أمينة الدبابسيخ، طالبة فلسطينية أوكرانية، لطالما راودها حلم بأن تصبح طبيبة، لكن مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، تلاشت جميع آمالها.
وقالت أمينة، التي كانت تدرس الطب في جامعة "بوجوموليتس" الطبية الوطنية في كييف: "شعرت بأن كل ما بنيته ينهار أمام عيني. لقد حطمت الحرب حياة الكثيرين، ومزقت أحلامي إلى شظايا. لم أعد أرى نوراً في نهاية النفق".
وبما أن العودة إلى فلسطين لمواصلة دراستها لم تكن خياراً مطروحاً، فقد وجدت نفسها أمام طريق مسدود، مُجبرة على تأجيل طموحاتها. وتقول أمينة إنه في الوقت الذي اعتقدت فيه أن كل أحلامها تتلاشى، منحتها الإمارات العربية المتحدة "طوق نجاة" وفرصة للبدء من جديد.
أما محمد عبد البارئ، ابن فلسطين، فقد وجد أن تحقيق حلمه بأن يصبح طبيباً أضحى ضرباً من المستحيل وسط الصراع وعدم الاستقرار الذي يعصف بوطنه. ويقول محمد: "لولا الإمارات العربية المتحدة، لما كنت أقف هنا اليوم".
التحق أمينة ومحمد بجامعة الخليج الطبية في عجمان، وفي يوم الأربعاء، وقفا شامخين بين 561 خريجاً في حفل تخريج الدفعة الحادية والعشرين من جامعة الخليج الطبية في مدينة ثومبي الطبية في عجمان، تلك اللحظة التي ظنّا يوماً أنها لن تأتي أبداً.
وشهد الحفل، الذي حضره سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي ولي عهد عجمان، تكريم الطلبة من مختلف الجنسيات والثقافات، حيث جسدت رحلة أمينة قدرة الطلبة على الصمود وتخطي التحديات مهما بلغت صعوبتها.
لم يكن الانتقال إلى الإمارات العربية المتحدة أمراً هيناً على أمينة. وقالت: "كانت مغادرة أوكرانيا تجربة قاسية، فقد بدأت رحلتي الطبية هناك، وكونت صداقات جميلة، وبنيت أحلامي على أرضها. كان وصولي إلى الإمارات بمثابة قفزة في المجهول، لكن تبيّن لي لاحقاً أنه كان أفضل قرار اتخذته في حياتي".
وفيما تتطلع أمينة إلى التخصص في طب الأعصاب، تغمرها مشاعر الامتنان. وقالت: "لم تكتفِ دولة الإمارات العربية المتحدة بتوفير التعليم لي، بل منحتني فرصة ثانية للحياة. هدفي الآن هو المساهمة في تطوير الرعاية الصحية على مستوى العالم، مع دعم أوكرانيا وفلسطين بأي طريقة ممكنة، سواء من خلال الاستشارات عن بُعد، أو البحث العلمي، أو توجيه المهنيين الشباب".
أما محمد، الذي تخرج حديثاً من كلية الطب، فقد تعهد بالمساهمة في بناء وطنه. إنه عازم على الارتقاء بمستوى الرعاية الصحية في فلسطين، ويطمح إلى مستقبل يُمكنه فيه تحسين الرعاية الطبية في مجال جراحة العظام، وتوجيه الأطباء الشباب.
وقال: "إن النهوض بمستقبل الرعاية الصحية في فلسطين يتطلب تضافر الجهود والتعاون المثمر، والمعرفة التي اكتسبتها هنا ستمكنني من إحداث فرق حقيقي".
وأضاف أن كل هذه الأحلام لم تكن لتتحقق لولا الفرصة التي منحتها إياه دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتابع محمد قائلاً: "لقد أسهمت المرافق الحديثة، وأعضاء هيئة التدريس المتميزون، والبيئة الغنية بتعدد الثقافات في الجامعة في إعدادي إعداداً أكاديمياً ومهنياً متكاملاً. لقد غرست فيّ دولة الإمارات العربية المتحدة الثقة لأحلم بأشياء أكبر، وأطمح إلى أهداف أعلى".
أما حيان فايز عبد العزيز، خريج التمريض البالغ من العمر 33 عاماً، فيرى أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي التي مهدت له طريق النجاح. ويقول: "بالنسبة للطلاب مثلي، توفر دولة الإمارات العربية المتحدة بيئة مثالية للتعلم والنمو. لقد منحني التدريب الذي تلقيته هنا الثقة لمواصلة تحقيق طموحاتي في مجال الرعاية الصحية".
ويخطط حيان لاستخدام مهاراته لتطوير أنظمة الرعاية الصحية في وطنه، مستلهماً ما تعلمه في الإمارات العربية المتحدة. ويقول: "آمل أن أتمكن من إنشاء أنظمة رعاية صحية مماثلة لتلك التي رأيتها هنا، تجمع بين التقنيات الحديثة والرعاية الإنسانية الرحيمة".