الإمارات: هل يجب على المشترين والمستثمرين انتظار انخفاض أسعار الذهب؟
هل ينبغي للمستثمرين ومشتري المجوهرات شراء الذهب الآن أم عليهم انتظار الانخفاض المحتمل للأسعار مع ارتفاع سعر المعدن الأصفر باستمرار خلال الأسابيع الماضية ليصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق؟
يختلف محللو الاستثمار حول مدى ملاءمة الوقت الحالي لشراء الذهب. ويرى بعض الخبراء، مثل "جون ريد"، كبير استراتيجيي السوق في مجلس الذهب العالمي، أن الظروف الاقتصادية الحالية تدعم الاستثمار في الذهب. ويقول "ريد": "مع استمرار معدلات التضخم المرتفعة واعتماد البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم سياسات نقدية متساهلة، من المرجح أن يحافظ الذهب على اتجاهه الصاعد." ويقترح "ريد" أن ينظر المستثمرون إلى الذهب كوسيلة لحماية استثماراتهم على المدى الطويل في مواجهة التقلبات الاقتصادية وحالة عدم الاستقرار.
يعتقد كبار تجار السبائك ومحللو المعادن النفيسة في دبي أن هناك فرصاً أكبر لوصول المعدن الأصفر إلى مستويات مرتفعة جديدة إلى 3000 دولار للأونصة في غضون بضعة أشهر.
يرى الخبراء أن ضعف الدولار، وانخفاض عائدات السندات، وتصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط هي العوامل التي تقف وراء ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية يومياً. ومن المتوقع أن يستمر ارتفاع أسعار الذهب، وقد يتجاوز حاجز 3000 دولار للأونصة قبل نهاية عام 2024.
صرّح "جوي ألوكاس"، رئيس مجلس إدارة مجموعة جويالوكاس، بأن احتمالية تغير اتجاه الذهب من حيث القيمة بشكل حاد ضئيلة. وأضاف: "إن الانتظار حتى انخفاض السعر للاستثمار أو شراء المجوهرات قد يكون خطأً، خاصة مع الاقتراب الوشيك لانخفاض أسعار الفائدة من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إلى جانب التوترات الجيوسياسية المتزايدة، وعلى رأسها الصراع في الشرق الأوسط والانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة."
وأضاف "ألوكاس": "بالنسبة لمشتري المجوهرات، وخاصة المغتربين الآسيويين، فإن القيمة العاطفية والجمالية لقطعة المجوهرات قد تفوق احتمالات تقلبات الأسعار".
في حالة انخفاض الأسعار، لن يكون الانخفاض كبيراً بما يكفي ليخاطر المستثمرون الأفراد، حيث يبدو أن المعدن النفيس على وشك تحقيق ارتفاعات جديدة في الأسعار.
وصلت أسعار الذهب في المعاملات الفورية إلى 2749 دولاراً للأونصة، حيث ارتفعت الأسعار في الإمارات إلى 332.75 درهماً للجرام لعيار 24 و 308.24 درهماً للجرام لعيار 22.
يحذر بعض المحللين من الشراء عند بلوغ الأسعار ذروتها. ويقول "مايكل ويدمير"، محلل السلع الأساسية في بنك أميركا: "رغم أن الذهب كان يُعد في الماضي استثماراً آمناً، إلا أن الشراء عند أعلى مستوياته قد يكون محفوفاً بالمخاطر. على المستثمرين أن يكونوا مستعدين لاحتمال حدوث تغييرات، وأن يفكروا في اتباع استراتيجية حساب متوسط التكلفة بالدولار للتقليل من المخاطر."
وقال أحد المحللين: "إذا كنت لا تفضل المخاطرة، فإن انتظار التغييرات المحتملة قد يسمح لك بالشراء بسعر أقل".
