في ظلّ توجه دبي نحو تطبيق رسوم سالك المتغيرة وتعديل أسعار مواقف السيارات، يُبدي سائقو السيارات في دولة الإمارات العربية المتحدة استعدادهم لإعادة النظر في خياراتهم و تعديل مساراتهم اليومية.
كشفت هيئة الطرق والمواصلات، يوم أمس الخميس، عن عزمها تطبيق نظام تسعير متغيّر لرسوم سالك، بالإضافة إلى تعرفة متغيرة لمواقف السيارات، وذلك في عام 2025، في إطار "استراتيجية المدينة الشاملة لتحسين انسيابية الحركة المرورية".
قد يدفع هذا التغيير بعض السائقين إلى تعديل ساعات تنقلهم، فيستيقظون مبكراً عن المعتاد للاستفادة من فترة الرسوم المجانية، بينما قد يؤخر آخرون انطلاقتهم لتجنب رسوم فترة الذروة. وفي خضم ذلك، تتزايد التساؤلات بين المواطنين والمقيمين حول تأثير هذه التعديلات على ميزانياتهم، خاصة أصحاب مواعيد العمل والدراسة الثابتة. كما يفكر البعض في طلب بدل نقل إضافي لتغطية تكاليف الرسوم، في حين يتجه آخرون نحو مشاركة السيارات أو استخدام وسائل النقل العام.
وسيشهد نظام سالك تعديلات مع نهاية يناير 2025، حيث سيتمكن السائقون من عبور البوابات مجاناً بين الواحدة صباحاً والسادسة صباحاً. أما في أيام الأسبوع، فستصبح الرسوم 6 دراهم (بزيادة درهمين) خلال ساعات الذروة الصباحية (من السادسة إلى العاشرة صباحاً) والمسائية (من الرابعة إلى الثامنة مساءً). وستبقى الرسوم خلال ساعات الازدحام المنخفض، بين العاشرة صباحاً والرابعة مساءً، ومن الثامنة مساءً إلى الواحدة صباحاً، كما هي عند 4 دراهم. أما أيام الأحد، باستثناء العطلات الرسمية والمناسبات الخاصة، فستُفرض رسوم ثابتة بقيمة 4 دراهم طوال اليوم، مع إتاحة المرور المجاني من الواحدة صباحاً حتى السادسة صباحاً.
وبحلول نهاية مارس 2025، سيتم تعديل رسوم المواقف لتصبح 6 دراهم للساعة في المواقف المميزة، و4 دراهم للساعة في باقي المواقف العامة المدفوعة، وذلك خلال ساعات الذروة الصباحية (من الثامنة إلى العاشرة صباحاً) والمسائية (من الرابعة إلى الثامنة مساءً). وستبقى التعرفة على حالها خلال فترات الازدحام المنخفض، من العاشرة صباحاً إلى الرابعة مساءً، ومن الثامنة إلى العاشرة مساءً.
هذا بالإضافة إلى مجانية مواقف السيارات ليلاً من العاشرة مساءً حتى الثامنة صباحاً، وطوال أيام الأحد والعطلات الرسمية. كما ستشهد منطقة مركز دبي التجاري العالمي تطبيق سياسة جديدة لتسعير الازدحام خلال الفعاليات الكبرى ابتداءً من فبراير 2025.
وأشار الدكتور مصطفى الداه، مؤسس شركة "إم إيه ترافيك كونسلتينج" ورئيس قسم دراسات المرور السابق في شرطة دبي، إلى أن "التوقيت المتغيّر قد يُفيد العاملين في النوبات الليلية أو أولئك الذين يبدؤون عملهم في الصباح الباكر، حيث تكون الطرق خالية عادة في تلك الأوقات".
وأكدّ الباحث في مجال سلامة المرور على حتمية تعديل رسوم سالك في دبي، مشيراً في حديثه لصحيفة "الخليج تايمز" إلى أن "رسوم سالك لم تتغير منذ تطبيقها عام 2007، في حين ارتفعت رسوم الازدحام في لندن، على سبيل المثال، ثلاثة أضعاف، من 5 جنيهات إسترلينية إلى 15 جنيهاً إسترلينياً عام 2020، منذ إطلاقها عام 2003".
وأضاف: "بالنسبة لمواقف السيارات في محيط مركز دبي التجاري العالمي، أودّ معرفة مدى تأثير هذه التعديلات. فقد احتجت مؤخراً لساعتين للوصول إلى هناك بسيارتي الخاصة، ومع ذلك واجهت صعوبة في إيجاد موقف مناسب. أعتقد أن الوقت قد حان لإعادة النظر في تنظيم حركة الأفراد أثناء الفعاليات الكبرى".
أعرب المقاول الفلبيني "مايكل دا كوستا" عن قلقه من أن زيادة رسوم سالك ستُترجم إلى زيادة في نفقات الأسرة، قائلاً: "بصفتي أباً أوصل أطفالي إلى المدرسة يومياً، فإن هذه الزيادة ستؤثر بشكل كبير على ميزانية أسرتي. وبينما أتفهم ضرورة معالجة مشكلة الازدحام المروري، إلا أن مجرد زيادة الرسوم قد لا تكون الحل الأمثل."
واستكمل "دا كوستا"، مدير العلاقات العامة والإعلام في مجلس الأعمال الفلبيني في دبي والإمارات الشمالية، حديثه قائلاً: "لا تزال طرقنا تشهد ازدحاماً خلال ساعات الذروة، حتى الطرق البديلة. وللتخفيف من حدة الازدحام بشكل فعّال، نحتاج إلى حل أكثر شمولية، كاعتماد ساعات عمل مرنة وأنماط عمل هجينة للموظفين والطلاب".
