في عالم سباقات الهجن الشهيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، يبرز اسم واحد لدوره المحوري الذي يؤديه في تكريم الهجن الفائزة، إنه سيد الزعفران سمير أحمد.
بفضل خبرته الممتدة لأكثر من أربعة عقود في إتقان فن صنع خليط الزعفران للإبل، اكتسب سمير أحمد ثقة الجميع في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج.
بالنسبة لسمير، وهو في أوائل الستينيات من عمره، يعتبر خليط الزعفران أكثر من مجرد تركيبة سرية؛ إنه تكريم لأغلى مخلوق في الصحراء، الجمل.
وقال "إن شيوخنا يكرمون الجميع وحتى الحيوانات"، وأوضح كيف يساعد وضع الزعفران على رأس الجمل بعد السباق على إنعاشه وتبريده وتعزيز مستويات الطاقة لديه.
"الجمال هي سفننا في الصحراء. في الماضي، كانت تمثل كل شيء بالنسبة للبدو، كانت مصدراً الحليب واللحوم، ورمزاً للثروة".
وحضر سمير إلى الإمارات العربية المتحدة في عام 1976 مع أخته التي تزوجت في البلاد. عندما كان في التاسعة من عمره، أصبح مهتماً بنمط الحياة البدوية، وتعلم أساليب العيش في الصحراء، وركوب الجمال، وحظي باهتمام مجتمع البدو والعائلة الحاكمة في الإمارات العربية المتحدة.
وسرعان ما أوجد هدفه الذي سيربطه بثقافة سباقات الهجن الراسخة في الإمارات العربية المتحدة مدى الحياة. بدأت مشاركته في سباقات الهجن في عام 1980، عندما بدأ العمل مع مجتمع البدو والشيوخ في سباقات كبرى في ند الشبا بدبي.
وفي عام 1983 عندما أمر صاحب السموالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بوضع مزيج خاص من الزعفران على الإبل التي احتلت المراكز الثلاثة الأولى في سباقات نهاية الموسم.
في البداية، كانت النساء مسؤولات عن تحضير خليط الزعفران الذي كان يزن حوالي 5 كجم لكل دفعة. وسرعان ما عُهد إلى سمير مهمة تحضيره أيضاً بعد أن كان يضع الخليط على الإبل فقط.
قال سمير لصحيفة خليج تايمز: "كان الأمر صعباً في البداية. لم أكن أعرف الوصفة بدقة. ثم أُرسلت إليّ على ورقة تحتوي على المكونات. ومع مرور الوقت، أتقنتها وتوصلت في النهاية إلى مزيج لا يزال يستخدم حتى هذا اليوم".
إن وصفة الخليط الذي ابتكره سمير هي سر محفوظ بعناية، ويتكون من 40 مكوناً، ويعتبر الزعفران هو المكون الرئيسي والمكلف. وتبلغ تكلفة خليط الزعفران المستخدم في كل سباق حوالي 100 ألف درهم لما قد يصل إلى 1000 جمل.
الزعفران هو من أغلى المكونات ويعتبر نباتاً عطرياً ذو رائحة عطرية على شكل خيوط، ويستخدم في الأطعمة والمشروبات لإضفاء نكهة ومذاق خاص، كما يستخدم زيت الزعفران في بعض أرقى العطور العالمية.
على مر السنين، زادت كمية خليط الزعفران الذي يحضره سمير، وما بدأ بـ 50 كجم لكل سباق زاد الآن إلى أكثر من 1000 كجم من المكونات الجافة، والتي يتم إضافة الماء لها لاحقاً.
ومنذ بدايته في ند الشبا حيث تم استخدام خليط الزعفران الخاص بسمير لأول مرة في السباقات في دبي، ثم انتشر إلى أبوظبي، وإلى دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى مثل الكويت وقطر.
لقد أصبح خليط الزعفران الذي يصنعه الآن هو الخليط الوحيد المسموح باستخدامه في السباقات الرسمية، حيث توجد قواعد صارمة تمنع استخدام أي خلطات أخرى. ويقول بفخر: "هناك من يحاولون اختصار العملية باستخدام مكونات ذات جودة رديئة، لكنني الوحيد الذي يحظى بالثقة في صنع خليط الزعفران".
بالنسبة لسمير، الحاصل على الجنسية الإماراتية والذي يعيش الآن مع عائلته، فإن الأمر يتعلق بالحفاظ على أسلوب حياة توارثته الأجيال. يقول: "لا يتعلق الأمر فقط بالسباقات أو المال؛ بل بالحفاظ على التراث حياً والقيام بدوري لضمان معاملة الإبل - سفننا في الصحراء - دائماً بالاحترام الذي تستحقه".