بابلو داشيفسكي 
فنون

صحراء الإمارات تلهم"بابلو داشيفسكي" لدمج الفن بالتكنولوجيا

بطريقة مستوحاة من الجمال الخفي للإمارات يستكشف الفنان الإسباني الأرجنتيني آفاقاً جديدة باستخدام الذكاء الاصطناعي والفن.

أخيل حسن

كان "بابلو داشيفسكي" مولعاً بالفن. فعندما كان الأطفال في مثل سنه متحمسين لتعلم حيل كرة القدم، كان يخطط لمشروعه التالي. وكان والداه المحبان للفن قد قررا قبل تسجيله في دروس الرياضة أو اللغات أن يلتحق بعالم الفنون كالرسم والنحت.

يتذكر رجل الإعلان الإسباني الأرجنتيني البالغ من العمر 44 عاماً، والذي خاض مؤخراً عالم فن الذكاء الاصطناعي الماضي فيقول : "والدتي رسامة، لذا بدأت رحلتي إلى الفن عندما كنت صغيراً جداً. كان الفن جزءاً من حياتنا اليومية، وكنت دائماً أرسم أو أنحت مع والدتي وأخي. لدي العديد من الذكريات عن قيامنا نحن الثلاثة بشيء فني معاً. كانت هذه طريقتنا للبقاء معاً".

يقول المقيم في دبي (بابلو داشيفسكي): "إنه يُرجع الفضل إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في إلهامه للبدء في هذه المغامرة الإبداعية". ويضيف: "أشعر بأن لدي ارتباطاً بالصحراء، وهو شيء اكتشفته أيضاً هنا؛ لأنها المرة الأولى التي أعيش فيها في مكان به هذه الصحراء الرائعة، حيث يمكنك التجوّل والشعور بعظمة كل شيء. لذلك أعطاني كل هذا الكثير من الإلهام للقيام بشيء جديد ومختلف. أعتقد أن الأمر كله كان يتعلق بهذا الشعور الذي حصلت عليه منذ البداية، وهو أن جمال هذا البلد لا يكون واضحاً للوهلة الأولى ".

الانتقال إلى الرقمي

أما بالنسبة للعمل مع الذكاء الاصطناعي، فقد جاء التحول إلى العالم الرقمي بشكل طبيعي.

يتذكر داشيفسكي أنه كان فضولياً يحبّ الأسئلة حول التكنولوجيا والأشياء الجديدة اللامعة، وأحدث الأدوات في العالم الرقمي منذ سن مبكرة. ولم يؤد انتقاله إلى مجال الإعلان إلا إلى ترسيخ هذا الشعور بالدهشة بشكل أكبر. ويوضح: "كنت أرسم المصابيح أو أي شيء آخر، وفي نفس الوقت كنت أستخدم التكنولوجيا، وأقوم بعمل كولاجات رقمية ( عمل فني تصويري) وأشياء رقمية. أتذكر أنني قمت بعمل مجموعة من الرسوم التوضيحية باستخدام برنامج إكسل عندما كنت في الثامنة عشرة أو العشرين من عمري".

لذا عندما رأى استخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد الكلمات والصور، بدا له الفن وكأنه الخطوة التالية لذلك. يقول: "التعلم الآلي مفهوم و معروف جداً، وليس جديداً، إنما الجديد هو كيفية استخدام الناس له. كما تعلم، هناك عقول مبدعة للغاية على مستوى العالم تسعى دائماً لتطوير التكنولوجيا. لذا عندما سمعت للتو عن (تشات جي بي تي) chatGPT وجميع منصات الذكاء الاصطناعي التوليدية، بدأت مؤخراً في المحاولة والاختبار والقيام ببعض الأشياء".

أحلام الامارات الكهربائية

تستلهم أعمال داشيفسكي الفنية ــ التي يبيعها عبر الإنترنت تحت العلامة التجارية "مابيور" (Mapure)، وهو اسم اشتق من مزيج من كلمتي "خريطة" و"نقي" ــ من الأماكن التي زارها والأشياء التي رآها. وتمثل الأعمال الفنية في مجموعته مدناً مختلفة، لكن الإمارات العربية المتحدة تحتل مكانة بارزة بينها.

"كنت أعتقد أن الأماكن المختلفة تشترك في الكثير من الأشياء، ولكن عندما أتيت إلى هنا، وجدت أن هذا غير صحيح"، كما قال. "إن جمال أي بلد هو شيء يجب عليك اكتشافه. إنه ليس واضحاً دائماً، فدبي- على سبيل المثال- مدينة كبيرة ذات مبانٍ حديثة للغاية، وهي مثيرة للإعجاب بهذه الطريقة. ولكن هناك أيضاً جواهر مخفيّة من الطبيعة والهندسة المعمارية هنا، فمثلاً: الشاطئ -على سبيل المثال- يمكنك الذهاب إلى شاطئ سياحي روعته تفوق الشاطئ العادي الذي نشاهده في الحياة اليومية.

