بيتر هندرسون 
نمط الحياة

"بيتر هندرسون" من تغطية الحروب إلى توفير الغذاء في غزة

أناميكا تشاترجي

كيف كانت تغطية الحروب قبل ظهور الهواتف الذكية؟ عندما نطرح هذا السؤال على بيتر هندرسون، المصور السابق لدى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الذي تحول لاحقاً إلى رجل أعمال اجتماعي، يعبر عن حنينه إلى الماضي. ويقول إن الحقيقة هي أنه "لا توجد إجابة واحدة".

يضيف بيتر: "أول مرة شاركت فيها في تغطية حرب كانت عندما اضطررنا إلى تركيب طبق استقبال الأقمار الصناعية لنتمكن من بث الصور مباشرة. وأثناء محاولتي القيام بذلك على سطح فندق هيلتون في تل أبيب، سارعت قوات الدفاع الإسرائيلية إلى إيقافنا وهددت باعتقالنا. كنا نسير على خط رفيع بين الحفاظ على سلامة الناس والإبلاغ عن الحقيقة".

ويتابع بيتر ذكر موقف آخر، حينما دخل اجتماعاً لمنظمة الشعب الأزاني في جنوب إفريقيا، ليجد جميع الحضور ينظرون إليه بغضب ويصرخون: "احرقوا الرجل الأبيض!"

يقول بيتر متذكراً: "توجهت نحو الميكروفون الذي كان على المنصة وقلت: 'أنا جزء من الشعب أيضاً.' أخبرتهم أنني ربما لم أكن جزءاً من المجموعة، لكنني قدمت لحركة التحرير كصحفي مرئي أكثر مما قدمه أي شخص آخر. عندها، تقدمت امرأة نحوي واحتضنتني علناً، ثم ساعدتني على مغادرة المسرح. لقد تحملت مخاطرة شخصية كبيرة لإنقاذ حياتي."

والآن، في الحاضر، أصبحت تغطية الصراعات لعبة مختلفة تماماً. يقول بيتر إن السبب الرئيسي لذلك هو أن أي شخص يحمل هاتفاً ذكياً يمكن أن يكون صحفياً. وعلى الرغم من أن البعض قد يرغب في تحدي هذه الفكرة، إلا أننا ندرك جميعاً أن هناك بعض الحقيقة في كلامه. الحروب اليوم تُغطى على وسائل التواصل الاجتماعي، ويتم الإبلاغ عنها من خلال وجهة نظر الشخص الذي يلتقط الصور أو الفيديوهات، سواء كان صحفياً محترفاً أم لا. يقول بيتر: "إنها قصة من منظور الجميع. لم يعد هناك صواب أو خطأ."

اليوم، يجد بيتر نفسه عائداً إلى المناطق التي غطاها بتعاطف واجتهاد، وذلك من خلال مؤسسة اجتماعية تضمن حصول الناس في المناطق التي مزقتها الحرب على طعام مغذٍ. عند سماع هذا المفهوم، يتبادر إلى الذهن السؤال: هل يهتم أولئك الذين يعانون من الجوع بالتغذية؟ عندما تعاني من الجوع لعدة أيام وتخشى على حياتك وحياة الآخرين، يبدو الطعام نفسه ترفاً، فما بالك بشيء مغذٍ. ولكن هنا يظهر ابتكار مشروع (ايت -2-غرو فوود) بوضوح. كل لوح غذائي يزن 120 جراماً، مصنوع بشكل أساسي من التمر ورقائق الشوفان والسبيرولينا، بالإضافة إلى مكونات أخرى، ويتم إنتاجه في المصانع المحلية.

أطفال في أفغانستان يتلقون وجبات غذائية

عندما التقينا بيتر في مقر صحيفة الخليج تايمز في دبي، كان يستعد لإرسال ما لا يقل عن 10 آلاف من هذه الألواح الغذائية إلى غزة كجزء من حملة التبرع. يقول بيتر: "يستطيع المصنع في دبي إنتاج 300 ألف لوح غذائي يومياً، ولدينا طائرات ووسائل نقل أخرى لتوصيلها إلى شركائنا. اخترت دبي كموقع لإنتاج هذه الألواح بسبب قدرتها اللوجستية على نقل الطعام إلى مختلف أنحاء العالم تقريباً. الخطوة التالية هي اختيار الشركاء المناسبين على الأرض الذين يمتلكون شبكات توزيع. على سبيل المثال، في أفغانستان، تعد شركتا "وي ورلد" و"غولزور" أكبر موزعي برنامج الغذاء العالمي. في الواقع، تم تسهيل الخدمات اللوجستية بفضل التكنولوجيا. أما في غزة، فإن إغلاق معبر رفح والقيود الأخرى جعلت عملية التسليم أكثر صعوبة، ولكن الطريقة الوحيدة للوصول هي من خلال التحالف مع منظمات مثل الهلال الأحمر الإماراتي أو الصليب الأحمر."

إن خطورة السؤال الذي طرحناه في وقت سابق لم تغب عن بال بيتر. فهو يؤكد أن الطعام ليس مجرد وسيلة لإشباع بطون الجائعين، بل إن الغذاء المغذي يمكن أن يساعد الأجيال الشابة على الخروج من دائرة الفقر. يقول بيتر: "الإنسان بطبيعته يرغب في البقاء حيث ينتمي. النزوح دائماً ما يكون نتيجة المجاعة أو الصراع. وعندما تزود الناس بالأدوات التي تمكنهم من البقاء في أوطانهم، تكون هناك فرصة كبيرة أن يفعلوا ذلك. فعندما يتغذون جيداً، ينمون جيداً؛ وعندما ينمون جيداً، يتعلمون بشكل أفضل، وهذا ما يساعدهم على الخروج من الفقر."