غالباً ما يشتري المغتربون المجوهرات الذهبية للاستخدام الشخصي أو كهدية. ويقول "يو. ناجاراجا راو"، المدير الاستراتيجي لشركة "بهيما جولرز": "إن القيمة العاطفية المرتبطة بالمجوهرات قد تتجاوز التقلبات في أسعار الذهب وتطلعات الاستثمار فيه. فالذهب استثمار دائم، ومن المحتمل أن ترتفع قيمته مع مرور الوقت."
يرى المحللون أن تحليل الاتجاهات التاريخية لأسعار الذهب ضرورية لاتخاذ قرارات استثمارية مدروسة. فقد شهد الذهب على مدار العقدين الماضيين ارتفاعات وتغيّرات كبيرة، فعلى سبيل المثال، بعد بلوغه ذروته في عام 2012، تراجعت أسعاره بشكل حاد حتى عام 2015، ثم عادت للارتفاع في السنوات التالية. ويشير هذا النمط إلى أنه رغم إمكانية وصول الذهب إلى مستويات قياسية جديدة، فإنه يظل عرضة للتغيرات. ويضيف أحد المحللين: "ينبغي على المستثمرين أخذ الاتجاهات الموسمية لأسعار الذهب بعين الاعتبار. في الماضي، ارتفعت أسعار الذهب خلال موسم الزفاف في الشرق الأوسط، والذي عادة ما يكون في النصف الثاني من العام، مما يخلق طلباً موسمياً قد يؤثر على الأسعار ويشكل عاملاً حاسماً لمشتري المجوهرات في دبي."
يرى المحللون أن قرار شراء الذهب الآن أو انتظار انخفاض أسعاره يعتمد في النهاية على الظروف الفردية ومدى قدرة الشخص على تحمل المخاطر. فإذا كنت تؤمن بقيمة الذهب على المدى الطويل، فقد يكون الشراء الآن خياراً حكيماً. وتشير الاتجاهات التاريخية إلى أن الذهب يميل إلى الارتفاع بمرور الوقت، مما يجعله مخزن موثوق به للقيمة .
وأوضح أحمد عسيري، استراتيجي الأبحاث في "بيبرستون"، أن رحلة الذهب الأخيرة شهدت عمليات بيع من مستوى 2750 دولاراً للأونصة إلى 2710 دولارات، تلاها انتعاش إلى 2735 دولاراً للأونصة، مما يؤكد جاذبية هذا المعدن وسط ظروف السوق المتقلبة. وقال عسيري: "يعكس هذا التحرك في السعر صراعاً مستمراً بين جني الأرباح من قبل المتداولين على المدى القصير، والاهتمام المستمر بالشراء من المستثمرين الراغبين بتجميع الذهب عند انخفاض الأسعار. وعلى الرغم من أن الانخفاض الأخير قد يشير إلى مرحلة توحيد مؤقتة، فقد أثبت أيضاً قدرة الذهب على جذب عروض شراء جديدة بسرعة، مما يعزز فكرة أن المستثمرين الرئيسيين يدخلون السوق بثقة. وهذا يدل على أن اقتراح الذهب كمخزن للقيمة يظل قوياً رغم التغيّرات قصيرة الأجل."
وقال خبراء المعادن النفيسة أنه مع بقاء معدلات التضخم مرتفعة، فإن شراء الذهب الآن يمكن أن يكون بمثابة تحوط ضد تآكل القوة الشرائية. وإذا أبقت البنوك المركزية على أسعار الفائدة منخفضة أو تبنت مواقف متشددة، فقد يصبح الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين. وعلى العكس من ذلك، إذا تمت السيطرة على التضخم وبدأت البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة بقوة، فقد تواجه أسعار الذهب ضغوطاً هبوطية. ويمكن للقضايا الجيوسياسية المستمرة، مثل الصراعات والنزاعات التجارية وعدم الاستقرار السياسي، أن تدفع الطلب على الذهب كملاذ آمن. وقالوا إن أي تصعيد في التوترات العالمية قد يؤدي إلى زيادة الشراء.