تملك دولة الإمارات العربية المتحدة أول مصنع لإنتاج مشاعل الملح عالية الجودة لتلقيح السحب في المنطقة، أو ربما حتى في العالم، حيث يحقق أداءً أعلى بثلاث مرات مقارنة بالمواد الماصة للرطوبة المستخدمة عادة.
ويعد مصنع الإمارات لتحسين الطقس التابع للمركز الوطني للأرصاد الجوية في أبوظبي، حيث يتم تصنيع مشاعل الملح لتلقيح السحب، منشأة فريدة من نوعها تجمع بين العلم والتكنولوجيا والهندسة لإنتاج المعدات اللازمة لتعديل الطقس.
ويتخصص المصنع في إنشاء مشاعل تحتوي على أملاح طبيعية غير ضارة، والتي تستخدم في مهمات تلقيح السحب في دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز هطول الأمطار في المنطقة.
وفي معرض حديثها عن هذا المشروع، قالت علياء المزروعي، مديرة برنامج الإمارات للاستمطار: "لقد أسفر عمل البروفيسور "ليندا زو" على مواد تلقيح السحب القائمة على تكنولوجيا النانو عن منتج حصري تم إنتاجه في الإمارات العربية المتحدة أظهر زيادة بنسبة 300% في عدد قطرات الماء الكبيرة، مقارنة بمواد التلقيح التقليدية. يتم تصنيع مواد التلقيح الجديدة هذه في مصنع الإمارات لتحسين الطقس التابع للمركز الوطني للأرصاد الجوية".
"لم يسبق لأي دولة أخرى أن توصلت إلى هذه المادة. لذا، يتم تصنيعها حصريًا في دولة الإمارات العربية المتحدة، ونحن الآن نعمل نحو مرحلة التسويق التجاري. إنها نتيجة ملموسة لجهودنا والتي يمكن استخدامها الآن وتعزز فعالية العملية."
وأضافت أن "هذه كانت نتيجة رائدة لبرنامج الإمارات للاستمطار، ونحن نركز على تكنولوجيا النانو كمجال".
وأشارت المزروعي إلى أن المادة المبتكرة التي تم تطويرها في البداية في عام 2016 خضعت لتقييم مكثف من قبل علماء من جميع أنحاء العالم. وقالت: "لقد تطلب الأمر الكثير من البحث للانتقال من مستوى الجاهزية التكنولوجية من المراحل المبكرة إلى المرحلة التاسعة، وهي مرحلة التسويق. نحن بالفعل في مرحلة التصنيع الآن ونزن جانب التسويق".
وأوضح الخبراء أن عملية التصنيع داخل المنشأة تتم بدقة متناهية، حيث يتم قياس المواد الخام، بما في ذلك أنواع معينة من الأملاح مثل كلوريد البوتاسيوم وكلوريد الصوديوم، ودمجها في ظل ظروف خاضعة للرقابة لإنتاج الشعلة.
ويعمل العلماء والفنيون والمهندسون في بيئة تشبه المختبرات، لضمان أن التركيب الكيميائي وحجم جزيئات الأملاح مثاليان لتلقيح السحب. ثم يتم تعبئة الخليط بعناية في خراطيش مصممة لإطلاق جزيئات الملح بشكل فعال عند نشرها في الهواء.
وتخضع كل شعلة لفحوصات الجودة واختبارات صارمة لضمان عملها بشكل صحيح في ظل ظروف الطقس المختلفة. ثم يتم تحميل الشعلات النهائية على طائرات مجهزة لمهام تلقيح السحب. وعندما تصل الطائرات إلى السحب، يتم إشعال الشعلات، مما يؤدي إلى إطلاق جزيئات الملح في الغلاف الجوي. وتشجع هذه الجزيئات تكوين قطرات الماء، والتي يمكن أن تساعد في تحفيز هطول الأمطار.
وأضافت المزروعي: "يستخدم هذا الملح في المشاعل التي يتم تحميلها في الطائرات، ولكن لم يتم استخدامه بعد في المولدات. ما زلنا نستخدم المادة الماصة للرطوبة (المادة التي تمتص الرطوبة بسهولة من محيطها، وخاصة من الهواء) لهذا الغرض".
وأكد مسؤولون آخرون أن عمل المركز الوطني للأرصاد الجوية جعل دولة الإمارات العربية المتحدة رائدة في مجال تلقيح السحب، وخاصة في المنطقة، حيث تلعب المنشأة دوراً محورياً في معالجة ندرة المياه من خلال العلوم الجوية المبتكرة.
وقال عمر اليزيدي، نائب المدير العام للمركز الوطني للأرصاد الجوية: "كنا بحاجة إلى امتلاك منشأة لإنتاج مشاعلنا الخاصة، وتطبيق أبحاثنا، بدلاً من مجرد الشراء. أولاً، يساعدنا هذا على إجراء المزيد من الاختبارات والتحقق وإجراء المزيد من الأبحاث. لقد اعتقدنا أن هذا قد يؤدي إلى تحسينات أخرى أيضًا. ثانيًا، في إطار برنامج الإمارات للاستمطار، نشجع العلماء على دراسة علوم المواد. عادةً ما تكون مواد البذر المستخدمة قديمة منذ عقود ولم تشهد أي تحسن علمي كبير في جميع أنحاء العالم".
وبدأت عمليات تعزيز الأمطار في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1990 وتم تطويرها من خلال التعاون مع منظمات مثل المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في كولورادو بالولايات المتحدة الأمريكية ووكالة ناسا.
ومن الجدير بالذكر أن المركز الوطني للأرصاد الجوية بصدد تجهيز طائرة مخصصة لمشاريع بحثية تركز على تحسين هطول الأمطار. وستنضم الطائرة الأخيرة إلى أسطول المركز الوطني للأرصاد الجوية الحالي الذي يتألف من أربع طائرات متخصصة من طراز King Air وفريق من الخبراء يتألف من 11 طياراً وطاقم متخصص آخر.