اشتهرت "مايلي سايرس" بغنائها "أستطيع أن أشتري لنفسي الزهور... أستطيع أن أخرج مع نفسي للرقص... أستطيع أن أمسك يدي بنفسي..."
ولكن في حين يحتفل المجتمع الحديث باستقلال المرأة، فإن الحقيقة هي أن الاستقلال الزائد لدى النساء يساهم في ارتفاع غير مسبوق في حالات الطلاق في فترة منتصف العمر.
إن الاستقلال الزائد هو الاعتماد المفرط على الذات، حيث يشعر المرء بأن إظهار التأثر بأي أحاسيس هو ضعف وأن إظهار المشاعر هو بمثابة فضح لنقاط الضعف. وتؤدي هذه العوامل إلى الفشل في التواصل العميق مع شريك الحياة مما يؤدي إلى بناء حواجز عاطفية، وإجهاد العلاقات طويلة الأمد وخلق الشعور بالوحدة والعزلة لكل من الرجال والنساء.
من الصعب تجاهل الإحصائيات، فقد تضاعفت معدلات الطلاق بين الأشخاص الذين تجاوزوا الخمسين من العمر ــ وهو ما يشار إليه عادة باسم "الطلاق الرمادي" ــ منذ تسعينيات القرن العشرين، وأصبحت النساء على نحو متزايد هن اللاتي يبادرن في الانفصال.
هناك العديد من العوامل التي تساهم في هذا الارتفاع، ولكن الاستقلال الزائد، وخاصة بين النساء اللاتي كن في "وضع النجاة" لسنوات أو عقود، هو عامل رئيسي يستحق الاهتمام.
هناك علاقة لا يمكن إنكارها بين تجارب الطفولة، والاستقلال الزائد، والطلاق في منتصف العمر، ولكن لفهمها بشكل كامل، يتعين علينا أولاً النظر إلى كيفية تأثير الطفولة على السلوك.
غالباً ما يظهر الاستقلال الزائد نتيجة لتجارب الطفولة المبكرة مثل الإهمال أو الهجر، مما يدفع الطفل إلى تبني عقلية "افعل أي شيئ بنفسك" من أجل النجاة في ظل الظروف التي يمر بها.
إن اعتقاد المرأة بأنها لا تستطيع الاعتماد على أحد وأنه يمكنها الاعتماد على نفسها فقط لتعيش في سلام واستقرار وهو ما يدعم في البداية جميع مساعيها في الحياة - بما في ذلك النجاح المهني والعائلي - يجعلها تتبنى وتتخذ الاستقلال الزائد كوسام شرف لديها بدون أي قابلية للتفاوض.
يتم تشجيع النساء على الاستقلال الزائد من خلال الضغوط المجتمعية التي تفرض عليهن، وتوقعات النساء لأنفسهن بأن "بإمكانهن فعل كل شيء بأنفسهن".
ويُتوقع من المرأة أن تحقق التوازن بين حياتها المهنية، ورعاية الآخرين، وعلاقاتها وأن تنجح في كل شيء.
وحيث أن الثقافة العامة تقيم الاعتماد على الذات والقدرة على التحمل، فإن طلب المساعدة غالباً ما يكون أمراً لا يمكن تصوره.
غالباً ما يؤدي الضغط الذي يظهر في سبيل أن تكون المرأة هي الشريكة/الأم/الموظفة المثالية إلى الإجهاد والشعور العميق بالعزلة، خاصة عندما يتفاقم الأمر بسبب الاضطرابات العاطفية المرتبطة بمرحلة انقطاع الطمث.
غالباً ما يمتثل الأمر في أن المرأة قد تجد صعوبة في الاعتماد على شريكها الذي قد يكون أو لا يكون موثوقاً به، أو تشعر بعدم القدرة على التعبير عن مشاعرها، أو مخاوفها، أو احتياجاتها دون الخوف من أن يتم إصدار الأحكام عليها، أو تجد صعوبة في طلب الدعم عندما تشعر بعدم اليقين أو عدم الأمان.
بالنسبة للرجال، فإن رؤية شريكاتهم يبتعدن عنهم عاطفياً دون فهم كامل للضيق الكامن يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالعجز. لا يفهم العديد من الرجال سبب عدم قدرة شريكاتهم على الاعتماد عليهم. يشعر الرجال عادةً بالحاجة إلى أن يكونوا الطرف القوي في العلاقة، لكن الاستقلال الزائد لشريكاتهم يمكن أن يجعلهم يشعرون بالانفصال والحيرة.
مع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي ذلك إلى انفصال عاطفي من كلا الجانبين، مما يجعل التواصل أكثر صعوبة.
وفي هذه المواقف، يبدو الأمر كأن المرأة غير متاحة وغالباً ما يُنظر إليها على أنها بعيدة أو منفصلة عاطفياً، ويتم تفسير سلوكها على أنه برود أو عدم اهتمام.
