ترعرعت الأختان الإماراتيتان، ليلى وحصة بن هندي، في كنف عائلة غرست فيهما حبّ ريادة الأعمال. ومنذ خطواتهما الأولى في عالم الطهي داخل مطبخ منزلهما، قررتا تحويل شغفهما المشترك إلى مشروع ناجح يحمل اسم "فود فور مي" (Food4ME). مع التركيز على تقديم أطعمة لذيذة وعملية، تناسب مختلف الحفلات وفعاليات الشركات. وهكذا، أسستا علامة تجارية تُجسد قيم عائلتهما، وتُظهر براعتهما في فنون الطهي، وتستثمر الإمكانيات الرائعة التي توفرها دولة الإمارات العربية المتحدة.
استذكرت ليلى بن هندي، البالغة من العمر 42 عاماً، بدايات شغفها بريادة الأعمال، وقالت: "لم يكن والدي مُلهماً لي فحسب، بل كان قدوتي أيضاً. لقد رأيته يكافح لتأسيس أعماله الخاصة، وأطمح أن أحقق ولو جزءاً مما وصل إليه". لقد غرست رحلة والدها، المليئة بالصبر والتصميم، بذور الطموح في نفسها، ودفعتها للسعي وراء بناء مشروعها الخاص.
وقبل أن تُبحر في عالم ريادة الأعمال، شقت ليلى مسارها المهني في مجال الموارد البشرية، حيث عملت في شركة "إينوك" وبنك "باركليز" في مُقتبل العشرينيات من عمرها. وفي سن السادسة والعشرين، انطلقت في رحلتها الريادية. وقالت: "لقد أكسبتني خبرتي في الموارد البشرية مهارات أساسية في التعامل مع الآخرين وإدارة العمليات، وما زلت أعتمد عليها حتى اليوم". وتشمل هذه المهارات التي اكتسبتها، كيفية التفاعل مع الأشخاص من مختلف الثقافات والخلفيات، وإدارة العمليات اليومية في المؤسسات الكبيرة.
أما حصة، شقيقة ليلى التي تصغرها بعام واحد، فقد بنت مسيرة مهنية متميزة في القطاع المالي أيضاً، حيث عملت في مؤسسات مالية عريقة مثل بنك الإمارات دبي الوطني، وستاندرد تشارترد، وبنك باركليز، وبنك دبي التجاري.
وتشغل حصة حالياً منصباً في شركة "هودن للتأمين" (Howden Insurance Brokers)، حيث تُثري خبرتها المهنية دورها في إدارة "فود فور مي" (Food4ME).
ولا يجمع الأختين رابط عائلي وثيق فحسب، بل تتشاركان أيضاً أخلاقيات عمل متماثلة.
لم يولد "فود فور مي" من مجرد حب الطهي، بل بدأ كوسيلة لإشراك والدتهما، الطاهية المُبدعة، في مشروع مُميّز. تقول ليلى: "والداي طاهيان ماهران. لقد أطلقنا هذا المشروع لإبقاء والدتي نشطة ومنشغلة، ولمنحها فرصة لإدارة مشروعها الخاص. لكن إدارة الأعمال تتطلب التزاماً ومثابرة، ومع انشغالها بأعباء المنزل اليومية، كان من الصعب عليها الاستمرار". عندها، أدركت ليلى وحصة الإمكانات الكامنة في مشروعهما، فأمسكتا بزمام الأمور.
ما يميز هذا المشروع هو التزامه بتقديم أطعمة لذيذة و مريحة في آن واحد، تُناسب مختلف المناسبات والحفلات الخاصة بالشركات. وعلقت ليلى قائلة: "في كثير من الأحيان، نجد أن مظهر الطعام يخفي افتقاره إلى النكهة المُتميزة. لذلك، سعينا إلى تقديم تجربة مختلفة تُثبت أن الطعام قادر على إشباع الحواس بجماله ومذاقه الشهي". وانطلاقاً من توفير المنتجات الغذائية اليومية للمقاهي، ووصولاً إلى تلبية احتياجات الفعاليات الكبيرة، استطاع مشروع "فود فور مي" أن يحفر اسمه في ذاكرة عملائه كمُزوّد رائد لخيارات غذائية راقية وفاخرة.
