في عشية العام الأول من الحرب الدائرة في غزة، يجد المغتربون الفلسطينيون في الإمارات العزاء والقوة في تراثهم المشترك. ويشعر العديد منهم بإحساس متجدد بالوحدة واتصال أعمق بوطنهم وببعضهم البعض، حيث يتردد صدى تأثير الحرب الدائرة في حياتهم اليومية.
بالنسبة لسلمى عبد الله البالغة من العمر 31 عاماً، فإن الحرب جعلتها أقرب إلى هويتها. تقول: "عاطفياً، أشعر بالحزن والإحباط، ولكن في الوقت نفسه، عمقت الحرب من شعوري بكوني فلسطينية".
"من السهل أن يشعر المرء بالانفصال عندما يعيش بعيداً عن وطنه، لكن الوضع الحالي أعاد إيقاظ هويته وأعادها إلى الواجهة". يتردد صدى هذا الشعور لدى العديد من المغتربين، الذين وجدوا أن هويتهم الثقافية عادت إلى الواجهة وهم يتابعون التطورات في وطنهم، ويعتمدون على مجتمعهم للحصول على الدعم العاطفي.
لقد غير الصراع أيضًا الحياة اليومية للفلسطينيين بشكل عميق. وصفت شهيد، 24 عاماً، وهي مقيمة أخرى في الإمارات العربية المتحدة، بأن القلق المستمر والعجز أصبح جزءاً من روتينها اليومي. قالت: "لقد أصبت بالصدمة عندما سمعت الأخبار". "تغير روتيني بالكامل - البقاء مستيقظة حتى وقت متأخر، والالتصاق بالأخبار، والاطمئنان على الأقارب. شعرت وكأن عالمي منقسم بين هنا وفلسطين". بالنسبة للعديد من الفلسطينيين، فإن الحفاظ على الاتصال بوطنهم هو أكثر من مجرد مشاهدة الأخبار - إنه يتعلق بالاطمئنان باستمرار على الأسرة، وضمان سلامتهم، والتعامل مع ثقل البعد.
وعلى الرغم من البعد الجغرافي، فقد عزز الصراع شعوراً أكبر بالوحدة بين الفلسطينيين في الإمارات العربية المتحدة. فقد جمعت الأحداث المجتمعية وأعمال التضامن الصغيرة الناس بطرق غير متوقعة. وتذكرت نور بسام، 18 عاماً، وهي مهاجرة تأثرت بشدة بالحرب، كيف أصبحت حملة لجمع التبرعات ذكرى عميقة.
"لقد شعرت بارتباط قوي أثناء حملة جمع التبرعات المجتمعية التي نظمناها. لم يكن الأمر يتعلق فقط بجمع الأموال - بل كان يتعلق بالوقوف معاً ودعم بعضنا البعض عاطفياً خلال مثل هذا الوقت العصيب."
لقد خلقت لحظات التضامن هذه مساحة للمغتربين الفلسطينيين للتعبير عن هويتهم بشكل أكثر انفتاحاً. وكما قالت سلمى، "إن رؤية الآخرين يرتدون الكوفية أو ينشرون عن الوضع عبر الإنترنت يجعلني أشعر بأنني جزء من شيء أكبر. لحظات صغيرة، مثل التحدث إلى أصدقاء يفهمون ما أشعر به، تجعلني أشعر بالارتباط على الرغم من المسافة".
لقد ألهم الصراع العديد من الناس للمشاركة بشكل أكبر في جهود ومبادرات المناصرة الرامية إلى رفع مستوى الوعي بالقضية الفلسطينية، سواء من خلال حضور الوقفات الاحتجاجية أو المشاركة في حملات وسائل التواصل الاجتماعي. ووصفت شهيد حضور وقفة احتجاجية بالشموع في دبي بأنها تجربة قوية بشكل خاص: "لقد جعلني الوقوف جنبًا إلى جنب مع زملائي الفلسطينيين أشعر وكأننا متحدون، حتى في الألم".
ورغم أن الوضع لا يزال مأساويا، إلا أنه أدى إلى تضخيم المناقشات حول التاريخ والثقافة والهوية الفلسطينية. وبالنسبة لنور، كانت الحرب بمثابة تذكير بأهمية التضامن. "نحن لا نتحد فقط بسبب المأساة؛ بل إننا متحدون بسبب الشعور المشترك بالقدرة على الصمود والأمل في مستقبل أفضل".
من خلال الفعاليات المجتمعية، وجهود المناصرة، والممارسات الثقافية المشتركة، يعمل المغتربون الفلسطينيون في الإمارات العربية المتحدة على بناء روابط لا توفر لهم الراحة خلال الأوقات الصعبة فحسب، بل تؤكد أيضاً على هويتهم وقوتهم الجماعية.
وكما قالت سلمى: "قد نكون بعيدين عن الوطن، لكن الصراع أظهر لنا أن شعورنا بالهوية والمجتمع أقوى من أي وقت مضى".
بالنسبة للفلسطينيين في الإمارات العربية المتحدة، لم تكن الحرب مجرد اختبار لقدرتهم على الصمود، بل كانت بمثابة تذكير بوحدتهم الدائمة والقوة التي تأتي من الوقوف معًا.