انطلاق حفل توزيع الجوائز في 27 نوفمبر 
نمط الحياة

مجموعة طهاة دبي: مبادرة لدعم العاملين في مجال الضيافة

يُشاركنا الشيف "جيمس نايت باتشيكو"، عضو لجنة تحكيم جوائز "دبي اف آند بي" تفاصيل رحلته المُلهمة في عالم الطهي.

ليكها مينون

في عام 2020، حين عصفت جائحة كورونا بالعالم، شهد "جيمس نايت باتشيكو" بنفسه الضرر الذي لحق بقطاع الضيافة، حيث اضطر العديد من الطهاة المتمرسين إلى تسريح فرق العمل التي رعوها كأفراد من عائلاتهم، مما أفضى إلى أزمة نفسية عميقة. وقد دفع هذا الواقع الأليم "باتشيكو" إلى اتخاذ إجراءات فعّالة، فأسس "مجموعة طهاة دبي" (The Dubai Chefs Collective)، وهي مساحة مخصصة لدعم العاملين في مجال الأطعمة والمشروبات، وتعزيز الحوار المفتوح في هذا القطاع الحيوي. ويكمّل هذه المبادرة "بودكاست باتشيكو"، حيث يناقش التحديات والنجاحات في قطاع الضيافة، عبر حوارات صريحة مع الطهاة وأصحاب المطاعم.

وتجسد هذه المبادرات، التي تتجاوز حدود المطبخ، شغف "جيمس" العميق بمهنته ومجتمع الضيافة ككل. فمسيرته المهنية الحافلة، التي شملت العمل في مؤسسات مرموقة مثل "لو مانوار أو كات سيزون" (Le Manoir Aux Quat' Saisons) و"كلاريدجز" (Claridge's)، إلى جانب ظهوره الإعلامي اللافت، أكسبته مكانة مرموقة كأحد روّاد فنون الطهي. لكنَّ قيادته والتزامه بالتعاون جعلانه صوتاً مؤثراً في هذا المجال. سواءً من خلال إدارة شركته "جروب جي كي بي" (Group JKP)، أو توجيه "سين هولدينج" (SEEN Holding) التي تضم مطعم "ريبا" (RYBA) في أبوظبي (الحائز مؤخراً على جائزة "ميشلان بيب جورماند")، أو إرشاد الجيل القادم من الطهاة، يواصل "جيمس" تجاوز الحدود، وترك بصمة واضحة في عالم الطهي.

في حوار شيق، يتناول مقدم البرامج التلفزيونية ومقدم البودكاست والمؤثر والطاهي الشهير، "جيمس نايت باتشيكو"، مجموعة واسعة من المواضيع، بدءاً من فنون الطهي والثقافة، وصولاً إلى الصحة النفسية، مُسلِّطاً الضوء على ظاهرة صعود المدن الشرقية الناشئة كعواصم جديدة للطعام. إليكم مقتطفات محررة من هذه المقابلة:

هذا هو الموسم التاسع من بودكاست "شيف جي كي بي" . كيف تخطط لحلقاتك؟

عندما بدأت البودكاست في عام 2020، كان هدفي إنشاء منصة تعليمية لطلاب الطهي، تتيح لهم الاستفادة من خبرات الطهاة المخضرمين. يتطلب الوصول إلى قمة هذا المجال مرونة ذهنية وجسدية هائلة، فالطهاة يعملون لساعات طويلة تتراوح بين 10 إلى 12 ساعة يومياً، ويفوتون العديد من المناسبات العائلية، وعليهم تقبل النجاحات والإخفاقات على حد سواء، مع تكريس أنفسهم لخدمة الآخرين.

لقد اكتسب البودكاست زخماً هلائلاً، وها نحن الآن في موسمه التاسع! يدور كل موسم حول موضوع مركزي، ونختار ضيوفنا بعناية فائقة بما يتناسب مع هذا الموضوع. لطالما كان هدفنا تسليط الضوء على المواهب في مجال الطهي في المنطقة. وبينما يحالفنا الحظ في وجود العديد من الأشخاص الذين يرغبون في الظهور في البودكاست، إلا أنني أولي اهتماماً خاصاً باختيار الضيوف المناسبين. لذلك، أقوم بنفسي بإجراء بحث شامل عن كل ضيف محتمَل. يجب أن يقدموا قيمة مضافة لجمهورنا العالمي، وأن يؤثروا في مجال عملهم، وأن يكونوا واضحين في طرح أفكارهم، وأن يمتلكوا قصصاً ملهمة يشاركونها.

