لثماني سنوات، كرّست الدكتورة "روهيل بادياني"، طبيبة الأسرة البريطانية، حياتها لخدمة المجتمع الإماراتي الذي اختارته موطناً لها. وتُعزو الدكتورة "بادياني"، البالغة من العمر 43 عاماً، الفضل إلى والدتها في غرس بذور الثقافة المالية في نفسها.
في رسالة، ماذا ستقولين للمال؟
أعتذر عن تلك الأيام التي لم أحسن فيها الحفاظ عليك، أيام الصِبا والطيش. فبدلاً من أن أُدّخرك وأستثمرك، بدّدتك بلا وعي ولا تقدير. والآن، وقد نضجتُ، أدركتُ قيمتك الثمينة، وأيقنت أنك عماد حياتي، وسبيل راحتي. فأنت من يوفر لي ولأسرتي المأوى الآمن، والطعام الشهي، والماء العذب، واللباس اللائق. وبفضلك، أستطيع أن أهدي أطفالي حياة هانئة، وتعليماً متميزاً، ومستقبلاً مُشرقاً. أنتَ السند الذي يمكنني من بناء عائلة مُستقرة، ينعمُ فيها أبنائي بالطمأنينة، ويُلاحقون أحلامهم بثقة. شكراً لكَ من القلب، وأعدُكَ بأن أُحسنَ صُحبتَكَ، وأُديرَكَ بحكمة وعناية.
كيف تصفين علاقتك بالمال؟
أنا من عشاق الادخار. في الماضي، كان المال يثير في نفسي الخوف والقلق، لدرجة أنني كنت أتجنب مراجعة نفقاتي. أما اليوم، فقد تغيرت تماماً، فأنا أتابع كل فلس أنفقه، وأحرص على الاحتفاظ بصندوق للطوارئ، وأدير أموالي بعناية فائقة. صحيح أنني لا أحب هذا الدور الكبير الذي يلعبه المال في حياتنا، لكنني أتقبله كحقيقة لا مهرب منها. أعتقد أنني أصبحت الآن على علاقة جيدة وواعية مع المال.
برأيك، كيف تشكلت هذه العلاقة؟
لقد نُسجت علاقتي بالمال من خيوط تجارب مُهمّة في حياتي. فمع تقدّمي في العمر، أصبحت هواجس التقاعد تُلحّ عليّ بقوة، مما دفعني إلى التعامل مع أموالي بجدّية أكبر. لقد كان للحوارات الصريحة مع والديّ حول التخطيط المالي والمستقبل أثر بالغ في إدراكي لأهمية الاستعداد والمعرفة. كما أنَّ النقاشات المُستمرة مع شريكي حول أهدافنا التقاعدية وطموحاتنا المالية ضمنَتْ لنا التوافق والعمل معاً نحو مستقبل آمن.
ما هي الدروس التي تعلمتها من والدتك حول إدارة الأموال؟
لقد أدركت أهمية تخصيص الميزانية مهما كان حجم دخلي، فالتخطيط أساس التنظيم المالي. كما رسّختُ في نفسي قناعة بعدم اعتبار الاستقرار المالي أمراً مُسلّماً به، فالأحوال قد تتقلّب وتُؤثّر على مدخراتي في أيّ وقت. ومن الدروس القيّمة التي تعلمتها من والدتي، ضرورة تقديم التضحيات في سبيل تحقيق الأمن المالي المُستقبلي لي ولأولادي، فقد أوضحت لي كيف أنَّ التضحيات قصيرة الأجل تُؤدّي إلى الاستقرار المالي وتفتح أبواب الفرص على المدى البعيد.
مع من تناقشين الأمور المالية؟
أفضل عدم مناقشة الأمور المالية مع أصدقائي أو زملائي. أنا منفتحة وصريحة مع والديّ فقط، وبطبيعة الحال مع شريكي. أرى أنَّ مُناقشة الثروة الشخصية أمرٌ في غاية الخصوصية، وقد يكون محرجاً في بعض الأحيان.
من علمك الإدارة المالية بشكل كبير؟
لقد استقيت معارفي في الإدارة المالية من مصادر متنوعة. وكان لتفاعلي مع والديّ الأثر الأكبر في تكويني، فقد استفدت من تجاربهما دروساً قيّمة. كما لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً هاماً في تعزيزِ فهمي للميزانية، وقدّمت لي المدوّنات الصوتية رؤى مالية ثرية. إضافة إلى ذلك، حرصت على المثابرة في التعلّم الذاتي، إدراكاً منّي لأهمية اتخاذ قرارات مالية واعية.
برأيك، ما هي أعمق تجربة مررت بها حتى الآن فيما يتعلق بالمال؟
كان شراء أول عقار لي تجربة فارقة في حياتي. في البداية، تردّدت خوفاً من استنزاف مدخراتي. لكن سرعان ما أدركت أن الاستثمار في العقارات ركيزة أساسية في أيّة محفظة استثمارية مُتنوعة. فالادخار لا يقتصر على تجميع المال، بل يشمل أيضاً توظيفه لتوليد دخل إضافيّ. مع ذلك، يظلُّ الاحتفاظ بصندوقٍ للطوارئ أولويةً لا غنى عنها.
كيف غيّر العيش في الإمارات علاقتك بالثروة؟
في الإمارات العربية المتحدة، من المستحيل محاولة مُجاراة الجيران، فالفوارق المادية هائلة، والمقارنة محبطة للنفس. كما أنَّ العيش هنا جعلني أُدرك بوضوح أن المال لا يصنع السعادة دائماً. ومع ذلك، لا أنكرُ أن الشعور بالاستقرارِ المالي كان له أثر إيجابي على حياتي.