مع استمرار تطور المطبخ الإماراتي، يجد الطهاة ورواد الأعمال طرقًا إبداعية لتكريم التراث مع إرضاء الأذواق الحديثة. تقدم العديد من المقاهي في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة أطباقًا تقليدية في أجواء حديثة، مع تقديم أطباق شهيرة مثل العصيدة وأم علي بطرق تجذب الأجيال الشابة ورواد المطاعم غير العرب.
يقول الشيف "نويل أومامالين"، المقيم في دبي والبالغ من العمر 49 عامًا: "تعد العصيدة من أكثر النكهات طلبًا". تقليديًا، تُصنع العصيدة عن طريق طهي الدقيق مع اليقطين للحفاظ على جوهرها الأصيل. ومع ذلك، أضاف الشيف نويل لمسات مبتكرة، وحولها إلى حلويات. "لقد صنعنا آيس كريم العصيدة وحلوى العصيدة والبودنج. نستخدمها أيضًا كحشوة للبسكويت".
استوحى الشيف نويل أفكاره من طبق العصيدة التقليدي الذي جربه لأول مرة في العين. وأوضح: "كانت أم إماراتية تحضر العصيدة، وهو طبق شهير للغاية في العين. وبعد تجربته، شعرت بالإلهام لاستكشافه أكثر".
وأضاف "لقد ابتكرنا بودينج الأسيدة، الذي يذكرنا بالحلوى البريطانية. قمنا بإعداد البودينج مع الصلصة وتقديمه مع الآيس كريم، مما يسمح للناس بربطه بذكريات طفولتهم في المملكة المتحدة".
ألهمت تجربة الشيف نويل مع العصيدة التقليدية بتحويلها إلى حلوى، مما أثار حنين الأجيال الأكبر سناً في حين أثار اهتمام رواد المطاعم الأصغر سناً. من خلال مزج العصيدة مع أم علي، ابتكر الطبق الفريد "عصيدة بوبار أم علي"، والذي تم تقديمه في مقهى رين في أبو ظبي. يقدم الطبق لمسة معاصرة مع تكريم النكهات الإماراتية التقليدية.
ويرى الشيف نويل أن الكويت تعد مصدرًا مهمًا للإلهام في فنون الطهي الإقليمية، مشيرًا إلى أن العديد من الاتجاهات التي نشأت هناك أثرت على الأطباق في جميع أنحاء الخليج. على سبيل المثال، أعاد تصور طبق الإفطار الإماراتي التقليدي البلاليط كحلوى، واستبدل المعكرونة بالكريب مع الحفاظ على البيض الكلاسيكي. "نستبدل المعكرونة التقليدية بالكريب مع الحفاظ على العنصر الكلاسيكي المتمثل في وضع البيض في الأعلى."
ومن بين ابتكاراته الأخرى أطباق الحلوى العربية التي تقدم عادة مع القهوة العربية، مثل "الكنفروش" وهو كعكة تقليدية، و"قرص أوغيلي" و"التمرية".
وفي أبوظبي، تبنى رجل الأعمال الإماراتي عبد الرحمن الحضرمي البالغ من العمر 33 عاماً هذا الاتجاه بافتتاح مقهى جيس في عام 2023. وقال : "قدمنا العصيدة لأول مرة في مهرجان ليوا العام الماضي. يجمع هذا المهرجان العديد من الجنسيات خلال موسم الشتاء، وأردنا تقديم هذه النكهة التراثية المعاصرة".
ويقدم الحضرمي العصيدة على شكل بودنج مع الآيس كريم، حسب رغبة العميل، ويضيف المكسرات لتعزيز النكهة، وقال: "كانت الاستجابة رائعة، وتجاوزت توقعاتي".
وأوضح أن تقديم الأطباق التقليدية بطريقة حديثة يعد تحدياً لأن الطبق يجب أن يحافظ على جوهره التراثي ونكهته الأصلية مع جذب جمهور متنوع سواء من الإماراتيين والجيل الجديد وغير العرب.
وذكر الحضرمي أنه تلقى طلبات عديدة لتقديم الأطباق التقليدية بطرق جديدة ولذيذة، وقال: "آخر طلب وصلني كان من سيدة مسنة اقترحت تقديم اللقيمات، ونحن ندرس حالياً تقديمها بطريقة حديثة مع الحفاظ على مذاقها الأصلي".
وأضاف "نسعى قدر الإمكان إلى ربط الأطباق التقليدية بتراثنا، مهما كانت حديثة. على سبيل المثال، خلال شهر رمضان الماضي، قدمنا القهوة العربية مجاناً مع طبق العصيدة لضمان تجربة مميزة للعملاء".
وتتحدث الجدة الإماراتية موزة علي عن أهمية العصيدة في العصور السابقة، وتقول: "في الماضي كانت العصيدة تقدم في المناسبات الخاصة مثل حفلات الزفاف أو المواليد، ولم يكن الجميع قادرين على صنعها، وكان بإمكان أولئك الذين لديهم السكر والدقيق تحضيرها ومشاركتها مع جيرانهم إذا أرادوا".
وأوضحت طريقة تحضير العصيدة التقليدية، قائلة: "أولاً، نكرمل السكر في وعاء ونحمص الدقيق في وعاء آخر، وبمجرد أن يتكرمل السكر نضيف الدقيق المحمص ونخلطهما معًا، كما نضيف الهيل ونسكب المزيد من الماء للحصول على قوام ناعم".