ترسخت فكرة مشروع (ايت -2-غرو فوود) قبل 18 شهراً، وفي سبتمبر من هذا العام، أطلقت الشركة تطبيق "تراك يوم امباكت" الذي يتيح للمانحين مراقبة الأثر الذي تحدثه مساهماتهم في مناطق الصراع. جاءت فكرة تتبع التأثير بهدف إزالة الغموض عن كيفية تقديم المساعدات الإنسانية. يقول بيتر: "استلهمت الفكرة من زوجتي. كنا نجلس معاً قبل شهرين، وفجأة تلقت رسالة نصية تخبرها بأن دمها يُستخدم في ساوثهامبتون. كانت هذه المعلومات قوية ومرضية، وأردت أن أحقق نفس الشعور مع مشروع (ايت -2-غرو فوود)."

بيتر هندرسون خلال فترة عمله في هيئة الإذاعة البريطانية

لكن المهمة الأكبر لا تقتصر على إطعام المجتمعات فقط، بل تشمل أيضاً تمكينها من إنتاج طعامها بنفسها. يقول بيتر، خريج كلية هارفارد للأعمال: "هناك 850 مليون شخص يذهبون إلى الفراش جائعين كل ليلة. لا يمكنك ببساطة إطعام المجتمعات، لأن ذلك يعني أن الطعام سينفد في اتجاه واحد. بل يجب أن تساعد الناس على إطعام أنفسهم. في مشروعنا في زيمبابوي، نُمكّن الناس من زراعة السبيرولينا. وقد تبرعنا بحوالي 100 ألف دولار (367,299 درهماً إماراتياً) لدعم هذا المشروع."

في مناسبات أخرى، أدرك بيتر وفريقه أن الحاجة إلى الغذاء لا تقتصر على الناجين فحسب، بل تشمل أيضاً المستجيبين الأوائل. يقول بيتر: "طلب أحد زملائي من كلية هارفارد للأعمال، الذي يعيش في إسطنبول، مساعدتي عندما ضرب زلزال مدمر تركيا. وعندما أرسلنا لهم ألواح الطعام، اكتشفنا أن المستجيبين الأوائل — مثل الأطباء والعاملين على الأرض — بحاجة ماسة إلى الغذاء، لأنهم لا يملكون الوقت للعودة إلى منازلهم للطهي."

يمكن إرجاع الأفكار التي ألهمت قرار بيتر ببدء مشروع (ايت -2-غرو فوود) إلى سنوات تكوينه. نشأ في جنوب إفريقيا خلال حقبة الفصل العنصري، وشهد التحديات التي يفرضها التمييز على المجتمع. بعد المدرسة، انغمس مباشرة في مجال الصحافة عندما وظفته هيئة الإذاعة البريطانية كمصور. شهدت عدسته نهاية الفصل العنصري وإطلاق سراح نيلسون مانديلا. بالنسبة لشاب في العشرينات من عمره، كان العالم يتوسع ويتقلص في آن واحد. يقول: "من ناحية، كان لشرف أن نظهر للعالم ما يحدث، ولكن هناك أيضاً شعور بالذنب لأنك تشعر بالحظ مقارنة بمن تصورهم. في بعض الأحيان، عندما تكون صحفياً تراقب ما يحدث من حولك، تشعر بالعجز بسبب عدم قدرتك على فعل الكثير."

ويتابع بيتر: "في مناسبة معينة، كنت في جنوب السودان حيث كان هناك العديد من النازحين بسبب الحرب. رأيت طفلين صغيرين يصرخان لأنهما جائعين. لقد كانوا على الطريق لعدة أيام، وكانوا يشعرون بالبرد والجوع. كانت تلك هي المرة الأولى التي أدركت فيها مدى تأثير الجوع على الإنسان."

ولكن عندما ينظر بيتر إلى الوراء، يعتبر أن مشاهدة التاريخ يتكشف يومياً كانت بمثابة "مغامرة"، على الرغم من اعتقاده الراسخ بأن صحافة الحرب لم تعد كما كانت. يقول: "أتذكر صديقي روري بيك، الذي قُتل في موسكو أثناء قيامه بمهمته كصحفي مستقل. ترك زوجته وأطفاله بلا حول ولا قوة لأنه لم يكن لديه تأمين على الحياة. قمنا بجمع الأموال وأنشأنا صندوقاً لمساعدة الصحفيين وأسرهم المتأثرين بالحرب. وفي كل عام، نحاول جمع التبرعات."

ويضيف: "ومع ذلك، كان هذا العام هو الأسوأ على الإطلاق من حيث مقتل الصحفيين في الحرب. فقد خسر نحو 113 صحفياً حياتهم أثناء تغطيتهم للأحداث في غزة."

من كونه مؤرخ حرب إلى رجل أعمال اجتماعي، لم يتوقف بيتر أبداً عن متابعة الأحداث. هل أدى النظر إلى الألم والمعاناة طوال هذه السنوات إلى إرهاق عقله؟ يجيب: "لقد ركزت فقط على البقاء إيجابياً. كانت جدتي تقول دائماً إن هناك ملاكاً حارساً يراقبني. أعتقد أن الأمر يتعلق بقوة البقاء إيجابياً وعدم الشعور بالأسف على نفسي."

3 سنوات سجن لمعلم بريطاني وغرامة 5 آلاف درهم لتلقيه رشاوى من الطلاب بأبوظبي

ازدحام مروري بسبب حادث تصادم على شارع الشيخ زايد

دبي: ضبط 180 مركبة متهورة وغرامات 50 ألف درهم

رفع الحظر عن الدراجات الكهربائية في المترو بشروط جديدة

عامل وأصدقاؤه يحققون حلم الفوز بـ 20 مليون درهم