حفل توزيع جوائز ميشلان لأفضل دليل في أبوظبي 2025 في قصر الإمارات في أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة في 31 أكتوبر 2024. كريستوفر بايك - www.christopherpike.com

كيف ساهمت محادثاتك مع زملائك الطهاة في تشكيل وجهة نظرك بشأن تحديات هذا القطاع؟

دعني أعبر عن الأمر بهذه الطريقة: بما أنني طاهٍ، فأنا أمتلك حساً فطرياً يساعدني على فهم تجارب الآخرين في هذا المجال. إن بودكاست "شيف جي كي بي" (Chef JKP) بمثابة جلسة حميمية، تتيح لي الغوص في أعماق تجارب ضيوفي، واستكشاف خبايا رحلتهم في عالم الطهي. تمتد هذه الجلسات أحياناً لأكثر من ساعة، وأحرص خلالها على استنباط أدق التفاصيل من ضيفي، سواءً كان طاهياً، أو صاحب مطعم، أو حتى رئيساً تنفيذياً".

هل ألهمتك هذه المحادثات لإنشاء مجموعة طهاة دبي؟

من نواح كثيرة، نعم. لقد وُلدت مجموعة طهاة دبي في خضم الجائحة. ففي بعض الأماكن، مثل المملكة المتحدة، وفرت برامج الإجازات المؤقتة شبكة أمان للعاملين في قطاع الضيافة، ولكن في مناطق أخرى، كان الواقع قاتماً. أعرف طهاة لم يتقاضوا أجورهم لشهور، وطهاة كبار اضطروا إلى التخلي عن فرقهم عبر تطبيق زووم! ولنكن صادقين، الطهاة ليسوا خبراء في الموارد البشرية، وكان الاضطرار إلى اتخاذ مثل هذه القرارات سبب في خسائر فادحة للكثيرين منهم.

وإدراكاً منا لهذا، أنشأنا أنا والشيف "شين بورن" هذه المجموعة لتكون مساحة آمنة للطهاة. إنها منصة حيث يمكنهم مشاركة مشاكلهم وإيصال أصواتهم. سواء كانوا يعانون من مشاكل نفسية أو يشعرون بالإحباط، فنحن هنا للاستماع إليهم ودعمهم.

هل تشعر أنه لا يوجد محادثات كافية حول الصحة النفسية في صناعة الأغذية والمشروبات؟

بالتأكيد، علينا التحدث عن هذا الأمر أكثر. فالتوتر سمة ملازمة لهذا المجال. والإحصائيات لا تكذب، فالتحديات المتعلقة بالصحة النفسية تكلف قطاع الضيافة العالمي ملايين الدولارات سنوياً.

في محاضرة ألقيتها مؤخراً على منصة "تيد" (TED)، استخدمت "تأثير جبل فيزوف" كاستعارة لقطاع الأغذية والمشروبات: فكل شيء يبدو هادئاً على السطح، ولكن أي محفز صغير قد يؤدي إلى انفجار هائل. ونحن بحاجة إلى منع هذه اللحظات. ومن ثم فإننا نريد أن نتواصل بشكل أكبر مع المجتمع ونحتاج إلى الدعم من الحكومة وهيئات الصناعة. والأمر لا يتعلق بالتمويل فحسب، بل يتعلق أيضاً بالرؤية وإرسال رسالة واضحة مفادها: أياً كان ما تمر به، فنحن هنا من أجلك.

ما هي نصائحك للطهاة وأصحاب المطاعم للتخفيف من التوتر؟

لنبدأ بالأساسيات، حافظ على نشاطك ومارس الرياضة لمدة 30 دقيقة على الأقل يومياً. وإذا شعرت بالإرهاق، فابتعد قليلاً وخذ قسطاً من الراحة. والأهم من ذلك، عزز ثقافة المطبخ الداعمة حيث تكون الصحة النفسية أولوية مشتركة. عندما كنت أتدرب في المطابخ الراقية، لم تكن هذه المحادثات موجودة، ولكن لحسن الحظ، ازداد الوعي الآن. على الإدارة أيضاً أخذ هذا الأمر على محمل الجد، عندما يشعر الفريق بالأمان والدعم، فإن ذلك يعود بالنفع على المطبخ والعملاء والأعمال ككل.

