"يقول خبراء في التخطيط الحضاري والهندسة المعمارية إن فرض رسوم على المزيد من الطرق، بالإضافة إلى فرض ضرائب على الدخول إلى المناطق المزدحمة، مع تحسين وسائل النقل العام، قد يكون المفتاح لتقليل الازدحام المروري في دبي."
وقال الدكتور خالد العوضي، الأستاذ المشارك في التنمية الحضارية المستدامة بجامعة خليفة: "في الوقت الحالي، يعتمد نظام الرسوم في دبي على النموذج الخطي. ومع وجود بوابات الرسوم الجديدة، سيكون لدينا أربع بوابات على شارع الشيخ زايد وحده. أعتقد أن توزيع حركة المرور سيكون أكثر توازناً إذا تم اعتماد نظام رسوم دائري، بحيث يتم إنشاء بوابات رسوم على طرق متعددة بدلاً من وجود بوابات متعددة على نفس الطريق.'"
"وأضاف أنه يمكن فرض رسوم على السيارات التي تدخل المناطق المزدحمة، قائلاً: 'المناطق مثل دبي مارينا وجميرا بيتش ريزيدنس دائماً ما تكون مزدحمة. إذا تم وضع بوابات رسوم في هذه المناطق بحيث يكون الدخول مجانياً للمقيمين ويتم فرض رسوم على الزوار، فقد يسهم ذلك في تقليل الازدحام.'"
وقالت شويتا غاندي، المستشارة المساعدة للتخطيط الحضاري والاستراتيجي في شركة "كيرني"، إن فعالية بوابات الرسوم في الحد من حركة المرور ليست عالية جداً. وأضافت: 'الرسوم وحدها لا تحل مشكلة الازدحام المروري. قد تساعد في تحويل حركة المرور أو إعادة توزيعها، لكنها لا تعالج السبب الجذري للمشكلة.'"
وبحسب المهندس المعماري ومخطط الطرق الرئيسي ياسر سعيد، فإن الرسوم المرورية تؤدي حالياً إلى زيادة الازدحام على الطرق السريعة الأخرى. وقال: 'لتجنب الرسوم البالغة 4 دراهم، ينفق الناس 10 دراهم على البنزين في محاولة للوصول إلى وجهاتهم. علاوة على ذلك، وبسبب العدد المتزايد من السيارات على الطريق، فإن حركة المرور مرتفعة للغاية في جميع أنحاء المدينة. لذا، لا يهم ما إذا كنت تدفع الرسوم أم لا، فسوف تقضي ساعة أو أكثر في حركة المرور خلال أوقات الذروة.'"
وقالت "شويتا" لكي يكون للرسوم "تأثير كبير"، فمن الضروري أن تكون خيارات النقل البديلة متاحة. وأضافت: "أحد أكثر الأساليب تقدماً هو نموذج خدمة التنقل في ميلتون كينز في المملكة المتحدة".
"بدلاً من التركيز فقط على رسوم المرور، تقدم هذه الخدمة منصة شاملة تجمع بين خدمات النقل العام، ومشاركة الدراجات، وتأجير السيارات. يستطيع المستخدمون الوصول إلى خيارات تنقل متعددة من خلال تطبيق واحد، مع تسعير ديناميكي يعتمد على خيارات النقل التي يختارونها، مما يوفر لهم حوافز. هذا التوجه يحول التركيز من مجرد فرض رسوم المرور على المركبات إلى توفير بدائل تساهم في تقليل الازدحام."
"وافق الدكتور خالد على هذا الرأي، حيث قال: 'أعتقد أن الحل يكمن في أن يتوجه المترو إلى حيث تعيش وينقلك إلى العمل. يجب أن يكون نظام النقل العام متكاملاً بهذه الطريقة. ومع ذلك، هناك الآن مناطق ذات كثافة سكانية عالية في المدينة، مثل قرية جميرا الدائرية، التي لا يخدمها المترو. أعتقد أنه يجب أن يكون هناك تكامل بين شبكة النقل وخطط استخدام الأراضي.'"
"قال إنه من المهم أيضاً استخدام نماذج متعددة للتنبؤ بنمو السكان واستخدام الأراضي. وأضاف: 'من خلال نمذجة النقل، يمكنك الحصول على فكرة جيدة عن عدد الأشخاص الذين سينتقلون إلى مناطق ومشاريع معينة وخارجها. على سبيل المثال، يشهد دبي الجنوب الكثير من الحركة السكانية حالياً. الأمر نفسه ينطبق على دبي هيلز استيت. يجب أن تكون هناك خطط واضحة حول كيفية خدمة هذه المناطق بأنظمة نقل بديلة للحد من الازدحام.'"
"وقالت شويتا إنه على الرغم من إمكانية تطبيق التسعير المرن على الورق، إلا أنه يواجه قيوداً هائلة، خاصة في مدينة مثل دبي. وأضافت: "قد لا تكون الرسوم المرتفعة كافية لتغيير السلوك بشكل كبير، حيث سيدفع معظم الناس ببساطة المزيد للتنقل في أوقات الذروة، دون حل مشكلة الازدحام. البديل، التنقل في ساعات غير مزدحمة، يمكن أن يحسن نوعية حياة الناس. في المدن ذات أنظمة النقل العام القوية، تشجع التسعير الديناميكي الناس على ترك سياراتهم في المنزل، ولكن في دبي، حيث لا تكون هذه البدائل متاحة دائماً، فإنها تشكل عبئاً مالياً أكثر من كونها حلاً لمشكلة المرور.'"
وقال الدكتور خالد إن نظام التسعير المرن لرسوم المرور في أبوظبي لا ينطبق على دبي. وأضاف: "في أبوظبي يتم فرض رسوم المرور خلال ساعات الذروة، لكن دبي مزدحمة دائماً، حتى إذا خرجت في منتصف الليل، ستجد الكثير من السيارات على الطريق".
"وبحسب شويتا، فإن تقديم خيارات بديلة للتنقل وإنشاء البنية الأساسية اللازمة للتنقل السلس مثل ممرات الدراجات المخصصة والشوارع الملائمة للمشاة وتحسين الاتصال بوسائل النقل العام كان أمراً ضرورياً. وأضافت: 'علاوة على ذلك، يجب دمج استراتيجيات النقل على مستوى المدينة لتجنب الاختناقات المرورية الناجمة عن التخطيط المنعزل. وبدون هذا التنسيق، فإننا نعمل على تحريك الازدحام بدلاً من حله.'"