.

أجرت"نفسي هيلث" Nafsi Health، وهي منصة علاجية معتمدة عبر الإنترنت، استطلاع رأي مؤخراً كشف أن الوصمة تظل العائق الأكثر أهمية أمام العلاج. وذكر ما يقرب من 9 من كل 10، أو 87 في المائة من المشاركين، أن الخوف من حكم الأسرة والمجتمع هو السبب الرئيسي لتجنبهم العلاج.

وقال طيب حسن، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للمنصة لصحيفة الخليج تايمز: "أصبحت كتب المساعدة الذاتية خياراً شائعاً للشباب الذين يترددون في طلب المساعدة المهنية". وأضاف: "هناك رغبة قوية بين هذه الفئة السكانية في التعامل مع مشاكلهم بشكل مستقل، دون الشعور بالضعف الذي يأتي مع طلب العلاج."

تكلفة باهظة

ورغم أن الوصمة تلعب دوراً حاسماً، فإن تكلفة العلاج تشكل عاملاً آخر مهماً يمنع الشباب من طلب المساعدة المهنية. ففي الإمارات العربية المتحدة، حيث لا تزال خدمات الصحة العقلية في طور النمو، قد يكون العلاج باهظ التكلفة بالنسبة للعديد من الناس.

وأوضح حسن أن "العلاج يمكن أن يكون مكلفاً، وخاصة بالنسبة للشباب الذين لا يزالون في مرحلة تأسيس حياتهم المهنية"، مضيفاً: "توفر كتب المساعدة الذاتية بديلاً أقل تكلفة، مما يسمح لهم باستكشاف حلول الصحة العقلية دون إنفاق الكثير من المال."

كما أوضح حسن. ومع ذلك، فإن القيود المفروضة على كتب المساعدة الذاتية واضحة. "كتب المساعدة الذاتية لا يمكنها أن تأخذك إلى أبعد من ذلك. فهي تقدم نصائح عامة، لكنها تفتقر إلى التوجيه الشخصي الذي يمكن أن يقدمه المعالج المدرب. وبدون الدعم المهني، قد يفوت الأفراد الفهم العميق واستراتيجيات التأقلم اللازمة لحالتهم المحددة"،

مفاهيم خاطئة حول العلاج

هناك عامل آخر يساهم في انتشار كتب المساعدة الذاتية وهو المفهوم الخاطئ المحيط بالعلاج النفسي. فالكثير من الشباب ينظرون إلى العلاج النفسي باعتباره الملاذ الأخير، وهو أمر لا ينبغي اللجوء إليه إلا عندما تصبح مشاكلهم غير قابلة للإدارة.

كما يقول حسن "يوجد خوف بين الشباب من أن طلب العلاج يعني أن هناك خطأ ما فيهم، هذا المفهوم الخاطئ سائد في الشرق الأوسط، حيث غالباً ما يتم وصم مشاكل الصحة العقلية. ويخشى الناس أن يؤدي الاعتراف بحاجتهم إلى المساعدة إلى الحكم عليهم أو استبعادهم."

ويزيد الخوف من وصف الأدوية من تعقيد قرار طلب العلاج. وتنتشر على نطاق واسع قصص الرعب حول الإفراط في تناول الأدوية والتشخيص الخاطئ، مما يساهم في الإحجام عن استشارة المعالج. وأوضح حسن أن الشباب يلجأون بدلاً من ذلك إلى كتب المساعدة الذاتية، التي تسمح لهم باستكشاف مخاوفهم المتعلقة بالصحة العقلية دون المخاطر المتصورة المرتبطة بالعلاج.

الرعاية الصحية العقلية معترف بها

وعلى الرغم من هذه التحديات، هناك اعتراف متزايد بأهمية الرعاية الصحية العقلية في الإمارات العربية المتحدة. وتعمل منصات مثل"نفسي هيلث" Nafsi على تغيير هذا السرد من خلال تقديم خدمات علاجية عبر الإنترنت بأسعار معقولة ويمكن الوصول إليها بسهولة. وتوفر هذه الخدمات خياراً أكثر تحفظاً لأولئك الذين قد يترددون في طلب المساعدة شخصياً.

وأضاف حسن "نحاول سد الفجوة بين الحاجة إلى دعم الصحة العقلية والحواجز التي تمنع الناس من طلبها. هدفنا هو جعل العلاج أكثر سهولة وتقليل الوصمة المرتبطة به."

إن نهج المنصة في العلاج يتماشى مع الاتجاه الأوسع المتمثل في دمج التكنولوجيا في رعاية الصحة العقلية. فمن خلال تقديم جلسات العلاج عبر الإنترنت، توفر المنصة Nafsi بديلاً ملائماً وبأسعار معقولة للعلاج التقليدي وجهاً لوجه. وهذا النموذج جذاب بشكل خاص للشباب الذين اعتادوا بالفعل على استخدام التكنولوجيا للتواصل وتحسين الذات.

إن المناقشة بين كتب المساعدة الذاتية والعلاج النفسي ليست على نفس المستوى.

ويعرب عبد الله تكريتي، وهو شاب يبلغ من العمر 20 عاماً ومقيم في الإمارات، عن تفضيله للعلاج النفسي على الرغم من تكلفته. ويقول: "لقد حاولت قراءة كتب المساعدة الذاتية، ولكنها غالباً ما تبدو عامة للغاية. فالعلاج النفسي يوفر مستوى من العمق والشخصية لا تستطيع الكتب ببساطة توفيره."

أفكار وحلول مختلفة

وفي الوقت نفسه، تشاركنا منى مجدلاوية، وهي قارئة شغوفة ومؤيدة لكتب المساعدة الذاتية، وجهة نظر مختلفة. وأوضحت: "ساعدتني كتب المساعدة الذاتية على تطوير وعي أفضل بنفسي والعالم من حولي. وحتى لو كانت تكاليف العلاج أقل، فسأظل أختار الكتب لأنها تسمح لي باستكشاف أفكار وحلول مختلفة بالسرعة التي تناسبني".

ومع ذلك، تعترف مجدلاوية أيضاً بالحدود التي تفرضها كتب المساعدة الذاتية. وتضيف: "بالنسبة لأولئك الذين يعانون من مشاكل صحية نفسية أكثر حدة، فإن العلاج أمر بالغ الأهمية. يمكن للكتب أن تقدم التوجيه، لكنها لا يمكن أن تحل محل الدعم الشخصي الذي يقدمه المعالج المدرب."

مع استمرار نمو الوعي بالصحة العقلية في الإمارات العربية المتحدة، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن كتب المساعدة الذاتية والعلاج لها مكانها في مشهد الصحة العقلية. وفي حين توفر كتب المساعدة الذاتية نقطة بداية سهلة المنال، فلا ينبغي اعتبارها بديلاً عن الرعاية المهنية.

وأكد حسن أنه "لا عيب في طلب المساعدة، سواء من خلال كتاب أو معالج نفسي، فالأمر الأكثر أهمية هو أن يتخذ الناس الإجراءات اللازمة لرعاية صحتهم العقلية."

الطيب حسن
منى مجدلاوية

مواطنات: إلزام الشركات بمقعد للمرأة خطوة نحو الشمولية

رائدات أعمال: عانينا من التحيز ونتطلع لتمثيل أكبر

قفزة قياسية لأسعار الذهب بدبي بعد خفض الفائدة الأمريكية

"كولدبلاي" ..حفل حصري في أبوظبي ضمن جولتها العالمية

50 ألف درهم غرامة 3 كُتاب عَدل بأبوظبي لمخالفتهم التوجيهات والقرارات