وأضاف زيان علي، الطالب في السنة الثانية بكلية الهندسة قسم الكمبيوتر في جامعة بيتس بيلاني بدبي، البالغ من العمر 20 عاماً: "سيُحمّلني نظام التسعير المتغير تكلفة إضافية، حيث أن جدولي الدراسي ثابت من الساعة 7:30 صباحاً حتى 3:40 مساءً، وسأضطرّ للدفع وفقاً لفترة الرسوم الأعلى."
واستطرد قائلاً: "كمخرج من هذا الوضع، سأضطرّ إما لمشاركة السيارة مع الأصدقاء أو للتنقل بواسطة الحافلات."
وأعربت "ريتشل وينجكو فوسبيري"، رئيسة العمليات في شركة "موجو للعلاقات العامة" والمقيمة في دبي منذ فترة طويلة، عن شكوكها حول جدوى نظام التسعير المتغير في توفير المال، قائلة: "بالنسبة لي، لا يمكنني تجنب ساعات الذروة لأنها تتزامن مع مواعيد عملي واجتماعاتي. سأضطرّ إلى مغادرة المنزل في أوقات مختلفة لتجنب الازدحام وتكاليف سالك الإضافية."
وأضافت: "لو كانت ساعات عملي مرنة، لتمكنت من تعديل أوقات تنقلي لتجنب ساعات الذروة. لكن مع دوام من التاسعة صباحاً حتى الخامسة مساءً، يصبح ذلك مستحيلاً. لحسن الحظ، أعمل من المنزل مرتين أسبوعياً، وهو ما سيُخفف بعض الشيء من تأثير نظام التسعير الجديد".
وأضافت "شرا خيلاوالا"، مستشارة الاتصالات الرئيسية: "سيثقل هذا النظام الجديد كاهل ميزانيتي الشهرية بشكل كبير. فأنا أسكن في الشارقة وأعمل في مدينة دبي للإعلام، بينما يعمل زوجي في أم سقيم. ونحن ننفق مبالغ طائلة على سالك بالفعل نظراً لاختلاف مواعيد عملنا واضطرارنا لاستخدام سيارتين. مع تطبيق التسعير المتغير، ستتضاعف نفقاتنا تقريباً، مما سيفاقم الأعباء المالية. لست مؤيدة لهذه الخطوة إطلاقاً لأنها تضيف أعباءً إضافية على مستخدمي الطرق باستمرار مثلي ومثل زوجي. ربما سنضطرّ إلى استخدام سيارة واحدة لتقليل نفقات سالك".
يرى "مايانك تشاتورفيدي"، مدير شركة "براند سنتري"، أن "التعريفات الجديدة لمواقف السيارات وسالك ستفاقم مشكلة الازدحام وتزيد الأعباء المالية على مستخدمي الطرق يومياً. فالطرق البديلة إما تكون أطول أو تخضع لرسوم سالك أيضاً، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة الوقت والتكلفة. لقد أصبح مساري المعتاد من شارع الشيخ زايد إلى الخليج التجاري أطول بنحو 40 دقيقة وأكثر تكلفة. ولمساعدة مستخدمي الطرق فعلياً وتقليل الازدحام وتوفير التكاليف، نحتاج إلى حلول فعّالة من حيث الوقت والتكلفة."
ويُبدي سكّان آخرون تخوّفهم من أن تؤدّي الرسوم المتغيرة إلى زيادة نفقاتهم. وفي هذا السياق، قال محمد أبو حمدان، الذي يقطن في منطقة النهدة بالشارقة ويعبر بوابات سالك يومياً للوصول إلى عمله في القوز: "أستخدم سالك في الصباح أثناء ذهابي إلى العمل ومرة أخرى في المساء عند العودة إلى المنزل. وأنفق حوالي 8 إلى 12 درهماً يومياً حسب حركة المرور على الطرق المختلفة، أي ما يصل إلى أكثر من 300 درهم شهرياً. ومع تعديل أسعار الرسوم، أخشى أن تتجاوز نفقاتي 500 درهم، خاصة مع الرحلات العائلية وخطط عطلة نهاية الأسبوع".
ويشارك فراس مصطفى، أحد سكان أبو هيل، هذا القلق إزاء الرسوم المعدّلة، فهو يعبر يومياً بوابات سالك على جسري آل مكتوم والقرهود. وقال: "سأضطر الآن إلى تغيير مساري والسير عبر جسر إنفينيتي، لكن حركة المرور بعد عبور الجسر لا تُطاق".
وقال: "أخطط الآن للمغادرة مبكراً لعبور هذه البوابات قبل بدء ساعات الذروة"، مضيفاً: "سأطلب أيضاً من مديري تعديل أوقات دوامي للبدء متأخراً والانتهاء متأخراً، لتجنب الرسوم المرتفعة".
يقول سيد باسط، وهو مسؤول تنفيذي في مجال التسويق: "أقضي يومي في التنقل لحضور اجتماعات مع العملاء، وتوفر شركتي بدل سالك بقيمة 300 درهم، لكن مع تطبيق الرسوم الجديدة، سأضطر إلى اختيار مساراتي بعناية للبقاء ضمن هذا الحد."
واستطرد قائلاً: "ليس من الممكن دائماً المرور عبر بوابات الرسوم قبل الثامنة صباحاً للوصول إلى المكتب في الوقت المحدد والعودة في وقت متأخر من المساء. أخطط لمناقشة زيادة بدل سالك مع شركتي، فإدارة التكاليف مع ضمان حضور اجتماعات العملاء في المواعيد المحددة ستكون تحدياً كبيراً."