كان الوافد الهندي "آنو سينوبال" صحفياً ومحرراً ومؤلفاً لكتب نالت استحساناً كبيراً، ولكن على مدى السنوات القليلة الماضية في صحيفة "خليج تايمز "، كان أكثر من كل ذلك، لقد كان معجزة.
عاش مع سرطان القولون في المرحلة الرابعة لمدة أربع سنوات. وتوفي يوم الثلاثاء في منزله بولاية "كيرالا" بجنوب الهند عن عمر يناهز 49 عاماً.
لمدة 14 عاماً، قام آنو بتحرير أخبار "خليج تايمز" للمطبوعات وعلى الإنترنت. لقد كان يتصرف بهدوء تام في الوقت الذي كانت فيه غرفة التحرير تضج بسبب المواعيد النهائية والأخبار العاجلة، وبعد تشخيص إصابته بالسرطان عام 2020، أصبح مصدر إلهام.
كان المحرر المساعد "سهيم سالم" يتذكر ابتسامته دائماً وقال: "خلال السنوات الـ11 التي عرفته فيها، رأيته يتحدى كل مشاكل الحياة بابتسامة".
وأضاف سليم: "التقيت به آخر مرة في يونيو من هذا العام. كان يكافح من أجل الوقوف باستقامة دون دعم و من أجل التحدث دون أن يلهث، وكان يبتسم حتى في ذلك الوقت".
وقالت "أجانتا بول"، التي عملت معه كعضو من الفريق الرقمي، إن آنو علمها أن تكون "ناقدة كمحررة".
وقالت بول، معترفة بزميلها باعتباره خبيراً مخضرماً في هذا المجال: "كان يحرص دائماً على إيصال الحقيقة كما هي دون الترويج لأفكار معينة. فقد كان يحذف كل ما قد يبدو غير لائق ويدحض أي تلميح نمطي". فقبل انضمامه إلى صحيفة "خليج تايمز"، عمل لدى بعض الصحف الوطنية الهندية مثل "إكسبرس الهندية" و "ذا فري بريس جورنال".
بالنسبة ل"ساملال سيسوبالان"، المصمم الرئيسي، لم يكن آنو مجرد زميل يحارب السرطان، بل كان أفضل صديق له.
قال سيسوبالان الذي انضم إلى "خليج تايمز" في العام نفسه الذي انضم فيه آنو: "كان يدعوني إلى منزله في الشارقة في كل مناسبة".
وأضاف: "لقد كان كريماً وطباخاً ماهراً"، متذكراً كيف كان آنو يطهو ثلاثة أو أربعة أطباق ويحضرها جميعاً إلى العمل لتناول طعام الغداء جماعياً.
لم يتمكن "أنجيل تيسوريرو، مساعد المحرر، من تذكر أي لحظة لم يكن فيها آنو حاملاً كتاباً في يده. وقال: "كان شغفه في الكتب، لقد أحب حرفة الكتابة ووجد متعته في قراءة الكتب الممتعة، لقد كان شخصاً يطالع الكتب دائماً، في العمل أو في المنزل، أثناء النقل أو أثناء السفر".
ألف آنو ثلاثة كتب باللغة المالايالامية، وفاز كتابه " ملاحظات حول أسباب الانتحار" بجائزة "أطلس كيرالي".
لن ينسى "سوريش باتالي"، المحرر التنفيذي، "اليوم التاريخي" عندما تم عرض عناوينه هو وآنو في معرض الشارقة الدولي للكتاب.
قال باتالي: "كنت أنا وآنو مسافرين معاً في رحلة قصيرة، لكن الآثار التي تركها خلفه لا تُمحى. لقد كان رحالةً يحمل الكثير من الشغف والشعر في قلبه وكان يرفه عن كل من يقابله بالطعام والأفكار العميقة، لطالما كانت لقاءاتنا تتسم بالمرح اللامتناهي".
يتطلب الأمر شجاعة كبيرة لمحاربة السرطان، ولكن التعايش معه فعلياً؟ إنه أمر لا يمكن تصوره، ومع ذلك فقد فعله آنو.
لم تتوقف الحياة عند مرض السرطان. فقد استمر في القيام برحلات برية، واستمتع بمناظر الجبال، والتقى وكوّن صداقات على طول الطريق.
استمر في القيادة حتى عندما كان جسده يتألم. كان يبتسم ويضحك حتى وهو يتألم.
كتب في مقال بمناسبة يوم السرطان العالمي في عام 2023: "أعلم أن الألم سوف يزداد، ولكنني أعلم أيضاً أن السعادة ستزداد معه. ... أعرف كيف أحول الألم إلى سعادة... أعرف كيف أقاتل..."
وقد قاتل بالفعل. كان يوقع على رسائله الإلكترونية بالاسم الذي يليق به، "آنو المحارب". لقد كان محارباً بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
سيبقى آنو حياً في قلب كل من ابنه وابنته وشقيقتيه.