أحد الأسباب الرئيسية للتوتر هو تحدي البقاء والازدهار في سوق تنافسية مثل دبي. ما مدى أهمية أن يكون الطهاة جيدين في التعامل مع الأرقام؟

إن هذه النقطة مهمة للغاية! إن أحد أهم مصادر التوتر في المطاعم هو العلاقة المتوترة بين الطهاة ومدراء المالية، فهم نادراً ما يتفقون. فبينما ينصبُّ تركيز الطهاة، وهم فنانون في جوهرهم، على إبداع روائع فنية على الأطباق، تُشكّل الأرقام جانباً مهماً لا يقلُّ أهمية عن الإبداع. إنها مهارة أساسية يجب أن تُدمَج في صُلب التعليم الطهوي. عندما يبدأ الطهاة تدريبهم في سن 16 أو 18 عاماً، يجب عليهم أيضاً تعلم أساسيات إدارة الأعمال والتكاليف الخفية والاعتراف بأهمية تحقيق الأهداف المالية.

أليس من الصعب تحقيق هذا التوازن؟

نعم، ولكن الأمر ليس مستحيلاً بالتأكيد! الأمر أشبه بالزواج إلى حد ما ، حيث يتعين على كلا الطرفين إيجاد نقطة التقاء مثالية، تقوم على التنازلات المتبادلة والاحترام المشترك. كن مبدعاً في فنون الطهي، لكن تعلَّم أيضاً كيف تُدير أعمالك بنجاح. فإذا كنت طاهياً وصاحب عمل في الوقت ذاته، يجب أن تحقق توازناً بين هاتين القيمتين منذ البداية. وإذا تعذَّر ذلك، فمن الضروري أن تثق برؤية شريكك. وإذا كان أحد الطرفين يقدم تنازلات مستمرة على حساب الآخر، فربما يكون من الأفضل إعادة النظر في هذه الشراكة.

إليك المفتاح: عندما يقرر مالك المطعم توظيف طاهٍ بمستوى معيَّن، عليه أن يتعرَّف على هذا الطاهي جيداً، وأن يُجري بحثاً شاملاً عنه. وينطبق الشيء نفسه على الطهاة، تأكَّدوا من البحث عن الشخص الذي ستعملون معه، وعن الشركة التي ستنضمون إليها.

هل لدى الطهاة غرور كبير؟

بينما يتصف نصفهم بالتواضع، يقع النصف الآخر في فخ الأنا! ولا شك أن الغرور هو العدو اللدود لأي طاهٍ، فهو يعرقل مسيرته ويُعيق تطوره. الطهاة المتواضعون هم من يطلبون آراء الآخرين، من موظفين وزبائن على حدٍ سواء، ويستقبلون النقد البناء بصدر رحب. هذه هي السمة التي تُميز الناجحين في هذا المجال، بينما يسير الطهاة المغرورون في الاتجاه المعاكس، ما يؤدي إلى سقوطهم المدويّ. وفي عالم اليوم، لم يعد للغرور مكان، ولن يُساعدك على تحقيق النجاح المنشود.

مع تزايد الحديث عن انتقال عواصم الطهي من الغرب إلى الشرق، هل تعتقد أن المدن الصاعدة، الأصغر حجماً والأكثر حيوية، قد أصبحت لاعباً رئيسياً في مشهد الطعام العالمي؟

لا شكّ في أننا أمام تحوّل لافت ومثير في عالم الطهي! صحيح أن مدناً كباريس ولندن ونيويورك ستبقى أيقونات بفضل إرثها العريق وروح الابتكار التي تُميّزها، لكنّ أسواقاً جديدة بدأت تُزهر وتُثبت حضورها بقوّة. انظر إلى دبي مثلاً! فالتغيّر الذي طرأ عليها خلال السنوات العشر الأخيرة مذهل بكل المقاييس. لقد أصبحت اليوم حاضنة للجوائز العالمية، ووجهة لأفضل الطهاة على مستوى العالم. ولا يقتصر الأمر على استقطاب الأسماء اللامعة فحسب، بل يتعدّاه إلى صعود المواهب المحليّة، سواءً ممن نالوا نجوم ميشلان أو ممن يبدعون في تقديم أشهى المأكولات في شوارع المدينة، فهؤلاء جميعاً يُساهمون في ترسيخ مكانة المنطقة على خريطة الطهي العالميّة. ولا تتوقّف هذه الظاهرة عند حدود دبي، بل تمتدّ لتشمل البحرين وعُمان والكويت والمملكة العربية السعودية، فهذه الدول تزخر بإمكانيات واعدة تُبشّر بمستقبل زاهر في عالم الطهي..