في الواقع، قد تكون هؤلاء النساء يعانين من اعتقاد راسخ بأن طلب المساعدة قد يعرضهن للألم الذي عملن بجد لتجنبه طوال حياتهن.
تجد العديد من النساء في الأربعينيات والخمسينيات من العمر أنفسهن عند مفترق طرق.
إنها الفترة التي تحدث بها تحولات هائلة جسدياً وعاطفياً، وقد تبدو آليات التكيف التي اعتمدت عليها المرأة لفترة طويلة - مثل الاكتفاء الذاتي، والسيطرة، والحاجة للوصول للكمال - كأنها أعباء أكثر من كونها نقاط قوة.
مع تغير أجسادهن، تبدأ العديد من النساء في إعادة تقييم علاقاتهن وأدوارهن واحتياجاتهن الشخصية. ويبدأن في التساؤل عن أهداف حياتهن.
بالنسبة للنساء اللواتي لديهن ميول مفرطة للاستقلالية، قد يكون هذا التقييم الذاتي قاسياً. فالدروع العاطفية التي ارتدينها لسنوات بدأت تشعرهن بالاختناق. وقد يكون إدراكهن أنهن لم يعتمدن على أي شخص أبداً - وخاصة أزواجهن - أمراً مزعجاً.
يمكن أن تتسع الفجوة بين الاحتياجات العاطفية الحقيقية وواجهة الاستقلالية المفرطة ، مما يؤدي إلى اشتداد الضغوط الشخصية.
لا بد من التضحية بشيء ما، وفي كثير من الأحيان، يكون الزواج هو الضحية.
1. الاعتراف بالصدمة: الخطوة الأولى في الشفاء هي الاعتراف بأن الاستقلال الزائد هو في كثير من الأحيان استجابة قائمة على الصدمة. يمكن للعلاج، وخاصة الأساليب التي تراعي الصدمة، أن تساعد النساء على التخلص من العبء العاطفي الذي حملنه لسنوات والبدء في تحدي الاعتقاد بأنه يتعين عليهن مواجهة كل شيء بمفردهن.
2. التدرب على إظهار الضعف: قد يبدو الأمر مرعباً، إلا أنه ضروري لتعميق العلاقة العاطفية الحميمة في العلاقات. يمكن للنساء أن يتعلمن طلب المساعدة والتعبير عن الاحتياجات والانفتاح بشأن معاناتهن، حيث أن طلب المساعدة هو قوة وليس ضعفاً.
3. إعادة تعريف الاستقلال: نعم، تستطيع المرأة أن تفعل أي شيء تقرر فعله، ولكن ليس عليها فعل كل شيئ لوحدها، فالاستقلال لا يعني بالضرورة العزلة. إن الاستقلال الصحي يسمح بالتواصل والتعاون والترابط العاطفي. ويمكن للمرأة أن تعمل على تطوير شعور بالذات يشمل الآخرين، والاعتراف بأن القوة يمكن أن تتعايش مع الضعف.
4. إعادة صياغة فترة منتصف العمر كفرصة للنمو: بدلاً من النظر إلى انقطاع الطمث كمجرد خسارة أو اضطراب، يمكن إعادة صياغته كفترة تحول، وهي فترة ضرورية مثل تغير الفصول، مع ملاحظة فرص التوسع والنمو في اتجاهات جديدة.
5. تجنب التفكير في مجرد النجاة: اختيار الـ"أنا" دون وعي على "نحن" مما يعني اختيار العناية بالعلاقة بوعي.
1. تعاطف معها: عليك إدراك أن الانسحاب العاطفي ليس أمراً شخصياً ولكنه غالباً ما ينبع من مشاعر لم يتم معالجتها من قبل.
2. طمئن شريكتك بأنك ملتزم: أثبت لها أنها تستطيع الاعتماد عليك.
3. كن ملاذها الآمن دائماً.
4. قم بصياغة المحادثات على أنها بدافع "الفضول": اسأل، "هل يمكنك مساعدتي في فهم السبب وراء الأمر؟"
5. قم بتشجيع التعاون بدلاً من لعب لعبة اللوم.
كما تقول الأغنية، نعم، تستطيع المرأة أن تشتري لنفسها الزهور وترقص لوحدها، ولكن كما قال الكاتب إيمري ألين: "لا تحتاجين إلى إنسان آخر لتكملة حياتك، ولكن دعونا نكون صادقين. إن تقبيل جراحك من قبل شخص لا يراها مساوئ في شخصك، بل شقوقاً يضع فيها حبه، هو أكثر شيء مريح في هذا العالم".
ربما يستحق الأمر بذل الجهد.
للحصول على الدعم، قم بزيارة الموقع www.drgeraldine.com