مقالي هذا، كغيره من كتاباتي، نتاج لما أراه وأفكّر فيه.
ومع ذلك، فقد لمست تحولاً لافتاً لدى الجيل زد مؤخراً، تحولاً يعزز الطبيعة العولمية لجيلنا، ويبشر براحة نفسية ترافق الحياة الهادفة.
إنّ عيش الحياة وفقاً لهدف ليس بالأمر المعقّد. اختر هدفاً، حلماً، رؤية، أو قضية تؤمن بها، لتصبح كل أفعالك، بدءاً بمشترياتك من البقالة، وطريقة مخاطبتك للنادل، وصولاً إلى طبيعة عملك واللغة التي تستخدمها، متمركزة حول هذا الهدف.
قد يكون هذا الهدف بسيطاً لبعضهم، كامتلاك منزل، أو النجاح في مهنة الأحلام، أو تحقيق الاستقرار المالي، أو ببساطة عيش حياة هادئة مع عائلة محبة.
جميعها أهداف رائعة، ومع هذه الرياح التي تُبشّر بالتغيير في جيلنا، أرى أنها أهداف قابلة للتحقيق، تتجذر في السعادة وتُثمّن متعة الحياة البسيطة.
وللنية الهادفة جانب آخر، جانب أجد نفسي فيه، ويغمرني براحة نفسية عميقة، وهو اليقين بأنّ نواياي وأفعالي بريئة من فظائع الإبادة الجماعية، والتمييز العنصري، والتهجير، وأنّ كل خطوة أخطوها تخدم هدفاً أسمى.
أما بالنسبة لي، فإنّ علاقتي الشخصية العميقة بالقدرة الإلهية، إلى جانب مستويات المثالية الطوباوية التي يجسّدها مسلسل "ستار تريك"، هي ما يساعدني على تجاوز يومي. لقد ساعدني العلاج النفسي واتباع نظام أخبار صحي على بدء عملية تحليل الأحداث والمواضيع الواقعية التي أجد نفسي أنجذب إليها، ثم إبعاد نفسي عمداً عن تلك المجالات التي تسبّب لي المشاكل.
كانت مشكلتي تكمن في النية الخاطئة، فبعد أن حرمت نفسي من أدوات التغيير، أجبرتها على مشاهدة واستيعاب أمراض العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كطريقة للتعويض عن عجزي عن فعل أي شيء حيال العنف والألم والمعاناة.
كنت كمن يحدّق في الشمس، في حين أصيب الآخرون بالعمى.
لقد منحني الانغماس في الأشياء التي أُقدّرها أكثر من غيرها، كالاهتمام بالتعليم والتعاطف والصدق، إدراكاً للعالم لا أستطيع التخلي عنه أبداً. ومعرفة القليل عن الصراعات الجارية في العالم، والكثير عن بعضها على وجه الخصوص، وكيف تتشابك جميعها معاً، يُضيف لحياتي بعداً آخر، مع أنّه يُشعرني بالإحباط في أغلب الأحيان.
تُمكنّني النية الهادفة من التملّص من ذلك الإحباط لأيام، بل لأسابيع أحياناً، حتى في ظل الأخبار المروّعة وإحساسنا بأنّ العالم يحترق. إنّ المسؤولين الحقيقيين هم أصحاب النفوذ، الذين يقودهم الطمع أو الخوف أو الغضب، وليس أمثالنا ممن حُرموا من القدرة على إحداث التغيير، وهم يدركون تماماً ما يجري ومن يقف وراءه.
إن النية الهادفة تُقدّم الأمل، فإذا كنتُ أفكّر بهذه الطريقة، لا بدّ أن آخرين قد سبقوني إليها، وأن آخرين يفكّرون بها الآن، وسيفكر بها آخرون بعد وفاتي.
مرة أخرى، يكرر العالم أخطاءه في الشرق الأوسط بآراء غير واعية تجاه ما يحدث في سوريا، ولا أحد يفكر في النية وراء أفعاله. لم أجد النية الهادفة إلا عند النازحين السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي، مع تفاؤل حذر تجاه المستقبل.
لن يكون اختيار رؤية ترشدك أمراً غريباً إذا كنت واعياً باختيارها، ومدركاً للمعايير التي يجب أن تتوفر فيها. أما الجيل زد، وبما أنّ صراعه يدور حول الأساسيات، فيحق له أن يتطلع إلى ما هو أعلى.