أكدت لطيفة الشحي، مديرة إدارة بيانات الاستثمار بوزارة الاستثمار في دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال كلمتها في قمة المعرفة التي عُقدت أمس الاثنين 18 نوفمبر، أنّه على الرغم من توقعات الدراسات باستبدال ملايين الوظائف بالأتمتة بحلول عام 2025، إلا أن الذكاء الاصطناعي سيُسهم في خلق 97 مليون وظيفة جديدة.
وقالت: "تُشير الدراسات الحديثة إلى أنّ الذكاء الاصطناعي، وعلى الرغم من حتمية استبدال الأتمتة لبعض الوظائف، سيساهم في خلق 97 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2025، من بينها وظائف غير مسبوقة كوظائف مُدرّبي الذكاء الاصطناعي، ومتخصصي الروبوتات."
وسلطت الضوء على ازدواجية تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، ففي الوقت الذي ستزيح فيه الأتمتة بعض الوظائف، سيُساهم الذكاء الاصطناعي في خلق فرص عمل جديدة ومتنوعة. كما حثّت الشحي على احتضان الذكاء الاصطناعي كأداة مفيدة بدلاً من الهروب منه، مؤكدة على ضرورة التكيّف مع إمكاناته التحويلية.
كما شدّدت الشحي على أهمية تزويد القوى العاملة بالمهارات اللازمة للتعامل مع اقتصاد يقوده الذكاء الاصطناعي، مؤكدة على ضرورة تعليم وتدريب الموظفين وعائلاتهم وأصدقائهم. وساقت مثالاً على ذلك بقصّة جدتها التي تعلمت استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي الأساسية لتحسين حياتها اليومية، موضّحة أهمية جعل التكنولوجيا في متناول جميع الأعمار وسهلة الاستخدام.
وأشارت إلى أنه في حين قد تؤدي الأتمتة إلى فقدان بعض الوظائف التقليدية، إلا أن الذكاء الاصطناعي سوف يمهد الطريق لظهور وظائف وصناعات جديدة، كوظائف مُدرّبي الذكاء الاصطناعي الذين يعلّمون الآلات كيفية فهم البيانات البشرية، ومُحلّلي البيانات الذين يفسّرون مجموعات البيانات الضخمة، ومتخصصي الروبوتات الذين يصمّمون ويحافظون على الأنظمة الآلية، بالإضافة إلى ظهور قطاعات جديدة تماماً مع تقدّم التكنولوجيا.
واستشهدت بمبادرات دولة الإمارات العربية المتحدة في سبيل تلبية هذه الحاجة، مثل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التي تمهّد الطريق لتخصّصات الذكاء الاصطناعي، وتشكّل نموذجاً عالمياً يُحتذى به في دمج تعليم الذكاء الاصطناعي في تطوير القوى العاملة.
وسلّط "كارستن سنيدكر"، رئيس تطوير الأعمال العالمي في شركة "داينكس ديفيلوبمنت"، الضوء على كيفية إعادة تشكيل الذكاء الاصطناعي للصناعات من خلال تعزيز الكفاءة وخلق فرص جديدة، مُشيراً إلى دوره في دفع عجلة التقدم في قطاعات مثل التعليم والترفيه وإدارة الطاقة.
وقال: "من منصات التعلم المخصصة إلى الأدوات التي تعمل على تحسين استخدام الطاقة، يعمل الذكاء الاصطناعي على جعل الحياة اليومية أكثر ذكاءً وكفاءة". واستشهد بأمثلة مثل أنظمة التدريب المُخصصة للطلاب، وأجهزة مراقبة الطاقة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والتي تُساعد المستخدمين على تتبع استهلاكهم والحدّ منه.
ومع ذلك، أقر "سنيدكر" بالتحديات التي يفرضها تبني الذكاء الاصطناعي، وخاصة فيما يتعلق بخصوصية البيانات والاعتبارات الأخلاقية. وقال: "يجب التعامل مع الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول لضمان دعمه للإبداع البشري واتخاذ القرار"، مضيفاً أن أنظمة الوكلاء المتعددين ستحدث ثورة في كيفية تفاعل الذكاء الاصطناعي مع الأفراد والمؤسسات في المستقبل القريب.
وشدّد الدكتور أيمن الشربيني، رئيس سياسات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتنمية الرقمية في الإسكوا (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا)، خلال الجلسة، على أهمية بناء أنظمة بيئية داعمة للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، مؤكّداً على ضرورة وضع الحكومات سياسات وطنية وإقليمية لتسخير فوائد الذكاء الاصطناعي مع مراعاة الاعتبارات الأخلاقية.
وقال الشربيني: "يكمن مستقبل الدول في تبني الذكاء الاصطناعي بمسؤولية واستشراف"، مؤكداً على أهمية التعاون بين الحكومة والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص لخلق أطر توازن بين الابتكار والتنظيم.
كما أشار الشربيني إلى دور التعاون الإقليمي في وضع معايير أخلاقية مشتركة والاستفادة من أفضل الممارسات. وقال: "لا يمكن لدولة واحدة أن تحقق ذلك بمفردها، فالتعاون الإقليمي يضمن نطاقاً أوسع للنجاح".