الجزيرة الحمراء، التي تمثل قرية لؤلؤ مزدهرة في رأس الخيمة، تحمل حكايات عن المرونة والمجتمع. شارك إبراهيم موسى الزعابي، أحد السكان السابقين، ذكرياته مع صحيفة خليج تايمز، حيث استعرض تاريخ قبيلة الزعاب وتقاليدهم وارتباطهم بالبحر.
على مدى قرون من الزمان، كان الغوص بحثاً عن اللؤلؤ يشكل أساس الاقتصاد لجزيرة الحمراء. وكان الغواصون يقضون مواسم طويلة في البحر لجمع الأحجار الكريمة. يقول إبراهيم: "لم يكن الغوص سهلاً، فقد كان يستمر لشهور، وكان على المشاركين أن يسددوا ديونهم قبل أن يتمكنوا من المشاركة".
وقد شرح إبراهيم العملية المعقدة قائلاً: "كانت اللآلئ الأعلى جودة، مثل اللآلئ الياقوتية، تُباع بأسعار مرتفعة. وكانت الأرباح تُقسم بعد سداد الديون، وحتى في هذه الحالة، كان كثيرون يعانون لتلبية احتياجاتهم". وأضاف إبراهيم أن العمل الجماعي كان بالغ الأهمية، حيث كان الغواصون والبحارة والمتخصصون مثل "اليلاس"، الذين كانوا يفتحون المحار، يؤدون أدواراً أساسية.
وبعيداً عن صيد اللؤلؤ، كان الصيد يشكل جزءاً حيوياً من الحياة اليومية. ويتذكر إبراهيم السبل التي كانت تتبعها والدته في حفظ الأسماك. "كانت تقطع الأسماك وتملحها، ثم تخزنها طوال الليل لإزالة الشوائب. وفي اليوم التالي، كانت تطهى بالكركم والدقيق للتأكد من نظافتها".
كان التشارك جزءاً لا يتجزأ من المجتمع، وخاصة خلال شهر رمضان. يقول إبراهيم: "إذا لم يكن لدى شخص ما ما يكفي من الطعام، يرسل له الجيران الأسماك أو التمر أو الخضراوات من المزارع القريبة. كانت هناك قاعدة غير منصوص عليها ألا يجوع أحد".
وأوضح إبراهيم أن قبيلة الزعاب ترجع أصولها إلى بني سليم، وقال: "هاجر أجدادنا بعد انهيار سد مأرب قبل ميلاد المسيح، وارتحلوا من مكة والمدينة إلى أجزاء مختلفة من شبه الجزيرة العربية وخارجها، قبل أن يستقروا هنا في النهاية".
ووصف إبراهيم كيف أنشأت القبيلة المزارع والمساجد، وحصنت قريتها، وقاومت القوات الاستعمارية. وأضاف: "جاء البرتغاليون والبريطانيون، لكن الزعابيين صمدوا في أرضهم".
كان أهل القرية يبنون منازلهم باستخدام مواد طبيعية مثل عشب البحر والطين وسعف النخيل. ويقول إبراهيم: "لم تكن لدينا أدوات حديثة، فكان كل شيء يُصنع يدوياً. كان الطين يُخلط بالماء ويوضع على سعف النخيل، الذي كان يُرص على طبقات لتشكيل الأسقف".
وأضاف "عندما هطلت الأمطار لم تتسرب المياه من الأسقف لأنها مصنوعة من خليط من الطين والرمل، حتى أن الأسقف نبتت عليها نباتات خضراء بعد هطول الأمطار، مما أعطى المنازل مظهراً فريداً وحياً".
كانت العلاقة بين القبيلة وشيوخها أصلها الاحترام المتبادل. يقول إبراهيم: "كان شيوخنا بمثابة آبائنا. كنا نجتمع أسبوعياً لمناقشة القضايا المختلفة، والاجتماع معاً في العزاء والاحتفال في المناسبات . وعندما توفيت والدتي في عام 1990، جاء الشيخ سعود وآخرون لتعزيتنا".
وأشار إبراهيم إلى أن الخلافات كانت تحل بالعدل والتواضع، وقال: "إذا وقع نزاع، كان الشيخ يجمع زعماء القبائل ويتوصل إلى حل، وكان التركيز دائماً على الحفاظ على الانسجام".
ورغم تغير الكثير، فإن آثار التاريخ العريق لجزيرة الحمراء لا تزال قائمة. فالمباني القديمة وبقايا المسجد الكبير والمنازل التقليدية تقف شاهدة على حقبة مضت. ويقول إبراهيم: "آمل أن يتم الحفاظ على هذه المواقع، فهي تحكي قصة من نحن وكيف كنا نعيش".
واليوم أصبحت القرية جوهرة ثقافية تجتذب الزوار الراغبين في استكشاف تراثها. وكما قال إبراهيم: "هذا المكان يمثل أكثر من مجرد تاريخ، فهو تذكير بقوة شعبنا وكرمه وإبداعه".
وتستمر الجزيرة الحمراء في إلهام الجميع، ويستمر إرثها على يد أولئك الذين يعتزون بتقاليدها وقصص ماضيها.