داني جارسيا 
طعام

دبي: "داني جارسيا" .. فلسفة طهي تجمع بين الأصالة والعصرية

من بين أعظم الأسماء في عالم الطهي ووجد مطعمه الشهير "سموكد رووم" في مدريد طريقه إلى هنا في دبي

حسين عباس رضوي

منذ أن كان طفلاً، كان "داني جارسيا" يجرب الطهي في المنزل بطريقةٍ غير احترافية، كان والداه وجدته طهاةً ماهرين، وكان كل شيء في منزل جارسيا يدور حول المائدة، مثل: الخروج لشراء الزيت أو قطف الهليون من الريف، وهو نفس نوع الأشياء التي يفعلها الأشخاص الذين يقدرون ثقافتهم وتقاليدهم.

هكذا استيقظ شغف داني، والآن بعد حصوله على العديد من نجوم ميشلان، أصبح من بين أعظم الأسماء في عالم الطهي، وقد وجد مطعمه الشهير "سموكد رووم" Smoked Room في مدريد طريقه إلى هنا في دبي حيث التقينا به للتعرف على فلسفته في الطهي.

وتحدثنا أيضاً عن دور جارسيا في "إضفاء أجواء غير رسمية" على المطبخ الإسباني، ومفاهيمه في دبي، ومشهد الطهي في المدينة. وفيما يلي مقتطفات محررة من المقابلة:

لقد كنت من رواد إضفاء أجواء غير رسمية على المطبخ الإسباني. كيف تتعامل مع التحدي المتمثل في الحفاظ على الأصالة مع جعل هذه النكهات متاحة على مستوى العالم؟

إنّها مسألة عملٍ جماعيّ، أعتقد أنه عندما تبدأ الشركة في النمو، فإنها تحتاج إلى أفضل الأشخاص من حولك حتى تترجم فلسفتك وطريقة رؤيتك للأشياء في المطبخ وطريقة الخدمة، وبهذا المعنى، فأنا مُصرٌّ للغاية وأحاول أن أحيط نفسي بأفضل الأشخاص الذين يمكنهم نقل هذه الفلسفة، وهذا يشمل كل من يعمل معي مباشرة في المكتب، وأولئك الذين يسافرون، والموظفين في المطاعم، لا توجد طريقة أخرى، لا توجد عصا سحرية تجعل جميع أطباقك تظهر فجأة بنفس الطريقة في كل مكان، إنها مسألة إنسانية، وما نحاول القيام به هو أن يكون لدينا قسمٌ خلفيّ يحتوي على وصفات وتكاليف وتحضيرات، وكلّ شيء أكثر صلابةً حتى يتمكّن الجميع من فهمه، وبكل الأدوات التي لدينا ونقدمها للفريق، وبفريق جيد، يمكن القيام بذلك.

أصبحت دبي وجهةً مهمّة بشكل متزايد في عالم الطهي، وقد جلبت مفاهيم، مثل: "لينا و سموكد رووم" إلى المدينة.

لقد تغير المشهد بشكل جذري في السنوات الأخيرة، أتذكر أنني أتيت منذ فترة طويلة، وكان المكان الوحيد المثير للاهتمام حقاً هو زوما، أعتقد أنه وضع الأساس لشيء مثيرٍ للاهتمام حقاً على مستوى الطهي، منذ ذلك الحين، أعتقد أنه على مدى السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، تطور بسرعة كبيرة ومذهلة. وبما أنها مدينة أعرفها جيداً، فقد كان من المثير جداً وجود كلا المفهومين هنا، لذا، أتوقع مستقبلاً واعداً، كما آمل في كثير من الحالات، في مواقف مثل هذه أن تصبح المدينة مكاناً ترغب كلّ شركة مطاعم أن تكون فيه، مما قد يؤدي إلى تشبّع مفرط بالمفاهيم، آمل ألا يحدث ذلك، وآمل أن يكون هناك جمهور كافٍ لدعم الجميع، مما يعزز كل من "لينا وسموكد رووم" Leña وSmoked Room بهذا المعنى، فمستوى الطهي اليوم مقارنة بدبي قبل عشر سنوات مختلف تماماً.