أنا معجب حقاً بالصّحراء هنا. أعتقد أن لدينا أماكن جميلة جداً وغير مرئية هنا".

يعرّف داشيفسكي الإطار والعناصر التي تشكّل صورة جيدة. ويعترف بأنه لم يتعلم أبداً كيفية استخدام الكاميرا بشكل صحيح، ولكنه عندما يرى نباتاً أو ظلاً أو ضوءاً أو مناظر طبيعية جميلة، فإن هذا يثير شيئاً في خياله، يقول: "أنا أحب هذا الإحساس، ولهذا السّبب ألتقط دائماً هذه الأشياء في ذهني، أو على هاتفي. ثم أبدأ في إعادة إنشائها بطريقة أكثر تجريدية (خيال)، لأنني أعتقد أنني أريد أيضاً إثارة خيال الناس، فالأمر لا يتعلق بمشاركة صورة، ولا بالمكان في حد ذاته، بل يتعلق أيضاً بالشّعور والإحساس الذي يمكن أن يمنحك إياه هذا المكان. وأريد من النّاس أن يحاولوا تخيل ما يحدث هناك، وما سيكتشفونه هناك.

"وعلاوة على ذلك، لا تهدف "مابيور" Mapure إلى تحقيق هدف تجاري حقيقي. أعني أنها تتعلق أكثر بمشاركة جمال الأشياء ومحاولة منح الناس ذلك الشّعور بالدّهشة. كما أنني أحب الطريقة التي أكتشف بها وجهات نظر مختلفة حول مدينة أو مساحة، وأحاول مشاركة هذا المنظور."

جزء إنسان وجزء آلة

وعند الحديث عن تأثير الذكاء الاصطناعي التّوليدي على فنه، يقول: "إنه يمنحني طريقة أخرى للتعبير عما أبحث عنه، لأنه يمنحك وجهة نظر أخرى للأشياء. يمكنك أن تمنحه بعض الإلهام حول الأشياء التي تحبها، ويمكنه أن يمنحك طريقة مختلفة لربط الأشياء معاً؛ فمثلاً: القدرة على استخدام ألوان مختلفة، أو الشعور بـ "الاستيقاظ في الصّباح". بالنسبة للبشر، فإن فهم الأشياء بهذه الطّريقة ليس أمراً طبيعياً، لكن الذكاء الاصطناعي مستعد لمحاولة فهم هذا النوع من المفاهيم. لذلك أنا أستخدم الذكاء الاصطناعي لمنحي وجهات نظر مختلفة. إنه يشبه إلى حد ما الطريقة التي استخدمها أحد الفنانين المفضّلين لدي (الرسام الروسي) فاسيلي كاندنسكي، حيث لم يكن لديه وجهة نظر إنسانية للفن، كان الأمر يتعلق أكثر بالتعبير الحر عن الأشياء ".

وأضاف داشيفسكي أنه يستمتع أيضاً بالتّناقض الذي يقدمه: "يمكن للذكاء الاصطناعي أن يمنحك بالضبط ما تطلبه، مثلاً: أعطني رجلاً يمشي، لكن اطلب منه أن يتخيل الأشياء بشكل مختلف، وستحصل على شيء غير متوقع تماماً، وهو ما يذهلني، أعتقد أن الاستخدام المثالي للذكاء الاصطناعي هو مزج الأمرين إبداعنا والقوة للحصول على فهم مختلف تماماً لبيئتنا لأن البرنامج ليس لديه القيود و الأفكار (الفكر الثقافي والاجتماعي ..إلخ) التي لدينا والتي تلون إدراكناو تحدُّ منه. لا يوجد حد له ببساطة ".

تستمر الرحلة التي بدأت في سنواته الأولى. وهذه المرة تتجه بشكل طبيعي نحو استخدام آلة لإعطاء شكل جديد لانطباعاته الإنسانية.

استطلاع: حوادث الطرق تتصدر قائمة المخاطر في الإمارات

20 ألف شتلة لمزارعي الإمارات لتوسيع المساحات الخضراء

26 مركبة ودراجة نارية حجزت للضوضاء في الخوانيج

67% من سكان الإمارات بين 36 و60 عاماً مصابون بالسكري

مطالب الأطفال في الإمارات تزيد الأعباء المالية على الآباء