من الصعب أن تجد قصصاً مصورة تدور أحداثها في الخليج، أما القصص المصورة التي تؤلفها النساء فهي أكثر غرابة، لكن "آنا ثاكر"ي تشكل استثناءً.
الفنانة البالغة من العمر 50 عاماً هي مولفة سلسلة "روايات شمال"، وهي قصة مصورة مثيرة مكونة من تسعة مجلدات مستوحاة من الحكايات والتراث والتاريخ والمناظر الطبيعية في الشرق الأوسط.
آنا ثاكري هي في الأصل من جنوب أفريقيا، وسافرت لتعيش في البحرين في عام 2008 ثم إلى أبوظبي في عام 2017. وقالت لصحيفة خليج تايمز : "منذ أن كنت طفلة، كنت دائماً مفتونة بقصص الشرق الأوسط".
"عندما كنت أعيش في البحرين، صادقت رجلاً مسناً من أهل المنطقة، كنا نذهب لاحتساء القهوة وكان يحكي لي عن كل القصص من قطر والبحرين ومن مختلف أنحاء المنطقة."
"لقد كانت قصصاً مذهلة للغاية، وقد ولدت فكرة تأليف القصص المصورة بأكملها هناك. على سبيل المثال، تستند الشخصية الرئيسية التي ابتكرتها إلى أسطورة "أم الحمير"، وهي حكاية شعبية تُروى في مختلف أنحاء الشرق الأوسط".
رغم أن أحداث سلسلتها تدور في الغالب في البحرين، إلا أن أحداث كتابها التاسع -عملية الدرع- تدور في أبوظبي.
في نهاية الكتاب، أقوم بتحليل متحف اللوفر أبوظبي بشكل شامل. لذلك، أرسلته إلى المدير التنفيذي قبل نشره، فقط للتأكد من أنه لن يكون مستاءً من ذلك. لقد نال إعجابه كثيراً، ولم يعترض على أنني جعلت الشخصية التي تستند إليه امرأة أيضاً.
"أنا أحرص دائماً على أن لا أزعج أي شخص وعلى عدم إخراج شيء ما عن سياقه."
بالإضافة إلى رواياتها المصورة، ثاكري هي أيضاً رسامة ونحاتة، وأصبحت مؤخراً مؤلفة كتب للأطفال.
تم تشخيص إصابة ثاكري باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في عام 2021، وهي الآن تستطيع إدارة حالتها بمساعدة الفن.
تقول: "الفن يهدئ ذهني، ويجعلني أنسى أي شيء يشعرني بالقلق. كما أن اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة هو أيضاً قوتي العظمى، حيث يمنحني قدرة مذهلة على التركيز بشدة. لا يهم مدى الصعوبة أو الملل الذي يكمن في انجاز مهمة ما، فأنا لا أتوقف حتى أنتهي منها".
قد يكون تركيزها شديداً لدرجة أنها تنسى غالباً تناول الطعام أو الشراب. "إذا لم أقم بجدولة فترات راحة، فسوف أعمل لمدة 12 ساعة متواصلة دون الشعور بالجوع أو العطش. قد ينتهي بي الأمر أن أصاب بالجفاف، وهو أمر غير جيد بالطبع! لكن الجانب الإيجابي هو أنني أنهي المشاريع بسرعة كبيرة. أحب عملي كثيراً لدرجة أنني لا أحتاج إلى أخذ إجازة. الفن هو وسيلتي للتخلص من التوتر".
ثاكري هي من رواد معارض الأفلام والقصص المصورة كوميكون في الإمارات العربية المتحدة والبحرين ولندن. ولكن اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة الذي تعاني منه يعني أنها تواجه صعوبات في التعامل مع الحشود في بعض الأحيان.
وتوضح: "أضطر إلى التظاهر بأنني شخص مختلف تماماً عندما أحضر تلك اللقاءات، وقد وجدت طرقاً مختلفة للتكيف. إن رش نفسي بالكثير من عطري الخاص يجعلني أشعر بالأمان، كما أتخيل باستمرار أنني في المنزل في نهاية اليوم. لحسن الحظ، زوجي اجتماعي جداً، وأحياناً يتولى الأمر عندما لا يمكنني الاستمرار. بعد ذلك، أشعر وكأنني زومبي لمدة ثلاثة أو أربعة أيام. أشعر بالاستنزاف التام وكأن شخصاً ما سحب القابس من مصدر الطاقة الخاص بي".
"لكن حضور هذه الفعاليات شرف عظيم. ولسبب ما، لدي عدد كبير من المتابعين في المملكة العربية السعودية، وأود أن أذهب إلى معرض كوميكون في المملكة أيضاً".
بعد أن عاشت معظم حياتها مع اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه دون أن يتم اكتشافه، فإن تشخيص حالتها جعل العديد من الأمور التي تمر بها تبدو منطقية.
وأضافت: "أنا أيضاً مصابة باضطراب التوحد. لقد ساعدني اكتشاف ذلك جداً، وكان مفيداً لزوجي أيضاً. الآن، نفهم كلينا سبب انزعاجي عندما أكون بين الكثير من الناس، ولماذا أتحرك كثيراً، ولماذا أنسى الأشياء كثيراً ويتشتت انتباهي بسهولة".
تتناول ثاكري تغير المناخ كموضوع شيق آخر في قصصها المصورة، وجميع منحوتاتها للحيوانات المحلية تصنعها من أشياء مهملة عثرت عليها بالقرب من منزلها على شاطئ السعديات.
وأضافت "تضيع ملايين كرات الجولف يومياً في مختلف أنحاء العالم، وتصدر مواداً ضارة أثناء تحللها. أعيش بجوار نادي السعديات للجولف، ودائماً ما أجد كرات ومحملات الجولف".
"قررت تحويلها إلى منحوتة لغزال، وأعمل الآن على صنع صقر أيضاً. كما صنعت سلحفاة منقار الصقر من بعض المخلفات التي وجدتها، وأريد بعد ذلك أن أصنع أخطبوطاً من جميع الصناديق الكرتونية الضخمة التي تأتي مع الطرود هذه الأيام. منذ أن كنت طالبة، كنت أعمل بالأشياء التي أمتلكها من حولي. كانت أعمالي الفنية مستدامة من فترة طويلة قبل أن يتم الاعتراف بها على أنها كذلك."