بينما أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن إنشاء وزارة جديدة تهدف إلى تعزيز أنظمة دعم الأسرة، أعرب خبراء في العمل الاجتماعي وتنمية الطفل عن تفاؤلهم بأن هذه المبادرة سوف تعمل على تبسيط وتعزيز الإطار التنظيمي الذي يحكم الخدمات الاجتماعية في البلاد.
ومن خلال التركيز على قضايا رئيسية مثل تماسك الأسرة، ومهارات الأبوة، ورفاهية الطفل، من المتوقع أن توفر الوزارة إرشادات وموارد أكثر وضوحا للعاملين الاجتماعيين والمنظمات.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قد أعلن في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري، عن تعيين سناء سهيل وزيرة للأسرة.
وأكدت "سيندي سانتوس"، معالجة الأسرة والمستشارة في مدرسة جيمس ويلينجتون الدولية، على أهمية وزارة الأسرة الجديدة.
وفي معرض حديثها عن العمل المباشر مع الأسر، أشارت سانتوس إلى أنها "بصفتها معالجاً أسرياً ومستشاراً مدرسيًا، تشهد بنفسها التحديات والانتصارات التي تواجهها الأسر. ومن خلال تنفيذ سياسات تعطي الأولوية للصحة العقلية والاستشارة الأسرية ودعم المجتمع، يمكن للوزارة خلق ثقافة تشعر فيها الأسر بالدعم والتمكين".
وأضافت: "أتمنى أن تكون هذه الخدمة بمثابة منارة للتوجيه والدعم للأسر من مختلف الخلفيات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وأود أن أرى مبادرات توفر استشارات أسرية وورش عمل في مجال تربية الأبناء للمساعدة في إزالة وصمة العار المرتبطة بطلب المساعدة في مواجهة التحديات المرتبطة بالأسرة".
وأشارت الخبيرة إلى العديد من المخاطر التي تهدد الأسرة والتي تسعى الوزارة الجديدة إلى معالجتها: "تشمل المخاطر الكبيرة صعوبات التواصل، واختلال التوازن بين العمل والحياة، وتأثير التكنولوجيا، وتحديات الصحة العقلية غير المعالجة. ويمكن أن تؤدي هذه القضايا إلى سوء الفهم، والمسافة العاطفية، والصراعات غير المحلولة".
ولمعالجة هذه التحديات، اقترحت أن "تعمل الوزارة على تعزيز الاستماع النشط والتواصل الفعال من خلال ورش العمل والحملات. وتشجيع المنظمات على تبني سياسات مكان العمل الصديقة للأسرة والشراكة مع المدارس لتعليم الذكاء العاطفي وآليات التكيف للأطفال والآباء هي خطوات أساسية".
واختتمت سانتوس قائلة: "إن هذه الوزارة تشكل خطوة رائعة إلى الأمام، ومع المبادرات الصحيحة، فإنها تمتلك القدرة على تحويل الطريقة التي تعمل بها الأسرة وتزدهر في دولة الإمارات العربية المتحدة".
وحدد صاحب السموالشيخ محمد بن راشد المسؤوليات الرئيسية لوزارة الأسرة الجديدة، والتي تشمل تطوير وتنفيذ السياسات الرامية إلى تعزيز الأسرة المستقرة والمتماسكة، وتشجيع المبادرات الرامية إلى زيادة معدلات الخصوبة بين المواطنين، والحد من مخاطر انهيار الأسرة.
وستتولى الوزارة إعداد الزوجين للزواج، وتعزيز مهارات الأبوة والأمومة، وضمان التوازن بين العمل والحياة. كما ستركز على حماية حقوق الأطفال، ودعم الفئات المستضعفة، وتنظيم المؤسسات التي تقدم الخدمات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، ستكون الوزارة مسؤولة عن تدريب العاملين في القطاع الاجتماعي وترخيص المهنيين في هذا المجال.
وأكدت الدكتورة أمينة الحمادي، باحثة اجتماعية، على أهمية تناول الجوانب الأساسية للحياة الأسرية، وخاصة في إعداد الزوجين للزواج. وأوضحت أن تزويد الزوجين بالمهارات والمعارف اللازمة لتكوين أسر متماسكة أمر ضروري في مجتمع اليوم سريع الخطى. وأضافت: "من خلال تشجيع ودعم الأزواج من خلال برامج إعداد الزواج، يمكن للوزارة المساعدة في ضمان بناء الأسر على أسس متينة".
كما سلطت الدكتورة الحمادي الضوء على التأثير المحتمل لبرامج ومنح دعم الزواج المنظم. وقال: "يمكن لهذه المبادرات أن توفر للأزواج موارد قيمة، وتساعدهم على التغلب على تحديات الزواج المبكر والحياة الأسرية. ولا يعمل هذا الدعم على تعزيز الروابط بين الزوجين فحسب، بل يساهم أيضًا في الاستقرار العام للأسر في المجتمع".
كما تحدث الدكتور عمر خالد، وهو طبيب نفسي، عن أهمية الوزارة الجديدة، وخاصة فيما يتعلق بتنظيم وترخيص المؤسسات التي تقدم البرامج والخدمات الاجتماعية. وقال: "في حين تقدم العديد من المنظمات الدعم الأساسي للأسر، فإن الإطار التنظيمي أمر بالغ الأهمية لضمان التزام جميع مقدمي الخدمات بمعايير ثابتة".
وأضاف "لقد عملت بشكل وثيق مع مختلف الكيانات التي تركز على العدالة الاجتماعية. وهذه الوزارة الجديدة لن تعمل فقط على تعزيز جودة الخدمات المتاحة، بل ستعمل أيضًا على تعزيز الشعور بالوحدة بين المنظمات التي تعمل نحو تحقيق أهداف مشتركة".
وأوضح الدكتور خالد أن التنظيم سيساعد في تحديد أفضل الممارسات وخلق بيئة تعاونية حيث يمكن للمنظمات مشاركة الموارد والمعرفة. "من خلال العمل معًا في إطار منظم، يمكننا إنشاء نظام دعم أكثر فعالية للأسر، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحسين النتائج للأطفال والآباء على حد سواء."