حذر مسؤول كبير في مجال الجرائم الإلكترونية من أن الوقوع في فخ وكالات التوظيف الاحتيالية قد يحولك من ضحية إلى متهم.
وأشار المقدم علي النعيمي، رئيس قسم مكافحة الجرائم الإلكترونية في شرطة أبوظبي، إلى تزايد عمليات الاحتيال في الآونة الأخيرة، وخاصةً تلك المتعلقة بالعملات المشفرة، والمواقع الحكومية المزيفة، والخدمات الإلكترونية الوهمية، وإعلانات العقارات الكاذبة.
وفي مقابلة مع صحيفة "خليج تايمز"، سلط المقدم النعيمي الضوء على أحدث الأساليب التي يتبعها المحتالون الإلكترونيون لاستدراج ضحاياهم لسرقة الأموال عن طريقهم.
هناك العديد من الحالات التي قام فيها أصحاب العمل الوهميون بتوظيف أفراد لخداع ضحايا آخرين دون علمهم، ليجد هؤلاء الأفراد أنفسهم مُتهمين بالتواطؤ في السرقة عند اكتشاف الأنشطة الاحتيالية لاحقاً من قبل الشرطة.
وأكد المقدم علي النعيمي على تزايد هذه الحالات في الآونة الأخيرة.
غالباً ما تتم إدارة هذه العمليات من قبل جماعات الجريمة المنظمة التي تدير محافظ استثمارية وهمية على المستوى الدولي.
وقال المقدم علي النعيمي: "تقدم هذه الجماعات وظائف عن بعد بمرتبات مغرية، حيث يبحث الموظف عن عملاء للاستثمار في منصات وهمية للعملات المشفرة عبر الإنترنت، مقابل نسبة مئوية من المبلغ كعمولة."
وتابع: "يقوم الموظف، وهو الضحية الأولى، بأخذ المبلغ من العميل، الضحية الثانية، ويُحوله إلى الشخص الذي وظفه، مما يجعله شريكاً في عملية الاحتيال حتى لو لم يكن على دراية بالخدعة التي تحدث."
وأوضح أن المتهمين في مثل هذه القضايا يُتهمون بحيازة أموال مسروقة، مضيفاً: "لولا خدماتهم لما تمكن المجرمون من تنفيذ هذه الجريمة".
وفي الوقت نفسه، يُتهم منظمو عمليات الاحتيال في مثل هذه الحالات بالاستيلاء على الأموال المسروقة.
وحذر المقدم النعيمي من مغبة الثقة في عروض العمل التي تتم بالكامل عبر الإنترنت، قائلاً: "غالباً ما يُصرح الضحايا بأنهم أجروا مقابلات عبر الإنترنت، وطُلب منهم إرسال نسخ من جوازات سفرهم، واختبار طبي، وتفاصيل الحساب المصرفي... وهي أمور يطلبها أصحاب العمل عادةً."
كما كانت هناك حالات أخرى قام فيها أصحاب عمل وهميون بإجبار ضحاياهم على إرسال أموال لهم مقابل خدمات وهمية، مثل إصدار تأشيرات أو تصاريح عمل، أو حتى مشاركة تفاصيل شخصية تُعرض حساباتهم للخطر.
"ثم يكتشف الشخص، بعد فوات الأوان، أنه وقع ضحية عملية احتيال وخسر مدخراته أثناء سعيه وراء وظيفة أحلامه الوهمية."
وأشار المقدم النعيمي إلى تزايد البلاغات في الآونة الأخيرة عن مواقع حكومية وهمية وحسابات على منصات التواصل الاجتماعي تهدف إلى الاحتيال على المُواطنين وسرقة أموالهم بحجة رسوم الخدمات، حيث يقوم المُحتالون بإنشاء صفحات إلكترونية مُطابقة للمواقع الأصلية لخداع مستخدمي الإنترنت ودفعهم إلى شراء خدمات وهمية.