بفضل مطاعمكم في إسبانيا ونيويورك والدوحة والآن في دبي، تمكنتم من توسيع إمبراطوريتكم على مستوى العالم، ما هي بعض الجوانب الأكثر مكافأة وتحدياً في تحقيق رؤيتكم في مثل هذه المواقع المتنوعة؟

حسناً، بصراحة، أعتقد أن الطريق لا يزال طويلاً قبل أن أشعر بالفخر حقاً، أعتقد أننا نتخذ خطوات لمحاولة تدويل العلامة التجارية، لكن هذه العلاقة صعبة، ليست بالأمر السهل للغاية، لا أشعر بعد أننا علامة تجارية قوية بما يكفي للشعور بالفخر في الخارج، أعتقد أن هناك الكثير من العمل في المستقبل؛ هناك العديد من الأشياء التي نحتاج إلى القيام بها بشكل جيد حتى نشعر بالفخر حقاً بما فعلناه خارج إسبانيا، في النهاية، داخل إسبانيا، الأمر أبسط كثيراً، أنت من هناك، أنت مواطن أصلي، لقد نشأتَ هنا، والجميع يعرف رحلتك على مدار السنوات الخمس والعشرين الماضية ... لكن خارج إسبانيا، الأمر ليس كذلك، لذا فإن البدء من الصفر هو عمل شاق مستمر، وكما قلت، ما زلت أعتقد أن هناك الكثير الذي يتعيّن علي القيام به.

تم الاعتراف بمطعم "لينا" باعتباره أحد أجمل المطاعم في العالم، وحصل مطعم "سموكد رووم" على نجمتي ميشلان في غضون ستة أشهر فقط، ما الذي يمكن أن يتوقّعه روّاد المطاعم في دبي من هذين المطعمين، وكيف يعكسان فلسفتك الطهوية؟

حسناً، هذا أمر مهم جداً بالنسبة لي، فعندما تتخيّل مفهوماً ما، فإنك لا تفكر في الطعام فحسب، بل في البيئة بأكملها، ماهيةِ الطعام، وأين وكيف سيتم تقديمه، وكيف سيبدو العرض، والقائمة، والتصميم الداخلي... أعتقد أن هذه عناصر مهمّة بشكلٍ أساسي، فالمفهوم في الأساس عبارة عن دائرة مغلقة، حيث تبدأ نقطة واحدة في رسم الدائرة، ثم تغلقها نقطة أخرى، ولابدّ أن تتطابق هاتان النقطتان، وإذا لم تغلق هذه الدائرة بشكل صحيح، فسوف تتلاشى الأشياء، وتضيع تفاصيل معينة تمنع المفهوم من أن يكون متماسكاً حقاً.

ما هو نوع الإرث الذي تأمل أن تتركه في عالم الطهي بصفتكَ الشيف داني جارسيا؟

بصراحة، هذا شيء لم أفكّر فيه قط، ولا أريد التفكير فيه، وهو ليس هدفي الرئيسي حقاً، أعتقد أنني فعلتُ ما يكفي على مر السنين لأشعر بالفخر بما أنجزته، على سبيل المثال، رؤية أنّ أي شاب اليوم يمكنه ابتكار مطبخ عصري، ليس فقط في الأندلس، ولكن حتى خارجها، ويعتقد أنه يمكنه صنع الغازباتشو أو الغازباتشويلو، بالتأكيد، الأمر أسهل بكثير الآن، ولكن عندما صنعنا أوّل غازباتشو بالكرز في عام 1998، مرت سنوات عديدة، ولا يزال يبدو حديثاً اليوم، هناك العديد من الأطباق من هذا القبيل، وأنا فخورٌ للغاية بأنها تُستخدم بشكل طبيعي اليوم لأنّ تلك كانت بدايتي، لا أعتقد أن هناك أيّ شيء أجمل من ذلك، لكنني أيضاً لا أكافح أو أعمل فقط، بل كل يوم أفكر في ترك إرث، في النهاية، عاجلاً أم آجلاً أكثر من آجلاً كل شيء له دورته ولحظته، تماماً كما كان للمطبخ الراقي وقته بالنسبة لي، لقد بذلت ما يكفي من الجهد في هذا الجزء غير الرسمي من حياتي، وأسست ما يكفي من العلامات التجارية حتى أتمكن من التطور بسلام، ومن الواضح أنني سأرحل ذات يوم، كما قلت، عاجلاً وليس آجلاً، وأعتقد أن الرحيل في الوقت المناسب هو انتصار؛ لقد فعلت ذلك في المطبخ، والآن في هذة الفترة، ستأتي اللحظة التي سأفعل فيها ذلك مرة أخرى.

مع التركيز المتزايد على الاستدامة في عالم الطهي، كيف تقومون بدمج الممارسات المستدامة في مطابخكم، وخاصة في مواقع مثل دبي، حيث يشكل الحصول على المنتجات المحلية تحدياً؟

