أعلن أطباء في دولة الإمارات العربية المتحدة عن ارتفاع ملحوظ في حالات الإصابة بفيروس الهربس الفموي (HSV-1) بين الأطفال في سن المدرسة، خاصة خلال أشهر الشتاء الباردة. يُصيب هذا الفيروس الجلد حول الشفاه والفم عادة، وقد يظهر داخل الفم أو حول العينين.
ويُشير الخبراء الطبيون إلى أن فيروس الهربس الفموي ينتشر بسهولة أكبر خلال فصل الشتاء، حيث تكثر التجمعات الاجتماعية ومشاركة الطعام، سواءً في المدارس أو المنازل.
وأوضح الدكتور "إجناتيوس إدوين ديسوزا"، استشاري طب الأطفال في مستشفى جامعة ثومباي، أن "عدوى فيروس الهربس البسيط من النوع الأول (HSV-1) سريعة الانتشار، وتنتقل بسهولة عبر مشاركة الأدوات الشخصية مثل الأكواب وأدوات الطعام والمناشف".
وأضاف الدكتور "ديسوزا": "أصبحت الإصابة بفيروس الهربس الفموي أكثر شيوعاً، وخاصة بين الأطفال في سن المدرسة والمراهقين. يصاب العديد من الأطفال بهذا الفيروس لأول مرة في سن مبكرة، أحياناً في مرحلة الرضاعة أو الطفولة المبكرة، عن طريق الاتصال المباشر بشخص مصاب، مثل أحد الوالدين أو الأشقاء".
وتزداد حدة المشكلة في أشهر الشتاء، حيث يؤدي تكثيف التفاعل الاجتماعي خلال الفعاليات المدرسية، كالرحلات والفعاليات الرياضية وغيرها من التجمعات، إلى زيادة فرص انتشار الفيروس. كما تكثر اللقاءات الاجتماعية بين العائلات في هذا الوقت، حيث تتم مشاركة الأشياء الشخصية مثل المشروبات والوجبات الخفيفة وحتى مرطب الشفاه.
وأكد الدكتور "ديسوزا" أن هذا التضافر بين تكثيف التفاعل الاجتماعي ومشاركة الأدوات الشخصية يُسهم بشكل كبير في ارتفاع حالات الإصابة بفيروس الهربس الفموي خلال أشهر الشتاء الباردة.
قد تظهر أعراض الهربس الفموي على شكل بثور صغيرة مؤلمة حول الفم، وغالباً ما تصاحبها حكة أو وخز أو إحساس بالحرقان. وأوضح الدكتور أمجد محمد حيدر، استشاري طب الأطفال في المستشفى الدولي الحديث بدبي، قائلاً: "في حالات العدوى الأولية، خاصة عند الأطفال، قد تتضمن الأعراض الحمى وتضخم الغدد الليمفاوية والتهاب الحلق. أما النوبات المتكررة فعادة ما تكون أخف، وقد تحدث بسبب عوامل مثل الإجهاد أو المرض أو التعرض لأشعة الشمس".
وأضاف الدكتور حيدر: "تنتشر هذه الحالة بشكل كبير بين الأطفال دون سن السادسة، وعادة ما تُشفى تلقائياً لدى الأطفال الأصحاء. وقد يُخلط أحياناً بين الهربس الفموي وحالات أخرى، مثل تقرحات الفم أو القوباء أو حتى نزلات البرد أو التهاب الحلق، خاصة في المراحل الأولية من العدوى".
وأشار الدكتور حيدر إلى ضرورة إجراء الزرع الفيروسي (PCR) أو فحص الدم أو الخزعة لتأكيد التشخيص، قائلاً: "التشخيص الدقيق ضروري لتحديد العلاج المناسب، ويمكن تأكيده من خلال الفحص السريري والتحاليل المخبرية إذا لزم الأمر".
وأكد الأطباء أن فيروس الهربس الفموي قد يبقى كامناً في الجسم ويعود للظهور مجدداً، خاصة إذا كان الطفل يعاني من التوتر أو عدم الراحة.
ومع ذلك، قد لا تظهر أعراض فيروس الهربس على بعض الأشخاص مطلقاً، بينما قد يعاني آخرون من نوبات مُتكررة من العدوى.
أوضح الدكتور حمزة رحال، استشاري طب الأطفال في مستشفى السعودي الألماني بدبي، قائلاً: "شهدنا تزايداً في حالات الإصابة بفيروس الهربس الفموي في السنوات الأخيرة، وخاصة بين فئات عمرية محددة. ففي الماضي، كان فيروس الهربس البسيط من النوع الأول ينتقل في الغالب أثناء الطفولة عبر الاتصال المباشر، مثل ملامسة جلد أو لعاب شخص مصاب، أو التقبيل، أو مشاركة الأواني، أو استخدام نفس المناشف".
وأضاف: "بمجرد الإصابة، يظل الفيروس كامناً في الجسم، وقد ينشط مجدداً في وقت لاحق، غالباً بسبب الإجهاد أو المرض أو عوامل أخرى. وحتى الآن، لا يوجد لقاح معتمد لفيروس الهربس البسيط 1 (HSV-1). وعلى الرغم من انتشار فيروس (HSV-1)، وكونه المُسبب الرئيسي للهربس الفموي، إلا أن البحث عن لقاح لا يزال جارياً. وقد درس العلماء العديد من اللقاحات المرشحة، لكنهم لم يتوصلوا بعد إلى لقاح فعال ومتاح على نطاق واسع لهذا الفيروس".