من التقاط صورة آسرة لاقتران كوكبي الزهرة والمشتري من أعلى برج خليفة، إلى توثيق روعة مجرة درب التبانة من صحراء رزين، انطلق تميم التميمي، عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك وجمعية الإمارات الفلكية، في رحلته مع عدساته مدفوعاً بشغفه الشخصي بالسماء. وتحوّل هذا الشغف لاحقاً إلى مهمة سامية، يسعى من خلالها إلى ربط جمال الظواهر السماوية بالتراث الإماراتي العريق.
وأكّد تميم على العلاقة الوثيقة بين التصوير الفوتوغرافي والتراث الإماراتي، قائلاً: "يُتيح لي التصوير الفلكي فرصة دمج الصور السماوية الأخّاذة مع المناظر الطبيعية المحلية. فعلى سبيل المثال، غالباً ما أقوم بتأطير المجرة بالجبال أو أشجار النخيل، مسلّطاً الضوء على أن هذه الصور مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بدولة الإمارات العربية المتحدة".
بدأ تميم مسيرته في التصوير الفلكي عام 2019 كهواية بسيطة. وفي حديثه لصحيفة "خليج تايمز"، قال: "بدأت كهاوٍ، لكنّ خلفيتي في علم الفلك دفعتني لأخذ الأمر على محمل الجد. فشرعت في تصوير النجوم بطريقة أكثر تنظيماً عام 2019، مستخدماً في البداية كاميرا عادية قبل أن أنتقل إلى تلسكوب ومعدات أكثر تقدماً".
وعندما سُئل عن صورته المفضلة، قال: "من الصعب اختيار صورة واحدة فقط، لكن صورتي الأولى لكوكب المشتري كانت الأبرز. فقد كانت التفاصيل رائعة وشجعتني على الاستمرار في هذا المجال. كما أنني أحب صورة اقتران كوكبي الزهرة والمشتري على خلفية محلية، وهي صورة برج خليفة".
وفي معرض حديثه عن الاهتمام المتزايد بعلم الفلك في دولة الإمارات العربية المتحدة، قال: "أرى تحسناً ملحوظاً في هذا المجال، حيث تتطور الإمارات لتصبح مركزاً للدراسات الفلكية". ومع ذلك، أكّد على أن ندرة المعدات عالية الجودة لا تزال تشكّل تحدياً قائماً.
عرض تميم بعضاً من لقطاته الساحرة في "حكايا الدرور"، وهي تجربة تخييم صحراوية استثنائية احتفت بنظام الدرور وأثره المُتجذّر في حياة الإماراتيين، وذلك يوم السبت 16 نوفمبر في سد وادي المُدَينة برأس الخيمة. وجاء هذا الحدث ضمن الجهود المستمرة لتعزيز الاستدامة والتراث الثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وسلط تميم الضوء على التحديات الكبيرة التي يواجهها مصورو الفلك في المنطقة، وخاصة التلوث الضوئي. وقال: "إن العثور على مواقع مناسبة أمر صعب، وقد تكون هذه المواقع بعيدة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، يتعين علينا استيراد معظم المعدات، وهو ما قد يشكل عائقاً".
ورغم هذه العقبات، إلا أنه شغوف بزيادة الوعي بعلم الفلك باللغة العربية. وقال: "إن معظم الموارد المتعلقة بعلم الفلك متاحة باللغة الإنجليزية فقط. وهدفي هو مشاركة ما أتوصل إليه من نتائج باللغة العربية على منصّات التواصل الاجتماعي الخاصة بي، وتقديم شروحات مفصّلة حول الأجرام السماوية التي أصورها والمعدات التي أستخدمها. يجب أن تتاح للجيل الحالي إمكانية الوصول إلى المعرفة بلغته الأم. نحن بحاجة إلى المزيد من المحتوى العربي لإلهام الشباب في العالم العربي"
كما احتفى الحدث بعمل زملاء تميم من مصوري الفلك، مثل يوسف القاسمي، الذي التقط صوراً مذهلة للأحداث السماوية الأخيرة. وأوضح تميم: "تتوافق هذه اللحظات مع تراثنا"، مُشيراً إلى كيف اعتمد الإماراتيون قديماً على مراقبة الأجرام السماوية لمعرفة التغيّرات الموسمية.
خلال الفعالية، قدم تميم نصائح حول كيفية رؤية مجرة درب التبانة في الإمارات العربية المتحدة. وقال: "أفضل الأشهر لرؤية مجرة درب التبانة في الإمارات العربية المتحدة تبدأ من شهر مايو حتى نهاية شهر أغسطس عندما تكون ذراع المجرة مرئية بالقرب من الأفق. ومن أجل رؤية واضحة، يجب العثور على مناطق مظلمة بعيداً عن أضواء المدينة".
ومن خلال عدسته، لا يقتصر دور تميم التميمي على التقاط جمال الكون فحسب، بل يتعدّى ذلك ليحافظ على التراث الفلكي الثري لدولة الإمارات العربية المتحدة ويعززه، ملهماً جيلاً جديداً للنظر إلى النجوم واستكشاف عوالمها.