إنها إجابة معقدة حقاً؛ لأن المفهوم يتطلب في النهاية سلسلة من المواقف، ومجموعة متنوعة من المنتجات التي يتعيّن علينا في كثير من الحالات إحضارها من الخارج، على سبيل المثال، في حين يمكن إنتاج زبدة الأغنام بطريقة مستدامة للغاية، وربما يكون سمك التونة الذي نستخدمه من خلال أكثر طرق الصيد استدامةً في العالم، إلا أننا ما زلنا بحاجة إلى إحضارها، لا أستطيع أن أجيبك بطريقة غامضة وأقول الكثير من الأشياء التي نصفها صحيح؛ لأنّ هذا سيكون مضللاً، إنه ليس مكاناً سهلاً لاحترام كل هذا لأنه في النهاية نحتاج - ويحتاج المفهوم نفسه - إلى مجموعة من المنتجات التي يجب أن تأتي من الخارج، ليس هذا فحسب، بل إن العديد من الأشياء التي نحتاجها، نحاول الحصول عليها بمسؤولية، وتطبيق الحس السليم دائماً في كل ما نقوم به؛ لأننا نقوم بشيء خطير للغاية: توفير الغذاء، ولكن هناك حدود معيّنة؛ لأنه، كما قلت، يتطلب المفهوم سلسلة من العناصر التي لا يمكنك تخطيها، والتي يجب عليك استخدامها، وربما في هذه الحالات، لا توجد حلول أكثر استدامة قابلة لتطبيق المفهوم، حسناً، إنه سؤال جيد، ولكن كما قلت، فهو يأتي بإجابة أكثر تعقيداً، وربما أقل إثارة للاهتمام مما يرغب الكثير من الناس في سماعه.

ما هي النصيحة التي تقدمها للطهاة الشباب الذين يطمحون إلى بناء علامة تجارية عالمية في مجال الطهي مع البقاء على وفائهم لجذورهم الثقافية؟

حسناً، لطالما اعتقدت أن الشباب يواجهون صعوبة أكبر في الإبداع مقارنةً بنا في وقتي، نحن نعيش في عصر أعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي أضرّت فيه بالإبداع كثيراً؛ لأنها تجعل الأمور سهلة للغاية، وفي النهاية، لا يكون تفكيرك هو نفسه، ففي أواخر التسعينيات، عندما بدأت الطهي، لم يكن هناك إنترنت ولا وسائل تواصل اجتماعي... لم يكن لدي سوى الكتب، وأنفقت كل أموالي على رحلاتي لمعرفة ما يفعله الآخرون، لذا بطريقة ما، اضطررت إلى أن أكون مبدعاً بطريقة أكثر طبيعية لأنني لم أكن أمتلك تلك الموارد.

ربما كان من الممكن أن نقول إنه لم يكن هناك خيار آخر، أعتقد أنه لكي تتمكن من الإبداع، عليك أن تحاول أن تكون نفسك قدر الإمكان، واليوم أصبح هذا الأمر صعباً عندما يكون لديك الكثير من الأشياء في متناول يدك، والتي تعد أدوات تجعل الحياة أسهل من ناحية، ولكنها من ناحية أخرى تسلبك بعضاً من عبقريتك وإبداعك، الرسالة الحقيقية، لأنني لا أجرؤ حتى على تسميتها نصيحة، هي أن تحاول أن تكون نفسك، كما اعتاد (فيران أدريا) أن يقول، في الأساس، يرغب الكثيرون في الظهور على شاشة التلفزيون يوماً ما، وأن يصبحوا مشهورين نسبياً، ولكن هناك أشياء أكثر أهمية؛ إذا قمت بذلك جيداً، فسوف يأتي كل ذلك عاجلاً أم آجلاً، دون الوقوع في فخ الرغبة في أن تكون شيئاً آخر غير ما أنت عليه.

ما هو المكون الذي لا يستخدمه داني جارسيا، والمكونات الأخرى التي لا يستطيع الاستغناء عنها؟

حسناً، أحاول استخدام مجموعة متنوعة من المكونات، ولكن لدي بعض الخصائص الغريبة، مثل جوز الهند، على الرغم من أنني أكرهه قليلاً، وهو ليس أحد مكوناتي المفضّلة، إلا أنني أستخدمه، أستخدمه لسبب بسيط للغاية: أنا لا أطبخ لنفسي فقط، بل لكثير من الأشخاص الآخرين، ولدينا جمهور واسع جداً، لذا الأمر يتعلق بإعداد أشياء للجميع وعدم تجنب مكون لمجرد أنك لا تحبه، ثم هناك مكون واحد أحبه وأفتتن به، وهو الطماطم، أنا أعشق الطماطم وأنواعها العديدة، من الأكثر حمضية إلى الأكثر حلاوة، بصراحة، لا أعتقد أنني كنت لأبتكر مطبخي بدون الطماطم.

إعادة افتتاح "عين دبي": أكبر عجلة ترفيهية في العالم

تجارب سكان برج خليفة مع تجهيزات ليلة رأس السنة

40% زيادة في التسجيل بمدارس دبي للفصل الثاني

الإمارات: 3 ملايين درهم حفلات زفاف فاخرة على متن السفن السياحية

الإمارات: جيلا الألفية و"زد" يفضلون العمل أثناء الإجازة