رشا رزق.. صوت يعيدنا إلى براءة الطفولة الأولى
أي طفل عربي نشأ وهو يشاهد مسلسلات الأنمي المدبلجة باللغة العربية سوف يتعرف على الفور على الألحان المشهورة التي غالباً ما كانت تؤديها الفنانة رشا رزق.
وتغني الفنانة وكاتبة الأغاني والمؤدية الصوتية السورية البالغة من العمر 48 عاماً أغاني الرسوم المتحركة منذ أن كانت في التاسعة عشرة من عمرها.
ومن أبرز أعمالها أغاني الأمهات المؤثرة "ريمي" و"أنا وأخي" و "القناص".
كما شاركت في بطولة الأوبرا العربية ابن سينا في عام 2003 في الدوحة، قطر.
ومن أحدث أعمالها مسلسل الخيال العلمي الكرتوني الإماراتي "أجوان" والذي يعتبر الأول من نوعه في العالم العربي، حيث أدت رشا رزق صوت الشخصية الرئيسية.
في هذه المقابلة، تتحدث رشا معنا عن مسيرتها وتطلعاتها للشباب العربي في ظل الصراعات والاضطرابات الأخيرة في المنطقة.
ما الذي أثار اهتمامك بصناعة الرسوم المتحركة وكيف بدأت الغناء بها؟
كانت البداية محض صدفة، إذ كان مركز "فينوس"، المتخصص في دبلجة محتوى الرسوم المتحركة إلى اللغة العربية يبحث عن أصوات جديدة، لذا أجريت اختبار أداء لهم.
كنت مغنية وطالبة في المعهد العالي للموسيقى (في دمشق، سوريا)، وكنت أمارس الغناء الأوبرالي، وكنت مهتمة باستكشاف المزيد من أنواع الموسيقى والتمثيل الصوتي. وعندما جربت الأمر، وجدته مسلياً جداً. إذا لم تستمتع بما تفعله، فلن تنمي شغفك به. وهكذا بدأت الرحلة وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.
من بين عشرات الأعمال التي عملت عليها على مر السنين، ما هو العمل الذي ترين أنك ارتبطت به أكثر؟
في أغلب الأحيان، تكون تلك الأعمال التي لعبت فيها دور أحد الشخصيات. على سبيل المثال عندما قمت بأداء صوتي لشخصية" أنستازيا في النسخة العربية من فيلم "أنستازيا"، حيث غنيت أغنية الموسيقى التصويرية للفيلم، مما جعلني أشعر بالارتباط بالشخصية والموسيقى.
هل يمكنك أن تخبرينا المزيد عن المسلسل الكرتوني من الإنتاج الإماراتي "أجوان" ، وكيف تعتقدين أن له علاقة بالشباب والأطفال وحتى الكبار العرب؟
"أجوان" قصة لها رمزيتها، وتكمن أهميتها في كونها إنتاجاً عربياً خالصاً، وهو أمر نادر في سوق الرسوم المتحركة. كتبت المسلسل الكاتبة الإماراتية نورة النومان، التي تستهدف كتاباتها الشباب بشكل خاص، وهو عنصر أساسي، فنحن بحاجة إلى إنتاج المزيد من الأدب الذي يخاطب الشباب لتشجيعهم على القراءة.
علاوة على ذلك، فإن شخصية "أجوان" هي شابة هاجرت إلى كوكب آخر، وواجهت الحرب والمآسي وأصبحت لاجئة. لذا فإن القصة تروي بالتأكيد جزء كبير مما يعيشه شبابنا الآن.
كيف أثرت عقود من الأزمات والصراعات في العالم العربي على عملك كفنانة؟
الفنان يجب أن يعبر دائماً عن صوت الناس وخاصة الناس الذين لا يُسمع لهم صوت ويظلون يعانون في صمت. الفنان لا يستطيع التأثير على الظروف السياسية ولكنه يستطيع التأثير على قلوب الناس. الفنان لا يستطيع أن يوقف صاروخاً أو قنبلة ولكنه يستطيع أن يغير عقلية الناس. عندما أكتب أغانيي أهدف إلى إيصال رسالة. على سبيل المثال ألبومي الأول "ملاك" تحدث عن أطفال الشهداء والتشرد والتهجير، وهي قضايا من واقعنا. كما أقوم بإعداد أغنية لفلسطين مع الفنانة الجزائرية منال غربي.