هناك أيضاً رواية مفادها أن الطعام يعكس القوة الاقتصادية والثقافية للبلد. هل تعتقد أن الدول ذات النفوذ الاقتصادي الأكبر تؤثر أيضاً على اتجاهات الطعام؟

أوافقك الرأي، هناك جانب من الحقيقة في هذا الأمر، لكنّه يتأثّر بعوامل متعددة. فمع اتّساع آفاق السفر وتنوّع الأذواق، أصبح الناس أكثر انفتاحاً على تجربة نكهات جديدة. لنأخذ المطاعم اليابانية كمثال، فقد شهدت إقبالاً هائلاً في الآونة الأخيرة، حيث سحرت نكهاتها ذائقة الناس في جميع أنحاء العالم. ولا يمكننا إغفال الدور الذي لعبته مكانة اليابان كقوة اقتصادية عظمى في هذا الصدد. ففي حين أسّست فرنسا قواعد فنّ الطهي الحديث، إلا أنّ تأثيرها ظلّ محدوداً نسبياً. أما اليابان، فقد عملت على توسيع نطاق انتشارها، حتى أصبح تأثير مطبخها عالمياً بشكل مذهل، متفوّقاً على العديد من المطابخ الأخرى! لذا، نعم، أعتقد أنّ هناك علاقة وثيقة بين القوّة الاقتصادية واتّجاهات الطعام السائدة.

برأيك ما هي المدن التي أصبحت عواصم المأكولات الجديدة في العالم؟

تُعدّ أمريكا الجنوبية مكاناً خصباً للإبداع في عالم الطهي، وتبرز بيرو وكولومبيا والبرازيل كوجهات رائدة في هذا المجال. وفي الشرق الأوسط، تتربع دبي على عرش عواصم الطعام بلا مُنازع. وفي أوروبا، تُواصل كوبنهاجن تطوّرها كمركز للطهي، بينما تحافظ سان سيباستيان الإسبانية على سحرها الأخّاذ. ومؤخراً، لمع نجم منطقة البلطيق، وتحديداً صربيا وكرواتيا، اللتان خطفتا الأنظار بمأكولاتهما المُميّزة. كما شهد المطبخ الجورجي صعوداً ملحوظاً على الساحة العالمية.

تتحدث كثيراً عن كيفية ارتباط الطعام بالذكريات. هل يمكنك توضيح ذلك؟

أجدُ في الطعام انعكاساً لذاتي ولتراثي المُزدوج، الفنزويلي والبريطاني. ففي فنزويلا، يرتبط الطعام ارتباطاً وثيقاً بالعائلة والتواصل، بينما في المملكة المتحدة، يغلب عليه طابع من التحفّظ والهدوء، وهذا لا ينطبق على المطبخ فحسب!

في الواقع، لطالما كان الطعام محور تجاربي حول العالم، فهو بالنسبة لي بمثابة رسالة ولغة للحبّ، وكلّ ما نتذوّقه يُخلّف فينا ذكريات لا تُمحى. فعندما ابتعدت عن عائلتي للمرّة الأولى، أو سافرت لقضاء إجازة مع أصدقائي، كان الطعام هو الرابط الذي يجمعنا. فالطعام يجمع الثقافات معاً، وفي هذا يكمن جوهر مفهوم "كسر الخبز" الذي يعبّر عن المشاركة والتواصل.

بصفتنا طهاة، نحمل على عاتقنا مسؤولية صناعة ذكريات لا تُمحى. فحتى بأبسط طبق سباغيتي، أو أفخم وجبة مؤلفة من عشرين صنفاً، بإمكانك أن تترك بصمة عميقة في نفس المتذوّق، وأن تؤثر فيه من خلال إثارة عواطفه، وهذه هبة لا تُقدّر بثمن. في عصر تهيمن عليه التكنولوجيا، من الضروري ألا نفقد هذا الرابط الشخصي مع الطعام. فالذكاء الاصطناعي، مهما بلغ من التطوّر، لن يستطيع أن يحل محل اللمسة الإنسانيةِ التي يضفيها الطاهي على أطباقه.

سوف يُقام حفل توزيع جوائز "دبي اف آند بي" (DXB F&B Awards)، برعاية شركة "ريكيت برو سولوشنز" (Reckitt Pro Solutions)، في فندق "ذا أدرس سكاي فيو" (The Address Skyview) يوم 27 نوفمبر.

مواطنون ينقذون 3 شبان من الغرق على شاطئ رأس الخيمة

تخصص أكاديمي جديد في العقارات للطلاب الإماراتيين قريباً

"نيمار" يقتني شقة فاخرة في دبي بـ200 مليون درهم

تحديثات ضريبية في الإمارات تعزز الشفافية وتسهل الإجراءات

ضبط 1780 دراجة وسكوتر مخالف في دبي