استلهمت مصممة الأزياء المتواضعة آسيا رفيق، التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، ذكريات طفولتها عن فراشة ترفرف في حديقتها، حيث شرعت في ابتكار أحدث تصميماتها القابلة للتكيف والتعديل. واستلهمت من روح الفراشات الحرة المتحولة، فصممت سترة سوداء بأكمام منفوخة يمكن فصلها ويمكن ارتداؤها بسهولة من قبل الأشخاص ذوي الهمم دون أي مساعدة. الأكمام مخيطة بشريط فيلكرو مخفي داخل الأسلاك التي يمكن نزعها وربطها بسهولة. وجد هذا التصميم الفريد النموذج المثالي في العارضة جيسيكا سميث، اللاعبة البارالمبية الأسترالية ومستشارة الإعاقة وإمكانية الوصول، التي ولدت بدون ذراعها اليسرى.
منذ ظهور علامتها التجارية "أدابتيف باي آسيا" Adaptive by Asiya لأول مرة في أسبوع الموضة المحتشمة بدبي في عام 2019، كانت الوافدة الهندية تجرب مواد القماش وأدوات التثبيت والتصميم الهيكلي لجعل ملابسها القابلة للتكيف والمعيارية عصرية وسهلة الاستخدام. تقول آسيا: "كل جسد فريد من نوعه. وأعتقد أنه يجب أن يتمتع الجميع بالقدرة على الاختيار والوصول إلى الموضة. يمكن ارتداء تصاميمي من قبل الأشخاص الذين تعرضوا لإصابة أو خضعوا لعملية جراحية أو يعانون من إعاقات جسدية. في الوقت نفسه، يمكن تكييف هذه الفساتين ليرتديها حتى أولئك الذين ليس لديهم إعاقات".
فستان آخر أسود مرصّع بالترتر ارتدته سميث مزين بعباءة حمراء بأكمام واسعة قابلة للفصل. بالنسبة لسميث، يمكن فتح السحابات الموجودة على الأكمام لتوفير مساحة أكبر لذراعها. كتصميم بديل، يمكن تثبيت السحابات لصنع عباءة بأكمام كاملة.
تشير الموضة المعيارية إلى الملابس التي تحتوي على عناصر قابلة للفصل يمكن إزالتها أو تبديلها أو إعادة تصميمها لتناسب الموضة المتغيرة والأذواق الفردية.
على مستوى العالم، تكتسب هذه الموضة القابلة للتحويل انتشاراً سريعاً باعتبارها اتجاهاً مستداماً. بالنسبة لآسيا، بدأ ارتباطها بالموضة التكيفية بالصدفة تماماً. كمتطوعة في الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص التي أقيمت في أبوظبي عام 2019، تأثرت آسيا برؤية محنة النساء المسلمات على الكراسي المتحركة وهن يكافحن مع عباءاتهن، والتي قد تعلق بين العجلات وملابسهن غير الملائمة التي تحد من حركتهن بشكل أكبر.
وتقول رفيق: "لقد رأيت العديد من المشاهد المؤثرة على أرض الملعب، بما في ذلك شاب يكافح لربط حذائه. كل هذه الحوادث أثارت في داخلي الرغبة لاستخدام إبداعي لتصميم ملابس من شأنها أن تجعل الحياة أسهل للأشخاص المميزين ومقدمي الرعاية لهم".
ولدت آسيا في كشمير بالهند، ودرست علم النفس، وعملت كعارضة أزياء في دلهي، وعملت في قطاع الإعلان قبل أن تنتقل إلى أبو ظبي في عام 2013، وهي مصممة أزياء علمت نفسها بنفسها، ومعلمة لذوي الاحتياجات الخاصة ومغنية صوفية.
كان أحد أول تصميماتها التكيفية مخصصاً لمريم، وهي شابة إماراتية مقعدة على كرسي متحرك، كانت مشلولة تماماً، ولم يكن بوسعها سوى تحريك عينيها، يمكن فتح العباءة التي صممتها رفيق من الخلف وتثبيتها بسحّابات، بلون أزرق غامق اختارته مريم بنفسها، حقق المشروع نجاحاً فورياً وسرعان ما حصلت آسيا على حجوزات حسب الطلب. تقول المصممة: "تستغرق خياطة الملابس التكيفية والمعيارية ساعات من العمل المضني والبحث والتوريد. إنها مصنوعة من قماش صديق للبشرة، مع إغلاق مغناطيسي مخفي وأزرار مغناطيسية وسحّابات معدلة وشريط فيلكرو ودرزات تفتح لاستيعاب الأطراف الاصطناعية أيضاً".
