يستغل طلاب الجامعات في الإمارات العربية المتحدة إجازاتهم الجامعية لتطوير مهاراتهم واكتساب ميزة تنافسية في سوق العمل شديد التنافسية.
يرى الطلاب أن هذه العطلات - سواء كانت في فصل الشتاء أو الصيف أو حتى خلال الفصول الدراسية القصيرة - هي فرص قيّمة لتطوير مهاراتهم وبناء علاقات مهنية والتحضير لمستقبلهم الوظيفي.
وبالإضافة إلى تعليمهم الرسمي، التحق العديد منهم بمجموعة من برامج التدريب المعتمدة، وورش العمل المتخصصة في تطوير المهارات، ودورات التطوير المهني المصممة لسد الفجوة بين التعليم العالي ومتطلبات القوى العاملة.
تساهم هذه المبادرات في تعزيز فرصهم المهنية، بالإضافة إلى دعم الرؤية الشاملة التي تشجع على التعلم المستمر.
وفي حديثه لصحيفة خليج تايمز ، تحدث أحمد الرفاعي، الطالب في الجامعة الأميركية في الشارقة، عن تجاربه المتنوعة في العمل و كونه طالب عامل، مؤكداً على الدروس القيمة التي اكتسبها من العمل في بيئة جديدة وتعاونية.
"أعمل في مكتب القبول، حيث نتعامل مع الاستفسارات ونساعد الآباء في عملية القبول ونضمن حصولهم على المستندات اللازمة. بالنسبة للعديد من الآباء، وخاصةً أولئك الذين لا يمتلك أبنائهم أقارب أكبر سناً، قد يكون التعامل مع المستندات والمتطلبات عبر المناهج الدراسية المختلفة أمراً صعباً. غالباً ما تبدو عملية التقديم نفسها طويلة ومملة. بالإضافة إلى ذلك، ندعم الآباء من خلال تعريفهم بالجامعة وعروضها."
بصفته طالباً يعمل و يتلقى راتباً من الجامعة، يكون جدول عمله مرناً للغاية.
وأضاف المغترب الأردني الأمريكي: يتطلب مني العمل ست ساعات يومياً، يمكن أن أبدأ في الصباح أو قبيل الظهر، بناءً على وقتنا المتاح. إجازة الشتاء، على وجه الخصوص، تشهد زيادة في الاستفسارات الخاصة بالقبول. بالإضافة إلى مكتب القبول، هناك فرص أخرى متاحة مثل العمل في مكتب التفاعل الطلابي، ومكتب تكنولوجيا المعلومات. بعض أصدقائي يعملون كمساعدين بحثيين لأساتذتهم أيضاً."
وأكد أن العمل في جامعته كان تجربة تعليمية رائعة.
وأضافت طالبة الهندسة الكهربائية في السنة الثالثة: "لقد تطوعت من قبل، لكن هذه هي أول تجربة عمل حقيقية لي. لقد اكتسبت رؤى قيمة حول بيئات العمل في المكاتب وديناميكيات العمل مع أشخاص من مختلف الأعمار ومستويات الخبرة والخلفيات. كما أتيحت لي الفرصة للتعاون مع نظراء من مجالات متنوعة مثل الأعمال والهندسة الصناعية والصحافة والتسويق. تتيح لنا هذه التفاعلات التعلم من بعضنا البعض، كما نستفيد أيضاً من إرشادات الموظفين المحترفين في الجامعة".
وعلى نحو مماثل، يرى "جوبين جورج كاتشورا" أن الرحلة من الجامعة إلى عالم الشركات لا تتعلق فقط بالحصول على شهادة جامعية، بل بإنشاء أساس متين للنجاح.
وُلد وترعرع في الإمارات، وقد استفاد الشاب البالغ من العمر 21 عاماً من العطلات لتطوير مهاراته، وبناء علاقات مهنية، والتحضير لمسيرته في إدارة المشاريع – وهو مجال يمزج بين ديناميكيات العمل الجماعي، وفهم السلوكيات، واستراتيجية الشركات.
وأضاف: "كنت أبحث عن فرص تساعدني على التطور.ثم رأيت منشوراً على موقع لينكدإن لصديق تم قبوله في برنامج ماكنزي فوروورد (McKinsey Forward). كنت قد قدمت للبرنامج في الصيف، وبعد بضعة أسابيع، تلقيت رسالة القبول."
