منال العالم، التي حصلت على لقب "ملكة المطبخ العربي" ببرنامج طهي استمر لعقد من الزمان على قناة أبو ظبي التلفزيونية ونشرت كتابين، تشارك رحلتها الطهوية وتجاربها في مخيمات اللاجئين وأفضل الوجبات التي يمكن طهيها في الصراعات والفضاء والأوقات الصعبة
وقفت العالم خلف الموقد لأول مرة عندما كانت في التاسعة من عمرها، وأعجبت الكعكة التي أعدتها زوار والدتها كثيراً لدرجة أنها حفزتها على أن تصبح فنانة طهي مدى الحياة.
"لقد علمونا كيفية صنع كعكة في المدرسة وقررت تنفيذها في المنزل، في البداية كانت والدتي مرعوبة من فكرة إشعال الموقد.
"بمحض الصدفة زارتنا صديقاتها في ذلك اليوم، ولا أزال أسمع تعليقاتهما الثنائية؛ لم تستطع والدتي أن تصدق أنني تمكنت من إعداد كعكة مثالية كهذه"، قالت الأم الأردنية لطفلين، وهي الآن في الستينيات من عمرها.
"كانت هذه الشرارة الأولى لعلاقتي الغرامية بالطبخ، وحتى يومنا هذا، فإن الشيء المفضل الذي أصنعه في المطبخ هو الكعك."
عندما كانت تكبر في منزل عائلتها في المملكة العربية السعودية، كانت تساعد والدتها في طهي جميع أنواع الوجبات.
تطورت رحلة العالم في عالم الطهي بعد زواجها في سن 23 عاماً وانتقالها مع زوجها إلى الكويت.
"كنا سبع شقيقات في المنزل، وكانت والدتي تعلمنا جميع أنواع الأطباق."
ومع ذلك، عندما توقفت عن الطبخ تحت إشراف والدتها بعد أن انتقلت للعيش مع زوجها، شعرت بالحيرة في المطبخ.
"بدأت في أخذ الدروس وشراء الكتب... وفي كل مرة يسألني زوجي عما أهديه في عيد ميلادي، كنت أقول كتاب طبخ، أو قالب كيك، أو كوب قياس."
وعندما أصبحت طاهية واثقة في منزلها بعد فترة وجيزة، بدأ أصدقاؤها وجيرانها يطلبون منها النصائح والوصفات.
"أخبرتهم أنني لا أستطيع تعليمكم شفهياً بهذه الطريقة، وسأستضيفكم في جلسات طبخ حية، وقد نجحت الفكرة وكانوا سعداء للغاية."
قررت العالم توسيع دائرة "الطبخ السعيد" وإشراك المزيد من النساء في لقاءات الطبخ الخاصة بها.
"لقد كان هدفي هو مساعدة ربات البيوت على الاستمتاع بالطهي دون الشعور بأنه التزام إلزامي، ولم أفكر حتى في أنني سأبدأ مهنة في القيام بذلك.
"بدأت بتأجير مساحات المطبخ في الفنادق لإشراك المزيد من المشاركين في جلسات الطبخ المباشر لدينا."
كانت حريصة على مواصلة أجواء الطبخ المبهجة عندما بدأت الظهور على شاشة التلفزيون، وقالت: "كنت أتأكد من أنني أرتدي دائمًا ملابس ملونة أنيقة واستخدم أدوات لطيفة المظهر لإسعاد المشاهدين".
انطلق برنامج "سفرة دائمة" على تلفزيون أبو ظبي في عام 2000، واستمر البرنامج في تحقيق النجاح لمدة تسع سنوات، أصبحت خلالها العالم شخصية مشهورة في معظم البيوت العربية.
وبالإضافة إلى أعمالها التلفزيونية ومنشوراتها التي تبرز تقنياتها المتنوعة في الطبخ، قالت العالم إن أبرز ما في حياتها المطبخية كان من تجاربها في الطبخ في مخيمات اللاجئين في الأردن.
"كلما زرت هذه المخيمات، كنت أختبر شيئًا أعمق بكثير من تعليم الناس كيفية الطهي، فالسيدات هناك ربات بيوت أيضاً، ولكن بإمدادات محدودة، لذلك كنا نبتكر وصفات باستخدام أي شيء متاح، مثل البرغل.
"لقد أوضحت لهم أننا لا نقوم بالطهي فقط لإشباع جوع الأطفال، بل نقوم بإعداد وجبات صحية لذيذة لإسعادهم."
وكانت ورش العمل بمثابة حاضنات للمشاركين، الذين حصلوا بعد ذلك على وظائف في الطبخ للمدارس.
وتؤكد العالم على قيمة البرغل وزيت الزيتون وتقول لو تقطعت بها السبل على جزيرة مهجورة وأُجبرت على اختيار مكونين فقط، فإنها ستختارهما.
"يمكننا صنع العديد من الوجبات المغذية منها فقط؛ فهي المكونات الأكثر مغذية على وجه الأرض."
لو أرادت أن تطبخ وجبة طعام في غزة خلال الأوضاع الحالية، قالت إنها ستطبخها بالبرغل.
وأضافت أن "هذا لن يشبع جوعهم فحسب، بل إنه يخلق لديهم شعوراً بالراحة أيضاً؛ إذ ينبغي أن تكون الوجبة ذات قيمة نفسية أكثر من مجرد الشعور بالشبع".
وقالت بانفعال: "أشعر أن مضغ البرغل الدافئ يرضي روحهم وأحشائهم، وقد يمنحهم شعوراً بالأمان والدفء".
وقالت إنه إذا أرسلت وجبة طعام إلى الفضاء مع الدفعة التالية من رواد الفضاء الإماراتيين، فإنها ستكون عبارة عن كعكة تمر.
ورغم أن العالم عاشت معظم حياتها بين المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، إلا أنها قالت إنها لا تزال تحلم بطهي طبق متطور في الصحراء.
الآن، وهي في الستينيات من عمرها، تنشط آل عالم على وسائل التواصل الاجتماعي والفعاليات المجتمعية.
انتهت مؤخراً من تصوير برنامجها الذي يضم 90 نوعاً من الحلويات على قناة الطبخ "فتافيت"، بالإضافة إلى برنامج رمضاني على نفس القناة، وقالت: "خلال شهر واحد توصلت إلى 120 طريقة مختلفة لصنع الحلويات".
وأوضحت أنه ليس من الضروري ابتكار أطباق جديدة "خارج هذا العالم" لإنتاج المحتوى.
وأضافت أن "أحد الأطباق المميزة التي ابتكرناها هي كعكة اللقيمات، فبعد تحضير كرات العجين التقليدية نستخدمها في صنع الكعكة".
تقول العالم إن طعامها المفضل هو الكعك، وتضيف: "لا أشعر بالانزعاج في كثير من الأحيان، ولكن عندما أشعر بذلك، أحب أن أتناول كعكة الإسفنج العادية، ربما تعيد لي ذكريات سعيدة تعدل مزاجي".