تتميز سراويل الكراسي المتحركة التي صممتها بسحابات على كلا الجانبين ويمكن إغلاقها دون تحريك الساقين، ولأن الأطفال المصابين بالتوحد لديهم حساسية عالية، فإن ملابسها لا تحتوي على علامات قد تزعجهم، وبالنسبة للأشخاص المصابين بمرض باركنسون، الذين لديهم ارتعاش في أيديهم، تأتي ملابسهم بأزرار مغناطيسية لإغلاقها بسهولة. وتقول: "الموضة تعزز ثقتنا بأنفسنا، كما يستحق الأشخاص المميزون الحساسون أن يظهروا بشكل جيد، لذا سترى أن ملابسي ليست تقليدية أبداً. إنها أنيقة ومتينة وبأسعار معقولة لأنني أفهم أنهم لديهم بالفعل فواتير طبية يجب دفعها".
لقد رسمت تصاميم آسيا المتواضعة القابلة للتكيف والتعديل البسمة على وجوه العديد من الأشخاص، فكما يتقبل الأفراد المميزون سهولة ارتداء الملابس، فإنهم يحبون أيضاً الأنماط والتصاميم المميزة التي تقدمها لهم، خاصة أن معظم العلامات التجارية لا تصمم ملابس للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أو تلك التي يمكن تخصيصها لتناسب الاحتياجات الفردية، تتذكر بوضوح الفرح والإثارة على وجه عارضتها في أسبوع الموضة المحتشمة في عام 2019. فبدلاً من المشاهير أو العارضات، اختارت آسيا هيرمان كور أرورا، وهي فتاة صغيرة مصابة بالشلل الدماغي. تقول آسيا: "ما زلت أتذكر عينيها المليئتين بالسعادة عندما لوحت للجمهور عندما تم دفعها على المنصة. كانت تلك هي المرة الأولى التي تضع فيها مكياجاً وملابساً عصرية كهذه (كانت ترتدي سترة قابلة للفصل قابلة للتعديل). كان والداها مسرورين بنفس القدر لرؤية الضوء على ابنتهما، كانت فرحتهما وامتنانهما أكبر مكافأة لي". "من خلال خط ملابسي، أريد أن أعطي المزيد من الثقة لمثل هؤلاء الأفراد بأن احتياجاتهم وخياراتهم مهمة أيضاً".
أثناء تطوعها في الأولمبياد الخاص وتصميمها لاحقاً للأشخاص ذوي الإعاقة، استلهمت آسيا فكرة الالتحاق بدورة في تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، مما مهٍد الطريق لدورها كمعلمة لذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس. ومن خلال منصتها "الزيد آرتس" Al Zaid Arts، صممت رفيق مجموعة من أنشطة اللعب الحسية للأطفال المصابين بالتوحد ومتلازمة داون، واستفادت من حبها للموسيقى، حيث قدمت مؤخراً جلسات الطبول في مدارس المجتمع الدولي، أبو ظبي، للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. تقول آسيا: "إن الجمع بين الطبول والعلاج باللعب يحفّز الأطفال ويساعد في تطوير مهاراتهم الحركية الدقيقة، ويحسّن التواصل البصري ومدى الانتباه".
وتضيف أن شغفها بالشمولية وإمكانية الوصول إلى الآخرين يشعل إبداعها ويقودها غالباُ إلى اكتشافات جديدة لتقنيات وتصميمات مبتكرة. ومن أحدث ابتكاراتها على سبيل المثال شال لمرضى الربو، وتوضح: "يمكن لف هذه الشالات المصنوعة من الصوف الناعم حول الأنف والفم عند الخروج في الشتاء، وسيعمل الشال على تدفئة الهواء الذي يتنفسه الشخص على الفور، مما يقلل من خطر الإصابة بنوبة ربو".
وقد حظي تصميم آسيا بأفضل تأييد عندما ارتداه الفنان الأمريكي المكفوف لاتشي، ومن بين أمنيات رفيق الحماسية أن ترى كل مركز تسوق في الإمارات العربية المتحدة يضم متجراً لبيع الملابس المخصصة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وتلخّص آسيا الأمر بقولها: "سيكون هذا بمثابة عالم شامل عندما نحتضن تفرّد كل شخص".