تخيل مجموعة رائعة تُظهر التاريخ الغني لدولة الإمارات العربية المتحدة. جمع أحد هواة القطع التراثية الإماراتيين المتحمسين أكثر من 2000 قطعة أثرية نادرة وتاريخية تشمل متعلقات شخصية للشيخ زايد وأغراض عسكرية قديمة، بالإضافة إلى مجموعة رائعة تُظهر التاريخ الغني لدولة الإمارات العربية المتحدة في أيامها الأولى.
يملك سعيد سالم الحبسي (51 عاماً) غرفة في منزله بأبوظبي تشبه المتحف، تضم مجموعة من التحف النادرة، وقد خصص قسماً خاصاً للمؤسس الإماراتي الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويضم الشعارات والدروع القديمة التي أهديت إليه.
وقال لصحيفة "خليج تايمز": "لقد أنشأت هذا القسم من منطلق حبي لمؤسس الأمة. هذه المقتنيات ثمينة ويصعب الحصول عليها. حصلت عليها من خلال المزادات في الإمارات العربية المتحدة، حيث إنني أبحث دائماً عن القطع النادرة".
يمتلك الحبسي قلماً فريداً من نوعه تم تصنيعه في عام الشيخ زايد، ولا يوجد مثل هذا القلم إلا في الإمارات العربية المتحدة بأكملها، كما يمتلك أيضاً بخاخاً وسكيناً وملاعق وأكواباً وحتى حامل بطاقات مصنوعاً من الفضة، وكلها تحمل شعار الإمارات الأول، والذي يعود للشيخ زايد.
ولا تنتهي مجموعته عند هذا الحد، بل لديه أيضاً مجموعة متنوعة من الشعارات العسكرية القديمة التي تستخدمها فروع القوات المختلفة، مثل الشرطة ووزارة الداخلية والجمارك وغيرها. وأشار إلى أن "هذا هو إرث بلدنا وانعكاس لماضينا، ويجب الحفاظ عليه".
ويمتد شغف الحبسي إلى ما هو أبعد من الشعارات، إذ يمتلك مجموعة متنوعة تضم خناجر وسيوفاً وأقلاماً مميزة وحتى أواني قهوة، ومن بينها واحدة كانت ملكًا للشيخ زايد نفسه. ويوضح الحبسي: "لقد شاهدت ذات مرة مقطع فيديو للشيخ زايد وهو يشرب من هذه الأواني".
وأكد حبه لجمع أواني القهوة لما لها من أهمية رمزية في الثقافة الإماراتية، كما تظهر صورة إناء القهوة على الدرهم الإماراتي.
ومن بين مقتنياته نموذج لسيف ارتداه المغفور له الشيخ خليفة بن زايد خلال العام الخامس من حكم والده. وأوضح أن هذا السيف كان ضمن مقتنيات الشيخ زايد عندما عرضت للبيع، وكان من حسن حظه أن عثر عليه وأدرك أنه يشبه السيف الذي كان يرتديه الشيخ خليفة.
ويتفهم الحبسي التحديات المرتبطة بالحصول على مثل هذه العناصر الفريدة، مشيراً في كثير من الأحيان إلى أن العديد من البائعين لا يدركون القيمة الحقيقية لما يبيعونه.
وفي إطار بحثه عن القطع الأثرية، حصل الحبسي على خاتم فضي مرصع بحجر الزركونيا كان ملكاً لكتيبة معمر القذافي الليبية. وقال: "وجدت هذا الخاتم في مزاد، ولم يدرك البائعون أهميته. وعندما عدت إلى المنزل وفحصته عن كثب، اكتشفت النقش الذي يشير إلى القذافي. وبعد بعض البحث، تأكدت من أنه خاتمه بالفعل".
وأضاف "عندما أبحث عن قطع جديدة، أتواصل مع زملائي الجامعين وأتشاور مع الأشخاص الذين يتشاركون اهتماماتي".
كما يمتلك سيفًا رومانيًا ثقيلاً منقوشاً عليه رسومات قديمة، ورغم أنه تلقى عرضاً بـ 35 ألف درهم مقابل هذا السيف، إلا أنه اختار عدم بيعه بسبب فرادته وتميزه.
وأوضح الحبسي "أسعى جاهداً لتجنب وجود نسخ مكررة في مجموعتي، فهذا ليس متحفاً، بل هو مجموعة شخصية مليئة بالقطع التي اقتنيتها، بعضها يعود إلى ما قبل اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة".
ويمتد شغفه إلى جمع الأسلحة العتيقة، بما في ذلك سكين من الحرب العالمية الثانية كانت تابعة للقوات الفرنسية.
وبالإضافة إلى كونه جامعاً للتحف، يشارك الحبسي أيضاً في العمل التطوعي. فهو رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء مرضى التصلب المتعدد الإماراتية. وهو أيضًا مفوض في مفوضية الكشافة الإماراتية ومقرها العين وهو ضابط عسكري متقاعد.
يتفانى الحبسي في العمل التطوعي، فقد سافر إلى الكويت ومصر والأردن لمساعدة المحتاجين، وتكفل بجميع نفقاته. وفي إطار جهوده، قام بتوزيع صناديق غذائية على 40 أسرة محتاجة في مدرستين احتفالاً بالذكرى الأربعين لليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، شارك في حملات لدعم الحجاج.
إن التزام الحبسي بالتراث والثقافة أمر رائع. فقد تولى ذات يوم المشروع الطموح المتمثل في لم شمل فريق عمل مسلسل تلفزيوني تراثي شهير بعنوان "أشحفان" بعد انقطاع دام 47 عاماً.
وقال: "لقد عزمت على جمعهم معاً، حتى أنني سافرت إلى البحرين وبحثت عن منزل أحد الممثلين لمدة ثلاث ساعات، ولم يكن معي سوى اسم المنزل ورقم المنزل".
جاءت الفكرة أثناء مشاهدته للمسلسل، وهي أيضًا جزء من التزامه بالحفاظ على السرديات الثقافية التي شكلت الهوية الإماراتية.