انخفضت معدلات الإصابة بمرض الثلاسيميا في دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة تزيد عن 75 في المائة خلال عقدين من الزمن، وذلك بفضل الجهود التي تبذلها منظمة غير ربحية.
جمعية الإمارات للأمراض الجينية، بقيادة مؤسستها الدكتورة مريم فاطمة مطر، أدت دوراً فعالاً في زيادة الوعي حول الفحص قبل الزواج لأمراض الدم الوراثية وسط الإماراتيين. كما لعبت كذلك دوراً هاماً في الدفع نحو إجراء تغييرات تشريعية في الدولة في بهذا الشأن.
وقالت الدكتورة مريم إن معدل انتشار المرض بلغ 12% في عام 2004.
وتضيف: "اليوم، تبلغ نسبة الإصابة 2.9%. إنه إنجاز عظيم لمنظمتنا، ونحن المنظمة الوحيدة التي تمثل الشرق الأوسط في اللجنة العالمية للأمراض النادرة. كما أننا المنظمة الوحيدة التي لديها شراكة مع معهد هارفارد للخلايا الجذعية منذ عام 2017."
وفي حديثها خلال مؤتمر مستقبل الرعاية الصحية الذي نظمته صحيفة خليج تايمز يوم الأربعاء، قالت الدكتورة مريم إن الأمر لم يكن بالمهمة السهلة.
وعلى الرغم من أن الجمعية تأسست عام 2004، إلا أن الدكتورة مريم كانت قد بدأت عملها قبل ذلك بكثير. ومن خلال المؤتمر، تحدثت عن الصعوبات التي واجهتها في إقناع المواطنين الإماراتيين بإجراء الفحص.
وقالت: "في عام 2001، ذهبت إلى الإمارات الشمالية، وتحديداً إلى رأس الخيمة. وكما تعلمون، ما زلنا مجتمعاً قبلياً وتحكمه القبيلة. وعلى متن طائرة هليكوبتر وصلت إلى قمة أحد الجبال للقاء زعيم القبيلة وطلبت منه التحدث معي، فجاءت زوجته وبدأت أشرح له الأمر. لم يكن مقتنعاً، وقال: لا، لن يتم فحص الإناث. إذا أردت، يمكنك فحص الذكور فقط. "
وتابعت الدكتورة مريم حديثها وشرحت كيف خطرت لها فكرة عندما قُدِّم لها التمر، وقالت: "سألته كم عدد أفراد قبيلتك؟ فقال إنهم أكثر من 30 ألفاَ".
"فقلت له إذا لم يتم فحص أفراد قبيلتك، ففي أقل من 30 عاماً لن يتبقى منهم سوى 10 أشخاص حيث ستستمر ظاهرة إنجاب أطفال غير أصحاء مما سيؤدي إلى الوفاة في سن مبكر. عندها سألني ماذا يمكنه أن يفعل إزاء ذلك؟"
ولتوضيح الفكرة له، استخدمت الدكتورة مريم مثال يشمل التمر. وقالت: "سألته، عند رؤية بذرة التمر، هل تستطيع التمييز بين الأنواع وما إذا كان جابري أم خنيزي؟ وقال نعم". "أخبرته أن هذا هو بالضبط ما نفعله. وإذا أصيبت شجرة واحدة في مزرعتك بأي مرض، فماذا ستفعل؟ قال إنه سيقطعها ويرميها بعيداً. فقلت له، نحن لا نطلب منك قتل شعبك؛ نحن نطلب منك فقط التأكد من كشف هذا المرض في وقت مبكر بما فيه الكفاية قبل أن ينتشر إلى البقية".
قبل المغادرة، تمكنت الدكتورة مريم وفريقها من فحص 72 شخصاً من القبيلة على الرغم من أن الزعيم منعهم من نشر نتائج البحث.
ويساعد الفحص قبل الزواج على كشف حاملي اضطرابات الهيموغلوبين، كما يمكن أن يفيد في الوقاية من مرض الثلاسيميا.
وكانت الدكتورة مريم تطمح إلى أن تصبح جراحة تجميل، ولكن خطتها تغيرت أثناء فترة تدربها كطبيبة. تقول: "لقد شهدت المعاناة والشعور بالذنب لدى الوالدين عند إحضار أطفالهم لنقل الدم بسبب مرض الثلاسيميا. وعلمت من بحث بسيط أن قبرص تحتفل بمرور 11 عاماً على عدم ولادة أي طفل مصاب بهذا المرض. وأدركت وقتها أن القوانين والتوعية فقط هي العوامل التي أدت إلى تحقيق ذلك. ومنذ ذلك الحين غيرت تخصصي إلى طب المجتمع".
ومنذ ذلك الحين، أصبحت شخصية رائدة في المجال الطبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكانت أول امرأة إماراتية تشغل منصب وكيل وزارة الصحة.
شاركت الدكتورة مريم تجربتها مع الحضور في مؤتمر مستقبل الرعاية الصحية في محاولة لتسليط الضوء على أهمية المنظمات غير الحكومية في مجال الرعاية الصحية. كانت القمة بمثابة منصة للعاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يستثمرون في مستقبل الصناعة لفهم التحديات المستقبلية والاستفادة من فرص الغد.