الطلب المتزايد على الابتكار يتماشى مع المبادرات الحكومية
الطلب المتزايد على الابتكار يتماشى مع المبادرات الحكومية

البيانات القوية والشفافية مفتاح نجاح التكنولوجيا العقارية

بدون بيانات قوية قد تقدم نماذج الذكاء الاصطناعي تنبؤات ورؤى غير دقيقة مما يؤدي إلى قرارات غير سليمة
تاريخ النشر

بفضل النمو السكاني المتزايد والتوسع الحضاري المتزايد والجيل الذي يتمتع بالذكاء التكنولوجي، يشهد قطاع العقارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ثورة رقمية.

وأشار أحد خبراء الصناعة إلى أن هذا الطلب المتزايد على الابتكار يتماشى مع المبادرات الحكومية المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة، مثل مشاريع المدينة الذكية في دولة الإمارات العربية المتحدة ورؤية المملكة العربية السعودية 2030. حيث تُشجع هذه المبادرات بشكل نشط على اعتماد حلول التكنولوجيا العقارية (بروب تيك)

وقال فراس المسدي، الرئيس التنفيذي لشركة "إف إيه إم" العقارية في دبي: "يتزايد دور الذكاء الاصطناعي في تحديد فرص الاستثمار وتقييم المخاطر، إلا أن التحديات الكبيرة لا تزال قائمة بسبب ندرة البيانات الشاملة في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تمتد مشاكل توفر البيانات لتشمل إمدادات العقارات، ومعاملات البيع، والإمدادات المستقبلية، والتخطيط الحضاري، والإشغال السكني. ورغم أن دبي تُعتبر رائدة في هذا المجال، إلا أن التكامل الكامل للبيانات لا يزال بعيد المنال حتى هنا".

يمكن أن نستلهم الدروس من مصير الشركتين الأمريكيتين "زيلو" و"أوبندور"، اللتين تكبدتا خسائر فادحة بسبب اعتمادهما على الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات الاستثمارية في ظل نقص البيانات. يجب أن تكون الأولوية هي ضمان جمع البيانات ودمجها بشكل قوي لتفادي الأخطاء في التقدير. كما ينبغي أن تكون نماذج الذكاء الاصطناعي مرنة وقابلة للتكيف مع الظروف المتغيرة بسرعة في السوق.

بدون بيانات قوية، قد تقدم نماذج الذكاء الاصطناعي تنبؤات ورؤى غير دقيقة، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير سليمة. وحذر المسدي من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في توليد العملاء دون وجود أدلة قوية تدعمه. وأضاف: "الشفافية هي المفتاح لبناء الثقة مع أصحاب المصلحة. ومن خلال استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، يمكن لقطاع (برو تيك) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن يزدهر. بالفعل، في الجانب التشغيلي، حقق الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في دعم الوظائف الإدارية والتنظيمية داخل الشركات".

وأكد أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة فعّالة بشكل متزايد في تحسين العمليات الداخلية بين الموظفين والأقسام، بالإضافة إلى تعزيز التفاعلات الخارجية مع العملاء والجهات الخارجية. وأضاف المسدي: "إن إنترنت الأشياء يتكامل بسلاسة مع العقارات، حيث تدير الأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي جميع الجوانب، بدءاً من التحكم في الإضاءة ودرجة الحرارة وصولاً إلى الأمن والصيانة، مما يسهم في خلق مساحات ذكية وموفرة للطاقة".

بينما لا يزال تبني هذه التقنيات في مراحله المبكرة في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تقود الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الطريق في دمج حلول إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي في مشاريع التطوير العقاري والحضاري، مما يسهم في خلق مساحات ذكية وموفرة للطاقة. وقد كانت الإمارات العربية المتحدة في طليعة تبني تقنيات البناء الذكية المدعومة بإنترنت الأشياء. ووفقاً للتوقعات، من المتوقع أن يُظهر سوق المنازل الذكية في الإمارات معدل نمو سنوي مركب يبلغ 10.49٪ على مدى السنوات القليلة المقبلة، ليصل إلى حجم سوق متوقع يبلغ 113.8 مليون دولار بحلول عام 2028.

فراس المسدي، الرئيس التنفيذي لشركة فام العقارية
فراس المسدي، الرئيس التنفيذي لشركة فام العقارية

لتحقيق هدف رؤية 2040 المتمثل في أن تصبح مدينة ذكية رائدة، تتبنى دبي تقنيات متطورة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبلوك تشين، في عملية تحويل التخطيط الحضاري وإعادة تشكيل قطاع العقارات.

إن الطفرة التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال التكنولوجيا العقارية تُحدث تحولاً كبيراً في إدارة العقارات. حيث تعمل المنصات الرقمية على تبسيط المهام مثل تصفية المستأجرين والصيانة، مما يعزز الكفاءة ويوفر الراحة لكل من الملاك والمستأجرين.

وعلى نحو مماثل، تسهم رؤية المملكة العربية السعودية للمدن الذكية في تسهيل دمج إنترنت الأشياء في المشاريع العقارية الكبرى، مع التركيز على تطوير البنية التحتية الذكية، وربط المباني، وإدارة الموارد. ويعتبر مشروع نيوم الضخم نموذجاً عالمياً للمدن المستقبلية، حيث يُنظر إليه كبيئة معيشية متكاملة تعتمد على إنترنت الأشياء كأحد التقنيات الأساسية.

وأشار المسدي إلى أن وجود قوة عاملة ماهرة يُعد أمراً ضرورياً لشركات العقارات لتنفيذ وإدارة الذكاء الاصطناعي بشكل فعال. وقال: "يقوم مستشارو العقارات المتمرسون بتفسير البيانات، واستكشاف المشكلات، وإصلاحها، ودفع تبني الذكاء الاصطناعي بنجاح. وهذا يعني أن الاستثمار في برامج التدريب يُعتبر بالغ الأهمية للحفاظ على القدرة التنافسية. فالقوة العاملة الماهرة تمكّن شركات العقارات من الاستفادة القصوى من إمكانات الذكاء الاصطناعي والبقاء في المقدمة في ظل المشهد المتغير".

وقال المسدي إن الحكومات تلعب دوراً رئيسياً في ضمان التطوير والاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في قطاع التكنولوجيا العقارية. وأضاف أن وجود لوائح واضحة يمكن أن يوفر التوجيه ويحدد المعايير الأخلاقية لممارسات الذكاء الاصطناعي، مما يحمي مصالح المستهلكين وخصوصية البيانات.

للاستفادة الكاملة من إمكانات الذكاء الاصطناعي في التكنولوجيا العقارية، يُعد التعاون بين الجهات الفاعلة في الصناعة، والهيئات الحكومية، والمؤسسات الأكاديمية أمراً بالغ الأهمية. وقال المسدي: "من خلال تعزيز ممارسات البيانات الموحدة، وتبادل المعرفة، وتنمية المواهب، يمكننا تسريع تقدم الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يجب على شركات التكنولوجيا العقارية إعطاء الأولوية لتطوير الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، والشفافية، والإنصاف، وخصوصية المستخدم. كما أن تدابير الأمن السيبراني القوية ضرورية لحماية البيانات الحساسة وبناء الثقة".

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com