وأوضح أن برنامج ماكنزي فوروورد مصمم للمهنيين الشباب الذين يدخلون الصناعة، أو أولئك الذين يتطلعون إلى الارتقاء أثناء العمل، أو حتى أولئك الذين يغيرون مساراتهم المهنية. ويقدم البرنامج منصة رقمية تتضمن ندوات عبر الإنترنت ومواد ودورات تدريبية موجهة من قبل مستشاري شركة ماكنزي.
قال الطالب الذي يدرس الهندسة المدنية في جامعة ولونجونج في دبي، "يؤكد البرنامج على القدرة على التكيف والمرونة و"عقلية النمو" - تحويل المشاكل إلى فرص من خلال التفكير المنظم. لقد كان ذلك مفيداً للغاية في مساعدتي على فهم منهجيات النجاح في بيئة الشركات".
استمراراً في سعيه للتطور، انضم الطالب الآن إلى برنامج بي دبليو سي إيلفيت (PwC Elevate) الذي يقدم فرصاً للتوجيه عن بُعد، مخصصة وفقاً للطموحات الشخصية. حيث قال: "تم تعييني مع مرشد يمتلك خلفية أكاديمية مشابهة لي، ولكنه غيّر مساره المهني. مرشدي أيضاً يساعدني على كيفية استكشاف مجالات أخرى والتكيف معها." وأضاف: "كما قمت بزيارة أكاديمية "بي دبليو سي" في إعمار سكوير. إذا تمكنت من بناء علاقة جيدة مع مرشدك، فقد يؤدي ذلك إلى فرصة تدريب في بي دبليو سي."
وفي الوقت نفسه، يعمل جوبين أيضاً على بناء سيرته الذاتية وتعلم اللغة العربية من خلال الدروس الخصوصية عبر الإنترنت، "لأنها ضرورية لتحسين التواصل في المنطقة".
كما يستفيد الطالب من دورات كورسيرا المجانية التي تقدمها جامعته، بما في ذلك برنامج معتمد من جوجل في إدارة المشاريع. وقال: "تساعدني هذه الدورات متعددة التخصصات في تطوير العقلية اللازمة لإدارة الفرق وحل المشكلات في بيئة الشركات. النجاح لا يتعلق فقط بالمؤهلات ولكن بالعقلية والقدرة على التكيف. أنا متحمس لرؤية إلى أين ستأخذني هذه التجارب".
بدأ قيس أبو قطيش، الطالب البالغ من العمر 19 عاماً، استكشاف العلاقة بين البرمجة وتخصصه، حيث يتعلم لغتي البرمجة "بايثون" و"C++" عبر دورات مجانية على الإنترنت هذا الشتاء. يركز قيس على كيفية تطبيق هذه اللغات البرمجية في مجالات الهندسة الصناعية، مما يمزج بين التكنولوجيا والممارسات الهندسية التقليدية. وأضاف: "تعلم البرمجة خطوة أساسية بالنسبة لي، لأنها ستساعدني في تقديم حلول فعّالة في مجالي."
إلى جانب دراسته، يعمل طالب الهندسة الصناعية في السنة الثانية وأصدقاؤه في الجامعة الأميركية في الشارقة على مشروع مع مؤسسة إنجاز، وهي شركة تركز على رعاية المواهب الشابة من أجل الاستعداد للانضمام إلى القوى العاملة.
خلال موسم العطلات، قاموا بتطوير خطط الأعمال، وتعلموا عن الإدارة المالية، والاستعداد لإطلاق شركة ناشئة تجريبية.
وأوضح أن "هذه التجربة لا تقدر بثمن. فنحن لا نتعلم النظرية فحسب، بل نطبقها في مواقف واقعية، تحت إشراف مستشارين من كبرى الشركات ورؤساء الأقسام. وفي كل أسبوع، نلتقي بمستشارين يزودوننا برؤى حول كيفية إدارة الأعمال، وكمجموعة، نتعاون كل يومين لدفع المشروع إلى الأمام".
قيس المغترب الأردني يملك رؤية واضحة لأهدافه المستقبلية. فهو يسعى لبناء مسيرة في استشارات الاستراتيجيات، ويعتقد أن اكتساب الخبرة والتوجيه سيكونان أمرين حاسمين قبل أن يبدأ في ريادة الأعمال. وقال: "أدرك أنه لكي أكون رائد أعمال ناجح، يجب علي أولاً العمل تحت إشراف شخص يمكنه أن يعطيني فكرة شاملة عن عالم الأعمال." وأضاف قيس: "استشارات الاستراتيجيات توفر لي منصة ممتازة للنمو، وفي النهاية، أعتزم استخدام تلك الخبرة في بناء مشروعي الخاص."