أعلنت الشارقة عن انطلاق مبادرة لتدريب الآباء والعاملين في مجال الرعاية الصحية والعاملين الاجتماعيين والمعلمين والمتطوعين على تقديم الإسعافات النفسية الأولية .
وبحسب أحد المسؤولين، فإن الأفراد المدربين يمكنهم الاستفادة من مهاراتهم في عدد من الحالات، بما في ذلك الحوادث والطوارئ الطبية والكوارث الطبيعية مثل الفيضانات أو الزلازل والحوادث التي تنطوي على العنف أو الصدمات.
وقالت هنادي اليافعي، مديرة إدارة سلامة الطفل، لصحيفة خليج تايمز: "إن المهارات التي يتم تعلمها في ورش العمل لدينا تؤهل الأفراد لتقديم الدعم النفسي الفوري في مكان الحادث، سواء كان حادثاً بسيطاً في المنزل أو كارثة أكبر تؤثر على المجتمع. يمكن تطبيق هذه المهارات أيضاً في المدارس وأماكن العمل وغيرها من البيئات التي قد يعاني فيها الأشخاص من ضائقة أو صدمة".
وأشارت إلى أن إدارة التنمية الأسرية، التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، نظمت مؤخراً ورشة عمل حول الإسعافات النفسية الأولية في مجلس ضاحية السيوح.
وأضافت اليافعي أن "الإسعافات النفسية الأولية نهج منظم ورحيم وعملي مصمم لمساعدة الأفراد الذين يعانون من ضائقة نفسية في أعقاب وقوع حادث أو كارثة أو حدث مؤلم، ويركز على تقليل التأثير العاطفي لمثل هذه التجارب وتقديم العون وتوفير الدعم الأولي لتخفيف القلق أو الخوف أو الارتباك. ويمكن الاستفادة منه في حالات مختلفة، بما في ذلك الحوادث والكوارث الطبيعية والطوارئ الطبية والمواقف التي تنطوي على العنف أو التعرض لخسائر".
وبحسب الدكتورة "بانة بوزبون"، رئيسة قسم الصحة النفسية في مركز "كنف"، فإن الصدمات النفسية الناتجة عن الحوادث والكوارث غالباً ما تترك أثراً عميقاً على الأفراد المتضررين. "ومع ذلك، لا تتطلب جميع الحالات تدخل المتخصصين النفسيين. إن تدريب المهنيين في مختلف المجالات - مثل الرعاية الصحية المجتمعية والتعليم - على تقديم الإسعافات النفسية الأولية أمر بالغ الأهمية. يتيح هذا النهج للمجتمع تقديم الدعم النفسي الأولي، وبالتالي تقليل الحاجة إلى التدخلات العلاجية المتخصصة، إلا في الحالات التي تكون ضرورية فيها".
وقد يعاني الناجون من الحوادث والكوارث من عدد من المشكلات النفسية، بما في ذلك التوتر الحاد والقلق والخوف واضطراب ما بعد الصدمة. وقد يشعر الكثيرون أيضاً بالإرهاق أو الارتباك أو التشوش الذهني في أعقاب حدث صادم مباشرة.
وقالت اليافعي: "تتضمن ردود الفعل الشائعة الأخرى الانسحاب، والعزلة الاجتماعية، وتقلبات المزاج، أو الشعور بالعجز. ويمكن للتدخل المبكر باستخدام الإسعافات النفسية الأولية أن يقلل بشكل كبير من خطر تحول هذه المشكلات إلى مشاكل طويلة الأمد، حيث يتم تقديم الإسعافات الأولية النفسية بأسلوب هادئ ومتعاطف وداعم. يضمن الفرد الذي يقدم المساعدة أن يشعر الشخص المتضرر بالأمان والراحة والتفهم".
وأضافت :"يميز الخبراء والأفراد المدربون حاجة الأشخاص إلى الدعم النفسي من خلال تحديد بعض علامات الضيق، مثل الارتباك أو الخوف أو القلق أو الانسحاب أو الذعر. كما يمكن للأعراض الجسدية، مثل الارتعاش أو التعرق أو صعوبة التنفس، أن تشير أيضاً إلى الحاجة إلى الدعم. والأمر المهم هو التصرف بسرعة وتوفير الشعور بالأمان والاستقرار."
إن الدعم النفسي الأولي أمر أساسي في بعض الأماكن مثل المدارس ومرافق الرعاية الصحية والمجتمعات المتضررة من الأزمات. وتقول اليافعي: "يمكن لأي شخص مدرب على مبادئ الدعم النفسي الأولي أن يقدمه... والهدف هو تزويد الأفراد بالمعرفة والمهارات اللازمة لتقديم هذا الدعم الفوري قبل الحاجة إلى التدخل المهني".
وتغطي الورش مجموعة شاملة من المواضيع المصممة لتثقيف المشاركين بشأن الأساليب الضرورية لتقديم الدعم النفسي. "تتضمن الدروس الرئيسية كيفية التعرف على علامات الضائقة النفسية، والاستماع والتواصل الفعال. نحن نعلّم المشاركين كيفية تقييم الحالة العاطفية للأفراد، وتقديم الدعم والمساعدة العملية دون إرهاق الشخص المتضرر. والأهم من ذلك، نناقش أيضاً متى يجب إحالة الأفراد لمزيد من الدعم النفسي وكيفية الحفاظ على الخصوصية والكرامة أثناء تقديم الدعم."
إذا لم يحصل الفرد المتضرر على الإسعافات النفسية الأولية عندما يحتاج إليها، فإن التأثير العاطفي والنفسي للحدث المؤلم قد يشتد.
وأوضخت اليافعي : "إن الضيق الذي لا يتم معالجته يمكن أن يؤدي إلى مشاكل نفسية مزمنة، بما في ذلك الاكتئاب واضطرابات القلق واضطراب ما بعد الصدمة بالإضافة إلى ذلك، يمكن للصدمة غير المحلولة أن تؤثر سلباً على العلاقات والعمل والأداء اليومي، وإن الدعم النفسي المبكر أمر بالغ الأهمية لمساعدة الأفراد على تخطي تجاربهم والتعافي، مما يقلل من خطر حدوث هذه المضاعفات".