قالت حصة: "انطلقت رحلتنا قبل خمس سنوات، وشهد مشروعنا نمواً مُستمراً منذ ذلك الحين. لقد أسسنا الشركة من منزلنا المتواضع في ند الحمر، وهي الآن مُسجلة لدى دائرة التنمية الاقتصادية بموجب ترخيص تاجر. وفي عام 2023، حققنا إنجازاً هاماً بافتتاح أول مقهى لنا في مركز أعمال اتصالات بالوصل، مما عزز مكانتنا في قطاع الأغذية المُزدهر في دولة الإمارات العربية المتحدة."
تعتبر ليلى دولة الإمارات العربية المتحدة عاملاً أساسياً في نجاح رحلتهما، وتُؤكد على أن "الفرص التي تُقدمها هذه الدولة للجميع استثنائية". ومن بين هذه الفرص، إمكانية إدارة الأعمال بشكل قانوني من المنزل، وهو ما سمح للعديد من رواد الأعمال مثل ليلى وحصة ببدء مشاريعهم دون تحمّل أعباء التكاليف العامة الباهظة. وتُجسد قصة الأختين كيف تُساهم سياسات دولة الإمارات العربية المتحدة المُتقدمة في خلق بيئة تُشجع الشركات المحلية على النمو والازدهار. وتقول حصة: "لقد تعاونت شركتنا،"فود فور مي" مع جهات حكومية مرموقة مثل اتصالات وبلدية دبي وموانئ وجمارك دبي. وقد ساهمت هذه الشراكات في دفع عجلة أعمالنا إلى الأمام، ومنحتنا الفرصة لعرض إبداعاتنا في مجال الطهي وتلبية احتياجات قطاع واسع من العملاء".
تأتي إدارة الأعمال مع أفراد العائلة بمجموعة من التحديات والمزايا الفريدة. وتؤكد ليلى على أهمية التواصل الواضح للحفاظ على التناغم في بيئة العمل. وتقدم نصيحتها قائلة: "ناقشوا جميع التفاصيل مُسبقاً، حددوا المسؤوليات، واتفقوا على المهام والأهداف، ووضّحوا مساهماتكم المالية. واحرصوا أيضاً على وضع خطة واضحة تُحدد كيفية توزيع الأرباح، وكيف سيتحمل كل فرد مسؤوليته في حال حدوث أي خسائر".
لقد ساهم هذا النهج المدروس في مساعدة ليلى وحصة على تجاوز التعقيدات التي غالباً ما تُصاحب إدارة الأعمال مع أفراد العائلة، مع الحفاظ على علاقتهما الأخوية وطيدة. إن امتلاكهما لمهارات متكاملة، خبرة ليلى في الموارد البشرية والعمليات، إلى جانب خبرة حصة في التمويل والتأمين، خلقت توازناً ديناميكياً ساهم في ازدهار "فود فور مي".
مع ازدهار أعمالهما وتوسّع حضورهما في قطاع الأغذية في الإمارات العربية المتحدة، تُواصل ليلى وحصة التزامهما بقيادة "فود فور مي" نحو آفاق جديدة. تقول ليلى بثقة: "نُريد أن ندحض فكرة أن الطعام لا يُمكن أن يكون جميلاً ولذيذاً في آنٍ واحد". لا تقتصر رحلتهما على بناء مشروع تجاري ناجح فحسب، بل تتمحور أيضاً حول مواصلة إرث عائلتهما في ريادة الأعمال وشغفهما بالطعام.
تُجسد قصة ليلى وحصة خير مثال على تضافر جهود العائلة والتصميم والبيئة المناسبة لخلق مشروع ناجح يُلهم الآخرين للسير على درب النجاح.