تأسست قرية بن درويش التاريخية في رأس الخيمة في الثاني من ديسمبر 1999، وهي رمز فخور للتراث الثقافي الغني لدولة الإمارات العربية المتحدة. وقد اختار مالكها علي عبد الرحمن بن درويش، البالغ من العمر 70 عاماً، هذا التاريخ عن قصد. "هذا اليوم عزيز على قلب كل إماراتي. إنه يومنا الوطني الذي يوحدنا في الفخر والتراث".
وتضم القرية قطعاً أثرية أصيلة مثل "الهِب" وهو وعاء لتخزين مياه الشرب، و"الخرس" وهو وعاء يستخدم في الاستحمام، و"البرمة" وهو وعاء للطهي. ويمكن للزوار استكشاف أشياء مثل "المِشْحَنة" وهي أداة لتحضير الكحل من الإثمد، و"البرقع" وهو غطاء تقليدي للوجه ترتديه النساء الإماراتيات. وكل قطعة أثرية بمثابة تذكير ملموس بالحياة اليومية وعادات الأجيال الماضية.
ويعرض المتحف مجموعة متنوعة من القطع الأثرية الثقافية والنماذج التفاعلية التي توضح نمط الحياة التقليدي في الإمارات العربية المتحدة. ومن أبرز ما يميز المتحف سرير الأطفال التقليدي "المناز" الذي يساعد على تهدئة الأطفال الرضع حتى يناموا. وكانت الأمهات يمن بهز السرير برفق بينما يغنين التراتيل.
ومن بين المعروضات الأخرى معرض "الكندر"، الذي يوضح كيف قام حاملو المياه بإحضار المياه من الآبار إلى الأحياء، مما يدل على الاستخدام الذكي للموارد في الماضي.
كما تعرض القرية أيضًا "الموسم"، وهو تمثيل لممارسة الشفاء التقليدية حيث كان المعالج يعالج الألم بتسخين أداة حديدية في النار وتطبيقها على مناطق معينة من الجسم. هذه الطريقة، التي تتجذر بعمق في الثقافة الإماراتية، تجسد براعة الممارسات الطبية المبكرة في المنطقة.
وأكد بن درويش على أهمية الحفاظ على التراث، ودوره في فهم معاناة وصمود الأجيال السابقة. وقال: "التراث شيء مهم، ويجب على الجميع أن يعرف كيف عاش آباؤنا وأجدادنا في الماضي وكيف كانت الحياة صعبة، ورغم ذلك اعتمدوا على أنفسهم وعملوا وسافروا خارج الإمارات لتأمين لقمة العيش لأنفسهم ولأسرهم".
منذ صغره، كان بن درويش شغوفًا بالقطع التراثية، وهو شغف بدأ عندما كان في العاشرة من عمره فقط. يتذكر كيف أثارت الرحلات المدرسية إلى المتاحف اهتمامه، قائلاً: "عندما كنا في المدرسة، اعتدنا زيارة المتاحف وجمع الأشياء القديمة، وكنت دائماً منجذباً إلى القطع الأثرية والكنوز التي تحكي تاريخنا".
وقد غذت هذه التجربة المبكرة تفانيه مدى الحياة في الحفاظ على التراث الثقافي والاحتفال به، مما ألهمه لاستكشاف ومشاركة القصص وراء هذه القطع المهمة من الماضي.
ولاحقاً فكر بن درويش في إنشاء مكان لحفظها، وقال: «بدأت ببناء مأوى صيفي (عريش القيث) ثم بنيت المخزن، وزوجتي هي التي شجعتني في البداية على بناء العريش لأنها تحب التراث مثلي».
قبل جائحة كوفيد، كانت القرية مفتوحة لجميع الطلاب من رياض الأطفال إلى الجامعة، حيث كانت تقدم رحلة غامرة في التراث الإماراتي. يتذكر بن درويش كيف كانت الزيارات بمثابة تبادل حيوي للفضول والتعلم. وقال: "كان بعض الطلاب يسألون عن كل قطعة وغرضها. وكان آخرون يرسمون القطع ويدونون تفاصيلها حتى لا ينسوا ما تعلموه".
وتحدث عن جوهر التراث فقال: «من ليس له ماضي ليس له حاضر ولا مستقبل». وعبر عن آماله في مستقبل القرية، وشارك بتطلعاته لتوسيع ما تقدمه: «أتمنى الحصول على قطعة أرض حتى أتمكن من تنمية القرية وزيادة عدد القطع التراثية فيها».