على الرغم من أن الإمارات العربية المتحدة لا تقع في منطقة زلازل، إلا أنها تشهد بين الحين والآخر هزات أرضية طفيفة. والسبب: قربها من سلسلة جبال زاغروس، إحدى أكثر المناطق الزلزالية النشطة في العالم.
وأكد خبير الزلازل في المركز الوطني للأرصاد الجوية بالإمارات، أن سلسلة جبال زاغروس الممتدة عبر إيران والعراق تسجل نشاطاً زلزالياً بشكل متكرر، وتنتج في بعض الأحيان زلازل قوية.
وقال محمد الحسني، رئيس قسم الرصد الزلزالي بالإنابة في المركز الوطني للأرصاد الجوية، لصحيفة خليج تايمز خلال مقابلة حصرية: "على الرغم من أن هذه الأحداث غالباً ما تتركز على بعد مئات الكيلومترات، إلا أنها يمكن أن تنتج هزات أرضية قد نشعر بها في أجزاء من الإمارات العربية المتحدة، وخاصة في الإمارات الشمالية". وأضاف: "نحن جزء من الصفيحة العربية التي تتجه نحو صفيحة يوجين. تتسبب حركة هاتين الصفيحتين في حدوث زلازل في جنوب إيران في جبال زاغروس. ويعتبر هذا أول مصدر زلزالي حول الإمارات العربية المتحدة".
"أما المنطقة الأخرى فهي منطقة الاندساس في مكران (تقع في الجزء الشمالي من بحر العرب، قبالة الساحل الجنوبي لإيران وباكستان). لذا، تعتبر هاتان المنطقتان من مصادر الزلازل المحيطة بالإمارات العربية المتحدة."
وأكد الخبير المخضرم أن الهزات التي قد تشعر بها الإمارات عادة ما تكون خفيفة ولا تشكل خطراً كبيراً على البنية التحتية للدولة، وأضاف: "إن النشاط الزلزالي في الإمارات نفسها يعتبر منخفضاً، وأكبر زلزال تم تسجيله حسب محطة رصد الزلازل كان في منطقة مسافي بالفجيرة عام 2002 بقوة 5.0 درجة على مقياس ريختر".
وعلى الرغم من أن الأضرار تعتمد على متغيرات مختلفة، فإنها لا تحدث عادة إلا عندما تتجاوز قوة الزلزال 4 أو 5 درجات.
وفي الوقت نفسه، يراقب المركز الوطني للأرصاد الجوية النشاط الزلزالي بشكل مستمر ويتعاون مع الوكالات الدولية لضمان استعداد دولة الإمارات العربية المتحدة للاستجابة لأي تأثير محتمل، مع التركيز على الاستعداد للطوارئ والتوعية العامة.
ولرصد هذه الأحداث الزلزالية قمنا ببناء الشبكة الوطنية للزلازل والتي تتكون من 25 محطة موزعة على كافة إمارات الدولة، وتعرف هذه المحطات بـ"محطات النطاق العريض"، كما لدينا نوع آخر يسمى "محطات الحركة القوية".
تم تجهيز محطات النطاق العريض بأجهزة قياس الزلازل ذات النطاق العريض القادرة على رصد مجموعة واسعة من الترددات، من الترددات المنخفضة للغاية (الموجات طويلة المدى) إلى الترددات الأعلى. وهي مصممة عادة لالتقاط الموجات الزلزالية الصغيرة والبعيدة وكذلك الزلازل المحلية القوية.
من ناحية أخرى، وعلى عكس محطات النطاق العريض التي يمكنها التقاط الأحداث الصغيرة والبعيدة، فإن محطات الحركة القوية أقل حساسية للحركات الضعيفة ولكنها فعالة للغاية في تسجيل الاهتزازات الشديدة والموضعية. وهي تسجل الموجات الزلزالية عالية التردد وهي ضرورية في المناطق المعرضة للزلازل القوية.
"تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر من 85 محطة رصد قوية، كما نتبادل البيانات مع بعض الدول المجاورة. نحصل على البيانات من أكثر من 145 محطة من الشبكة العالمية للزلازل (GSN). نعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. وهذا يعني أن أي أحداث مهمة (بحجم معين) تحدث على مستوى العالم أو داخل دولة الإمارات العربية المتحدة، فضلاً عن التطورات العالمية الكبرى الأخرى، يتم تحليلها بدقة من قبلنا. لا نجري التحليلات على الأحداث المحلية فحسب، بل وأيضاً على الحوادث الإقليمية والعالمية."
وأكد الخبير أن التنبؤ بالزلازل قبل حدوثها يظل خارج نطاق القدرة العلمية الحالية في جميع أنحاء العالم.
"لا أحد يستطيع التنبؤ بالزلازل بدقة ـ إلا إذا حدثت بالفعل. ولكننا نعلم من الدراسات الجيولوجية أن بعض المناطق نشطة. على سبيل المثال، قد تشهد منطقة ما زلازل متكررة، ولكن من المستحيل التنبؤ بهذه الأحداث على وجه اليقين. ولا نستطيع بعد ذلك إلا إجراء التحليل. ويتم ذلك باستخدام برامجنا الحاسوبية."
ومن ثم يعتمد المركز على الرصد المستمر وتحليل البيانات في الوقت الحقيقي.
"تتضمن العملية عادةً مراقبة البيانات الزلزالية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، حيث يقوم المتخصصون بتحليل البيانات الخام لتحديد المعالم الرئيسية مثل موقع الزلزال وعمقه وحجمه. وعندما يتم اكتشاف نشاط زلزالي كبير، يتم إخطار السلطات على الفور لتقييم أي إجراءات احترازية أو طارئة ضرورية."
وأوضح أن هذا النهج يسمح بالاستجابة السريعة بعد الحدث، على الرغم من أن الجهود لا تزال جارية في المجتمع العلمي لتحسين أنظمة الإنذار المبكر.
وأضاف الحسني أن "هذه الأنظمة لا تتنبأ بحدوث الزلازل في حد ذاتها، لكنها قادرة على توفير إنذار مبكر قبل ثوانٍ قليلة من وقوعها من خلال رصد الموجات الزلزالية الأولية الأضعف. وبناءً على هذه المعلومات، نقوم بإبلاغ الجهات المعنية في حال احتاجت إلى اتخاذ أي إجراءات".
ورغم أن الشبكة الوطنية للزلازل تأسست في عام 2008، فإن محطة رصد الزلازل في الإمارات العربية المتحدة يتضمن بيانات تاريخية وأخرى آلية. وقال الحسني: "هذا يعني أن لدينا سجلات ترجع إلى ما قبل إنشاء الشبكة رسمياً".
وتحدث عن سيناريو افتراضي على طول ساحلي الإمارات العربية المتحدة - الساحل الغربي على الخليج العربي والساحل الشرقي على بحر عمان - موضحاً كيف يمكن لزلزال عالي الكثافة في الدول المجاورة أن يؤدي إلى ارتفاع الأمواج.
وأضاف: "في حالة وقوع زلزال بقوة 6.5 درجة في منطقة مكران، هناك خطر محتمل لحدوث موجات مد عاتية على طول الساحل الشرقي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ربما تشبه التسونامي. ويعتمد التأثير على عوامل مثل سرعة ووقت انتقال الأمواج. ويجب تقييم هذه الاعتبارات بعناية. ومع ذلك، يمكن لبرامجنا التحليلية المتقدمة محاكاة هذه السيناريوهات في غضون دقائق من وقوع الزلزال. وهذا يسمح للوكالات المعنية بالاستجابة السريعة واتخاذ الإجراءات اللازمة".