دقّ خبراء الصحة ناقوس الخطر، مُحذرين من انتشار الأمراض المزمنة بين سكان الإمارات، حيثُ يُعاني أكثر من نصف البالغين (60%) من حالةٍ صحيةٍ مُزمنةٍ واحدةٍ على الأقل، بدءاً من أمراض القلب ووصولاً إلى نقص في العناصر الغذائية الأساسية مثل الحديد وفيتامين د، الأمر الذي يُلقي بظلاله على صحتهم وحياتهم اليومية.
وقالت "صوفي سميث"، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة "نبتة" للرعاية الصحية في دبي: "تشهد هذه الحالات انتشاراً واسعاً في المنطقة، حيث تؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية وصحة الفرد العامة. وغالباً ما تكون أعراضها خفية، مما يُؤدي إلى تأخير التشخيص والعلاج."
وأضافت "سميث": "لا تقتصر الأمراض المُزمنة على أمراض القلب والأوعية الدموية، بل تشمل أيضاً نقص الحديد، ومُقاومة الأنسولين، واختلال التوازن الهرموني، والتي تُؤثر على الحياة اليومية وتُعد من الأسباب الرئيسية للعقم."
وأشارت إلى أن الكثير من الأشخاص لا يُدركون أعراض هذه الحالات في حياتهم اليومية، مثل ضيق التنفس أثناء صعود الدرج أو آلام المفاصل بعد الجلوس. وقالت: "غالباً ما يُحاول الناس التعامل مع هذه الحالات دون استشارة الطبيب، ويعتمدون على الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية."
أعرب أطباء عن قلقهم إزاء الارتفاع المُستمر في مُعدلات الإصابة بالأمراض المُزمنة في الإمارات، مثل مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب الأوعية الدموية، واضطرابات الجهاز التنفسي، مُحذرين من أن هذا الانتشار المُتزايد يُمثل تحدياً كبيراً يُهدد الصحة العامة.
وقال الدكتور ماهر خليل إبراهيم جالو، استشاري الطب الباطني في مستشفى جامعة ثومبي: "هناك زيادة ملحوظة في أعداد المصابين بأمراض مزمنة في المنطقة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري، وارتفاع ضغط الدم، والسمنة، وأمراض الكلى المزمنة، وأمراض الجهاز التنفسي".
وأوضح الدكتور جالو أن العادات الغذائية غير الصحية وقلة النشاط البدني تُعد من أهم العوامل التي تُساهم في ارتفاع معدلات الإصابة بهذه الأمراض، قائلاً: "إن اتباع الأنظمة الغذائية الغربية الغنية بالسكر والدهون غير الصحية، إلى جانب قلة ممارسة الرياضة، يؤدي إلى زيادة كبيرة في معدلات السمنة والأمراض المزمنة بين البالغين".
وشدّد الدكتور جالو على أهمية الكشف المبكر عن هذه الأمراض من خلال الفحوصات الدورية، قائلاً: "يُعدّ قياس ضغط الدم بانتظام أمراً ضرورياً لاكتشاف ارتفاع ضغط الدم في مراحله الأولى، بينما تُساعد اختبارات سكر الدم عند الصيام واختبار خضاب الدم السكري (HBA1c) في تشخيص مرض السكري وإدارته بشكلٍ فعّال. كما يُمكّن فحص مستويات الكوليسترول من تقييم خطر الإصابة بأمراض القلب".
ومن جهتها، أوضحت الدكتورة شيرين محمد حمدان، أخصائية طب الأسرة في مركز برجيل الطبي، أن مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية واضطرابات الجهاز التنفسي المُزمنة هي من أكثر الأمراض شيوعاً في دولة الإمارات العربية المُتحدة، مُشيرةً إلى أن السمنة، التي تُصيب أكثر من 30% من السكان، هي السبب الرئيسي وراء هذه الأمراض المُزمنة.
وحذّر الأطباء من مخاطر العادات الغذائية غير الصحية وقلة النشاط البدني بين المقيمين في الإمارات العربية المُتحدة. وفي هذا السياق، قال الدكتور جالو: "يلجأ الكثير من الأشخاص هنا إلى تناول الوجبات السريعة، مما يُؤدي إلى زيادة مُعدلات السمنة والإصابة بمرض السكري. كما أن قلة النشاط البدني، والتي تتفاقم بسبب نمط الحياة الحضري وضغوط العمل، تُفاقم من المشكلة."
وللتصدي لهذه المشاكل الصحية المُتزايدة، أكد الخبراء على أهمية تغيير نمط الحياة. وقالت الدكتورة حمدان: "إن اتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والإقلاع عن التدخين، وإجراء فحوصات طبية دورية يُمكن أن يُقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالأمراض المُزمنة. كما يجب على الأفراد مُتابعة حالتهم الصحية بانتظام بين الفحوصات الطبية وتتبع بعض المؤشرات المُهمة مثل ضغط الدم ومُستويات السكر في الدم."
شدّد الأطباء على أهمية اليقظة والمُتابعة الدقيقة للحالة الصحية، وحثّوا المرضى على مُلاحظة أي علامات تحذيرية قد تُنذر بتدهور الحالة. وفي هذا السياق، قال الدكتور جالو: "يجب على مرضى السكري مُراقبة أية أعراض مُقلقة، مثل زيادة العطش أو كثرة التبول، والتي قد تُشير إلى عدم استقرار مستويات السكر في الدم. أما بالنسبة لأمراض القلب، فإن ضيق التنفس أو ألم الصدر يُعدّان من أبرز العلامات التحذيرية التي تستدعي التدخل الطبي الفوري."
أكد الخبراء على أن اتباع نمط حياة صحي وإجراء فحوصات طبية بانتظام يُساهم بشكلٍ كبير في تحسين الصحة العامة والوقاية من الأمراض المُزمنة. وفي هذا السياق، قالت "سميث": "قد تُشير بعض الأعراض البسيطة التي تظهر في الحياة اليومية إلى الإصابة بأمراض مُزمنة، لذلك يجب عدم إهمالها، وينبغي استشارة الطبيب للحصول على الرعاية والعلاج المناسبين."