انطلاقاً من خبرتها الواسعة في رعاية النساء ذوات الإعاقة، ألّفت الدكتورة "مهناز عبدالله"، أخصائية أمراض النساء والولادة في عيادة أستر النسائية بالقصيص، دليلًا إرشادياً يُعنى بسلامة جسد المرأة وصحة دورتها الشهرية في حالات الإعاقة العقلية والجسدية الشديدة.
لقد عاشت الدكتورة مهناز تجربة مؤثرة خلال دراستها للطب، والتي كانت الدافع وراء اهتمامها بهذا المجال. قالت لصحيفة "خليج تايمز": "ذات يوم، استقبلتُ في عيادتي زوجين مسنّين مع ابنتهما البالغة من العمر 35 عاماً تقريباً والتي تعاني من إعاقة ذهنية، وأخبراني بأنهما لم يعودا قادرين على التعامل مع مشاكل دورتها الشهرية، ويرغبان في استئصال رحمها. أثّر بي هذا الموقف ودفعني إلى التعمّق في دراسة التحديات التي تواجهها النساء ذوات الإعاقة فيما يتعلق بصحتهنّ الإنجابية، وخاصةً مشاكل الدورة الشهرية والنظافة الشخصية. قضيتُ ثلاث سنوات أبحث في هذا الموضوع وأدرس العقبات التي تواجه مقدمي الرعاية في التعامل مع هذه القضايا."
وأشارت الدكتورة مهناز إلى أن أكبر تحدٍّ يواجه القائمين على رعاية النساء ذوات الإعاقة هو الحفاظ على نظافتهن الشخصية، وخاصةً خلال فترة الحيض. وأضافت: " فالفتيات، وخصوصاً في سنّ البلوغ وما بعده، لا يدركن دائماً أهمية النظافة وطرقها الصحيحة." وتابعت: "يجد مقدمو الرعاية صعوبة بالغة في إقناع الفتيات باستخدام الفوط الصحية بطريقة صحيحة، ومنعهن من تمزيقها أو التخلص منها بشكل غير لائق. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل هناك نقص واضح في الدعم المقدم للأمهات ومقدمي الرعاية في هذا الجانب الحسّاس."
وأكدت الدكتورة مهناز على ضرورة تدريب مقدمي الرعاية على كيفية تعريف بناتهم بمفهوم الدورة الشهرية بطريقة مبسطة وملائمة لفهمهن. وقالت: "يجب عليهم تعليم بناتهم عن الدورة الشهرية في وقت مبكر، وباتباع نهج مختلف عن الذي نُطبّقه مع البنات اللاتي لا يعانين من إعاقات. يُمكن استخدام البطاقات التعليمية والوسائل البصرية لشرح الدورة الشهرية وطريقة الحفاظ على النظافة الشخصية أثناءها. كما يُمكن استخدام فوط صحية مع قطرات من لون الطعام الأحمر لتوضيح الفكرة بشكل عملي. بهذه الطّريقة، ستكون البنات مُستعدات نفسياً وجسدياً عندما يحين الوقت. لقد لاحظنا أن الفتيات اللاتي تلقّين هذا التدريب باستخدام الوسائل البصرية أظهرن تجاوباً وتعاوناً أفضل."
وأوضحت أن رحلة رعاية النساء ذوات الإعاقة ليست سهلة، فمعظم مقدمي الرعاية يعيشون صراعاً داخلياً ومشاعر متضاربة حول القرارات التي يُضطرون لاتخاذها. وأضافت: "خلال بحثي، التقيت بالعديد من مقدمي الرعاية الذين وجدوا أنفسهم مُجبرين على اتخاذ قرارات صعبة ومؤلمة في بعض الأحيان."
وتابعت: "لا ينامون الليل ويشعرون بالذنب حيال ذلك. حتى أن بعضهم اضطر لإجراء عملية استئصال الرحم لفتيات دون سن الخامسة عشرة لأن التعامل معهن كان صعباً. وفي الغالب، تصل الفتيات ذوات الهمم، وخاصة المصابات بالتوحد، إلى سن البلوغ مبكراً وغالباً ما يعانين من نزيف حاد وتقلصات مؤلمة."
ودعت الدكتورة مهناز إلى إنشاء قسم متخصص يُعنى بتدريب الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة على النظافة الشخصية، وخاصة النظافة أثناء فترة الحيض، وتعزيز استقلاليتهن في الاعتناء بأنفسهن. وقالت: " يجب على الجمعية الطبية والأخصائيين الاجتماعيين التعاون معاً لضمان حصول مقدمي الرعاية على المعرفة والأدوات اللازمة لتدريب بناتهم بفعالية. هناك الكثير من الفتيات اللاتي لا يستطعن التّعبير عن احتياجاتهن أو فهم ما يُقال لهن، لذا من الضّروري أن يتعلّم مقدمو الرعاية كيفية التّواصل معهن بأساليب مُختلفة، لشرح ما يحدث لهن وماذا يعنيه."
ولتوضيح أهمية هذا الجانب، استشهدت الدكتورة مهناز بمثال امرأة قابلتها في بلدها الهند، قائلةً: "كانت أرملة لديها ابنتان بالغتان مُصابتان بالتوحد، ولم يكن لديها أيّ معيل. ولأنها لم تكن تثق بأحد، كانت تضطر إلى حبس ابنتيها في المنزل كلما احتاجت إلى الخروج لقضاء بعض المهام. إن تعليم الأشخاص ذوي الهمم التمييز بين اللمسة الطيبة واللمسة السيئة أمر في غاية الأهمية، فهُم عُرضة للاعتداء والاستغلال أكثر من غيرهم."