كيف تعتقدين أن الرسائل التي تحملها إنتاجات الأنمي تطورت على مر السنين؟ في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات كان الجانب الإنساني بارزاً للغاية، حيث كانت معظم المسلسلات تتناول فتاة يتيمة أو فتى بلا مأوى أو طفلاً ضائعاً، ولكن في الآونة الأخيرة نجد أنها أكثر ميلاً إلى الحركة أو الكوميديا.
صحيح، لكن الجانب الإنساني سيظل موجوداً دائماً. من المؤكد أن الإنتاجات الأخيرة تتخذ منحى أكثر حيوية، لكنها لن تفتقر أبداً إلى الجانب الإنساني. على سبيل المثال، مسلسل "أبطال الديجيتال" (Digimon Adventures) - الذي بدأ بثه في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين - يسلط الضوء على الصداقة والولاء وأهمية هذه القيم. وبالمثل، كان الجانب الكوميدي حاضراً دائماً منذ أيام توم وجيري، وسيستمر في الوجود. لذلك، سيؤكد المحتوى الأساسي دائماً على القيم الإنسانية؛ لكنه يتخذ شكلاً جديداً بناءً على العصر الذي نعيش فيه.
كم عمر ابنتك سارة الآن؟ وهل أصبحت مهتمة بالصناعة أيضاً؟
ستبلغ ابنتي قريباً 13 عاماً، وهي تحب رسم المانجا وتعزف الموسيقى أيضاً - فهي عازفة كمان وبيانو، لكنها تقضي معظم وقتها في الرسم.
ما هي أهمية المهرجانات المشابهة لمهرجان "أنيمينيا" بالنسبة للمجتمع والأجيال الشابة؟
يجمع هذا المهرجان الشباب لتجربة شيء يستمتعون به كثيراً وهم شغوفون به أيضاً. فهو يوفر الترفيه وذكريات الحنين للماضي، فضلاً عن الأنشطة الحديثة؛ فهو يجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل في شكل فني.
ما هي رسالتك إلى جيل الألفية والشباب والأطفال الذين نشؤوا وهم يستمعون إلى موسيقاك؟
نحن نمر بمرحلة صعبة، وعليك أن تكون على دراية بما يحدث حولك في العالم. لا ينبغي لنا أن نفقد الأمل، بل يجب أن نستمر في الحلم ومحاولة إحداث فرق، حتى لو كنا نمر بأوقات عصيبة.
هل يمكنك أن تغني لنا أغنية تعبر عن الوضع الحالي؟
نعم سأغني لشبابنا بعض الأبيات من الفيلم الكرتوني "الأمل".
وتتلخص السطور التي غنتها في: "لا تبالي فستشفى الجراح، وظلام الليل لن يطول وأنصتي ففي كل صباح صوت في الأعماق يقول : كلما زارنا طيف حب لا ينام، هزنا، زادنا، املاً لا يخشى الأيام"
فيلم "الأمل"، الذي تنتجه سبيس تون، وهي شبكة عربية متخصصة في بث المحتوى الكرتوني وبرامج الأطفال، يشجع على الصمود والأمل والوحدة في مواجهة التحديات والأزمات. ويهدف إلى رفع معنويات مشاهديه وإظهار أن الأمل موجود دائماً، بغض النظر عن مدى صعوبة الموقف.
وبعد مرور ساعة تقريباً في مهرجان "أنيمينيا"، قدمت رشا أداءً رائعاً للجمهور، حيث غنت أغاني سبيس تون المفضلة لديهم. وكان من بين المعجبين أشخاص من جميع الأعمار، من البالغين إلى المراهقين، وطفلة صغيرة ترقص على كتفي والدها. كانت إحدى المعجبات تتطلع إلى الاستماع إلى أغنيتها المفضلة في طفولتها من الرسوم المتحركة "ريمي" ، لتشعر بوجود والدتها التي توفيت قبل أربع سنوات.
تقول هيا عقاد من سوريا: "كنت أغني لأمي في عيد الأم أغنية "أنت الأمان".
وأضافت المقيمة في دبي والبالغة من العمر 28 عاماً: "هذه الأغنية تذكرني بها دائماً وتجعلني أشعر أنها لا تزال معي. أنا أتوق لحضور أدائها. أمي دائماً معي ولكن عندما أستمع إلى هذه الأغنية أشعر بدفئها أيضاً".