وضرب مثالاً بموقع وهمي لطلب الطعام لمطعم البيك السعودي الشهير، كما أشار إلى انتشار ممارسات احتيالية أخرى مثل تزوير صفحات أمازون، وخدمات النقل المدفوعة مُسبقاً، وإعلانات العقارات الوهمية.
وأوضح أن أولى خطوات التحقق من صحة أي موقع إلكتروني هي فحص عنوانه، فإذا كان يبدأ بـ "اتش تي تي بي اس" (https) وينتهي بـ "دوت كوم" (.com) أو "دوت ايه إي" (.ae) أو "دوت يو اس" (.us) أو ما شابه، فهذا يشير إلى شرعيته. كما يمكن البحث عن الشركة التي تقدم خدماتها في صفحة الويب والتحقق من وجودها الفعلي في الموقع المزعوم.
وأضاف: "غالباً ما تتضمن المواقع المخادعة أخطاء إملائية وأيقونات غير قابلة للنقر وصفحة واحدة أو صفحتين كحد أقصى وتنقلك إلى نطاق مختلف لإجراء الدفع. أما المواقع الأصلية، فتحتوي على العديد من الصفحات الفرعية."
وكشف المقدم النعيمي عن استخدام المحتالين عبر الإنترنت لتقنيات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، بهدف تقليد الشخصيات العامة والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، مستخدمين أصواتهم وحركاتهم، لخداع الجماهير ودفعهم للاستثمار في خدمات يدّعون دعمها.
وضرب النعيمي مثالًا على ذلك بالإعلانات التجارية اللامتناهية عن "أسهم سالك" والتي تظهر في كل مقطع فيديو تقريباً على موقع يوتيوب.
وأوضح قائلاً: "عند تسجيل الدخول إلى أي منصة عبر الإنترنت، ستجد العديد من الإعلانات التجارية، وكثير منها مُزيف، ومن السهل جداً إنشاؤها باستخدام تطبيقات رخيصة تُقلد الأصوات والشخصيات."
ونصح الناس بضرورة التحقق من أصول أي منصة تداول عبر الإنترنت قبل اتخاذ أي إجراء، والتأكد مما إذا كانت مسجلة في السوق المالية.
غالباً ما يتم تعقب مثل هذه الإعلانات التجارية التي تم إنشاؤها محلياً وحظرها من قبل شرطة الأمن السيبراني، مثل التقرير الإخباري المزيف الذي تم تداوله في وقت سابق من هذا العام عن منصة استثمارية مزعومة تدعي منح المستخدمين 5000 درهم يومياً لدعم الشباب في كسب المال دون الحاجة إلى العمل. وقد تم في هذا الفيديو المزيف استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي لتقليد إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم دبي، للترويج لهذه المنصة الوهمية.
"لم يعد بإمكانك مشاهدة هذا الفيديو على الإنترنت بعد الآن لأنه تم الإبلاغ عنه وإزالته."
ومع ذلك، فإن إزالة مقاطع الفيديو الاحتيالية التي يتم إنشاؤها خارج الدولة أمر أكثر تعقيداً بعض الشيء، ويتطلب من هيئة تنظيم الاتصالات التواصل مع المواقع الأجنبية المسؤولة لإجراء مزيد من التحقيقات والتدخل لإزالتها.
وقال المقدم النعيمي: "اتصلوا بالبنك لتجميد حساباتكم وأبلغوا الشرطة في أقرب وقت ممكن".
وأضاف أن الإبلاغ الفوري عن الأموال المفقودة يُساعد البنك والشرطة على استعادتها، أو على الأقل إيقاف أي معاملات أخرى. وأضاف: "حتى بعد استعادة البنك للمبالغ المفقودة، نُواصل تحقيقاتنا للقبض على مُرتكبي عملية الاحتيال وردعهم عن استهداف المزيد من الضحايا".
وأكد أن دوريات الشرطة الإلكترونية تجوب الانترنت على مدار الساعة بحثاً عن أي إشارات تدل على وجود محتالين ومواقع غير شرعية لاتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة.