افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، يوم أمس الأربعاء، فعاليات الدورة الـ 43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، المنظم من قبل هيئة الشارقة للكتاب ويقام تحت شعار "هكذا نبدأ" في مركز إكسبو الشارقة، يستمر المعرض حتى 17 نوفمبر.
وكان في استقبال سموه لدى وصوله، سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، والشيخ سالم بن عبدالرحمن القاسمي، رئيس مكتب سمو الحاكم، والشيخ خالد بن عصام القاسمي، رئيس دائرة الطيران المدني، والشيخ ماجد بن سلطان القاسمي، رئيس دائرة شؤون الضواحي، ومعالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة، والشيخة نوار بنت أحمد القاسمي، مديرة مؤسسة الشارقة للفنون، ومعالي عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، وعدد من كبار المسؤولين والمثقفين والأدباء.
وأشار حاكم الشارقة إلى أهمية الجهود المبذولة للنهوض باللغة العربية وآدابها وعلومها وتاريخها، مشدداً على الدور المحوري للمخطوط التاريخي للغة العربية في هذا المسعى، مؤكداً الالتزام بتعزيز المعرفة ونشر الوعي الثقافي وتعزيز اللغة العربية عالمياً.
ورحب سموه بالحضور الدولي الكبير في افتتاح المعرض، قائلاً: "نرحب بكم في معرض الشارقة الدولي للكتاب في نسخته الثالثة والأربعين، نشكر الضيوف من العلماء والمثقفين والأدباء وأصحاب دور النشر والإعلام على هذا الحضور المتميز الذي يدل على أن هذه الأمة ستظل بخير ما دامت الثقافة بخير".
وأعرب صاحب السمو حاكم الشارقة عن سعادته بهذه المناسبة الكبيرة التي تحتفي بالكتاب على أعلى المستويات، وبأرقى ما يمكن ترجمته وإنتاجه من فعاليات متنوعة، وإنتاج نوعي غير مسبوق تمثل في المعجم التاريخي للغة العربية، تعزيزاً لحب الكتاب وارتباط الإمارة الباسمة به والحرص على تحقيق أهدافه، قائلاً: "نجتمع اليوم في مناسبة كريمة على قلوبنا جميعاً وفيها فرحتان، الفرحة الأولى: هي معرض الشارقة الدولي للكتاب، فالكتاب هو سر نجاح الأمم وسر نهضتها وتطورها، ونحن في الشارقة نعز الكتاب ونجله ونقدر أهله، ونعلم أنه صانع الأجيال والأمم، ونعلم أنه خير صاحب وخير رفيق، وهو كما قال المتنبي: أعز مكان في الدنى سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب. أما فرحتنا الثانية فهي اكتمال إنجاز المعجم التاريخي للغة العربية، هذا الإنجاز العلمي الكبير الذي حققه الله تعالى على أيدي فريق كبير من علماء الأمة يفوق عددهم 700 بين كاتب ومحرر وخبير ومراجع وإداري وعاملين في الإخراج والطباعة، أقول لجميع الذين شاركوا في إنجاز هذا المشروع الثقافي الكبير: شكراً لكم”.
وتحدث صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عن الرؤية التي تقوم عليها هذه الموسوعة، والتي تمثل حلماً طال انتظاره للأمة العربية، واستعرض قيادة سموه لهذا المشروع الكبير في سنوات من الجهد والعلم والاجتهاد، مشيراً إلى ما يتضمنه من تراث لغوي وعلمي زاخر، وما يعقبه من مشروعات ثقافية أخرى تعطي اللغة العربية حقها كلغة عظيمة باقية، قائلاً: "إن المعجم التاريخي للغة العربية كان حلماً يراودني منذ زمن بعيد فأنا أعلم أن حفظ اللغة هو حفظ لأبنائها وحفظ لتاريخها المجيد وحفظ لآدابها وأصالتها وهويتها. لقد بذل آباؤنا، وأبناء العربية الكثير، عملوا في هذا المشروع على مدى سبع سنين متواصلة من التخطيط والترتيب والتنفيذ، جمعوا لنا اللغة العربية، وحفظوا لنا أشعار السابقين ودونوا قواعدها وكتبوا أخبارها، فجزاهم الله عنا خيراً، حتى اكتمل المعجم التاريخي اليوم في مائة وسبعة وعشرين مجلداً".
وتناول صاحب السمو شمولية المعجم التاريخي، حيث يشمل الشعر العربي القديم، ولغة القرآن الكريم والحديث الشريف، ولغة العصر الحديث من خلال الخطاب الإعلامي والاجتماعي. وأكد سموه أن الشارقة ملتزمة بالمشاريع الثقافية والمعرفية التي تعزز اللغة العربية وتنشرها: "المعجم التاريخي للغة العربية هو الجمع الثاني لها، اجتهد القائمون على إنشائه على جمع اللغة، ألفاظها وأشعارها وشواهدها، من تراثنا العربي الواسع، ابتداءً من الشعر العربي الفصيح، مروراً بلغة القرآن الكريم والحديث الشريف، وصولاً إلى لغة الإعلام والصحافة والتواصل الاجتماعي. ولسنا نقول هذا الكلام لنتوقف أو نتراخى، بل إننا عازمون اليوم أكثر من أي وقت مضى على مواصلة مسيرة العلم ونشر الثقافة العربية وتمكين اللسان العربي في مشارق الأرض ومغاربها".
وقال حاكم الشارقة: "أبشر الأمة العربية بمعجمها التاريخي، وأبشرها بأننا بدأنا في مشروع علمي عظيم، لا يقل أهمية عن المعجم التاريخي للغة العربية وهو الموسوعة العربية الشاملة في العلوم والآداب والفنون والأعلام، هذا المشروع الثقافي الكبير الذي سيعود بالأمة أيضاً على علومها وفنونها وآدابها، وإلى دراسة سير وتراجم كبار أعلامها من العلماء والفقهاء والمفسرين والفلاسفة والأدباء والشعراء وغيرهم الكثير، وهذا هو الربط الحقيقي بين حاضر الأمة وماضيها المجيد".
واختتم سموه كلمته مخاطباً أهل الثقافة والعلم والمعرفة بتواصل المشروعات العلمية وبالمستقبل الزاهر للغة العربية، قائلاً: “أقول لأبنائي: المستقبل حافل بالمشاريع العلمية الكبرى، وإني تواق بأن مستقبل العربية واعد ومبارك وميمون بإذن الله، والعربية باقية ما بقيت الحياة، ومحفوظة بحفظ القرآن الكريم”.
وكرم صاحب السمو حاكم الشارقة الكاتبة والروائية الجزائرية "أحلام مستغانمي"، شخصية العام الثقافية لمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ43، كما أشاد سموه برؤساء المجامع اللغوية الذين ساهموا في إنجاز الموسوعة التاريخية للغة العربية، إلى جانب دار القاسمي للنشر التي تولت تنفيذ وطباعة وتقديم المجلدات كاملة، بالإضافة إلى التقاط الصور التذكارية.
وعقب حفل الافتتاح، وقع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي نسخاً من مشروع الموسوعة التاريخية للغة العربية، وهو المشروع الأول من نوعه الذي يوثق مسيرة 17 قرناً من تطور اللغة العربية في 127 مجلداً، وكرم أعضاء الفريق الذين عملوا بلا كلل لإنجاز المشروع. وكتب حاكم الشارقة على النسخة: "تم بحمد الله الانتهاء من مشروع المعجم التاريخي للغة العربية".
وألقت لطيفة مفتقر، مديرة مؤسسة أرشيف المغرب، كلمة ضيف الشرف، وقالت: "هذا اللقاء المتجدد بين بلدينا الشقيقين، هو تفصيل في منظومة من العلاقات المتميزة التي تشمل جميع المجالات، وكان دائماً للعمل الثقافي ولإمارة الشارقة حضور متميز ومألوف في الساحة الثقافية المغربية. ولا بد أن نذكر بهذا الصدد فضل صاحب السمو حاكم الشارقة، ورؤيته الحكيمة في الارتقاء بالأبعاد الثقافية في إمارة الشارقة وتصدير إشعاعها إلى كل العالم عامة، والعناية بالكتاب خاصة، من خلال الجهود الفاضلة لهيئة الشارقة للكتاب في الإمارة برئاسة الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي”.
وتم عرض فيلم قصير للجمهور حول موضوع معرض الشارقة الدولي للكتاب بعنوان "هكذا نبدأ"، والذي تضمن صوراً وقصصاً تصور رحلات الاكتشاف والتبادل والتقدم التي تغذيها الكتب.
كما كشف فيلم قصير آخر عن المشروع المذهل الذي استغرق العمل عليه سبع سنوات والذي توج جهود فريق مكون من 700 عضو في إنشاء مجموعة تاريخية للغة العربية مكونة من 127 مجلداً. وتعد هذه المجموعة هي الأولى من نوعها في العالم التي تلخص 17 قرناً من تطور اللغة العربية، وقد تم تشغيل المجلدات أيضاً بواسطة الذكاء الاصطناعي وتم رقمنتها بحيث يمكن للجميع الوصول إليها في العالم، وتحمل عنوان "MojamGPT". وأبرز ما يميز تطوير هذه المجلدات هو أنه تم إنتاج أكثر من 60 مجلداً في غضون عام واحد منذ أن تعهد حاكم الشارقة بتسريع إكمالها في معرض الشارقة الدولي للكتاب 2023.
وعقب نهاية الحفل، تجول صاحب السمو حاكم الشارقة في أروقة المعرض، ورافقته بدورها سمو الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب.
كما زار صاحب السمو حاكم الشارقة جناح ضيف الشرف واطلع على البرامج والأنشطة المتنوعة التي ستقام لتعريف الزوار بالثقافة المغربية.
وتوقف صاحب السمو حاكم الشارقة، في أجنحة العديد من المؤسسات الثقافية في إمارة الشارقة واطلع على أبرز الجهود المبذولة في دعم الحركة الثقافية وتعزيز الإنتاج الأدبي والثقافي والعلمي للكتاب والمثقفين الإماراتيين والعرب، كما زار سموه أجنحة دور النشر المحلية والخليجية والعربية واطلع على أحدث إصداراتها في القطاعات المعرفية والثقافية والعلمية المختلفة.