"ساناز سوتوده": ربط الثقافات بمفاتيح البيانو في الإمارات
"ساناز سوتوده"، عازفة البيانو المشهورة عالمياً، تُعد واحدة من بين العديد من الموسيقيين الكلاسيكيين الذين تمكنوا من تجسيد القوة التحويلية للموسيقى وقدرتها على ربط الثقافات خطوة بخطوة. تقيم عازفة البيانو الكندية حالياً في الإمارات العربية المتحدة، حيث تجمع بين دورها كعازفة بيانو وأستاذة في الجامعة الكندية بدبي. تعكس رحلتها، التي عبرت خلالها القارات والتقاليد الموسيقية، شغفها العميق بالفنون والتزامها بالتبادل الثقافي.
بدأت ساناز حبها للموسيقى منذ طفولتها، مستلهمة ذلك من والدتها، عازفة البيانو الهاوية. تتذكر قائلة: "كانت الموسيقى دائماً جزءاً من أسرتنا". في سن الرابعة، بدأت في تعلم أساسيات الموسيقى، ولكن في سن الخامسة استحوذ البيانو على قلبها. تقول: "أتذكر بوضوح حضوري حفلاً موسيقياً تم فيه تقديم آلات موسيقية مختلفة. عندما عزف البيانو، لم أستطع التوقف عن البكاء - شعرت وكأنه جزء مني". قادتها هذه اللحظة المحورية إلى التدريب الرسمي في المعهد الموسيقي، ثم دراستها في جامعة "ماكجيل" في مونتريال والأكاديمية الملكية للموسيقى في لندن، حيث حصلت على منحة دراسية كاملة.
بعد أن قدمت عروضها في أماكن مرموقة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك قاعة ويجمور في لندن، تعتبر ساناز هذه التجارب بمثابة علامات فارقة في مسيرتها المهنية. وتقول: "تتميز قاعة ويجمور بحميميتها وتاريخها - إنها مساحة سحرية لأي موسيقي".
وقد ساهم تعرضها للتقاليد الموسيقية المتنوعة في تشكيل نهجها في الأداء والتأليف. وتوضح قائلة: "الموسيقى لغة عالمية تتجاوز الحواجز الثقافية". وكان تعاونها مع فنانين من خلفيات مختلفة مجزياً بشكل خاص، مما سمح لها باستكشاف التقاطعات بين الأنماط والتقاليد الموسيقية المختلفة.
الحياة في الإمارات العربية المتحدة
انتقلت ساناز إلى الإمارات العربية المتحدة في عام 2022 وسرعان ما وجدت منزلاً في بيئتها المتعددة الثقافات. وفي الجامعة الكندية بدبي، تقوم بتدريس دورات أكاديمية في الموسيقى وريادة الأعمال بالإضافة إلى الدبلوماسية الثقافية، مما يلهم الطلاب من خلفيات متنوعة للانخراط بعمق في الفنون. وتقول: "تُعد الإمارات العربية المتحدة مركزاً عالمياً للتنوع الثقافي. لقد حظيت بشرف العمل مع منظمات مثل اليونسكو والسفارات لتعزيز التبادل الثقافي من خلال الفن والموسيقى".
ورغم التحديات التي تواجهها الإمارات العربية المتحدة، مثل الافتقار إلى أوركسترا وطنية ومحدودية أماكن العروض، فإن ساناز ترى إمكانات هائلة في المشهد الثقافي والفني الأدائي المزدهر في الإمارات. وتقول: "هناك إقبال متزايدة للموسيقى الكلاسيكية والمزيد من الفرص لتعزيز التعاون بين الفنانين".
عملية الموازنة
إن تحقيق التوازن بين دورها كمؤدية ومعلمة ليس بالأمر الهين. وتعترف قائلة: "إنه أمر صعب ولكنه مجزٍ بشكل لا يصدق". يمتد تأثير تعليمها إلى ما هو أبعد من الفصول الدراسية من خلال المناقشات الجماعية والحفلات الموسيقية والمعارض الفنية التي تحتفي بريادة الأعمال الثقافية والتأثير المجتمعي للفنون. وتقول: "الموسيقى والفن والتعليم الثقافي أمر حيوي للرفاهية العاطفية والتعاطف والإبداع".
كان أداؤها الأخير في متحف اللوفر أبوظبي من أبرز محطات رحلتها إلى الإمارات العربية المتحدة. بدعوة من علياء الشامسي، رئيسة البرامج الثقافية في المتحف، قدمت ساناز مقطوعات موسيقية فرنسية من عصر ما بعد الانطباعية على خلفية معمارية مذهلة للمتحف. تقول: "كان المكان، بالقرب من المياه الزرقاء الهادئة، مثالياً للموسيقى. إنها تجربة سأعتز بها دائماً". تم تنظيم الحدث بعناية من قبل شيخة الزعابي، التي جعلت اهتمامها بتفاصيل الحدث أكثر تميزاً بالنسبة لساناز.
بالنسبة لساناز، شعرت أن مؤلفات البيانو التي ألفها ملحنون فرنسيون من فترة ما بعد الانطباعية كانت وثيقة الصلة بالمجموعة الموسيقية التي استكشفتها خلال الصيف في مهرجان موسيقي فرنسي في مونتريال بكندا. وقالت: "بعد أن درست في مونتريال، حيث ترسخت الموسيقى الكلاسيكية الفرنسية بعمق في النسيج الثقافي، شعرت أن هذه المجموعة قريبة للغاية من قلبي".
قبل الصعود على المسرح، تقوم ساناز بطقوس شخصية لتحضير نفسها عقلياً وجسدياً. تقول: "أمارس التأمل، وأتناول طعاماً خفيفاً، وأمارس الجري في الصباح لتهدئة أعصابي". ومن المدهش أنها تجد أن الطاقة العصبية تعزز أداءها. تقول: "كلما زاد توترك، كان أدائي أفضل - إنها تجربة مليئة بالأدرينالين".
"الموسيقى تعزز الصحة العاطفية"
ومن خلال تدريسها، تأمل ساناز أن تغرس في طلابها تقديراً عميقاً للفنون. وتقول: "أريد أن يروا الفنون ليس فقط كشكل من أشكال التعبير ولكن كوسيلة للتواصل مع العالم. هدفي هو تنمية تقدير أعمق للتعليم الثقافي وريادة الأعمال الثقافية، والتي تعد ضرورية لفهم الهوية وتعزيز التفكير الريادي المبتكر. تعمل الموسيقى والفن والتعليم الثقافي على تعزيز الرفاهية العاطفية والتعاطف والإبداع، مع الحفاظ على التراث وتعزيز الدبلوماسية الثقافية ودفع ريادة الأعمال. تعمل هذه التخصصات على تعزيز الروابط المجتمعية ودعم المجتمعات المستدامة وإلهام الحلول المبتكرة للتحديات العالمية. ومن خلال هذا النهج، أقوم بتزويد الطلاب بالمهارات والعقلية اللازمة لتقديم مساهمات ذات مغزى للعالم".
إن رحلة ساناز لم تنته بعد. وبفضل تفانيها في الدبلوماسية الثقافية والتعليم، تواصل استكشاف طرق جديدة للتواصل بين الناس من خلال الموسيقى. تقول: "إن التقاطع بين الفن البصري والموسيقى مثير للغاية بالنسبة لي، وأتطلع إلى المزيد من الفرص في هذا المجال".
وفي خضم جدول أعمالها المزدحم، عندما تحتاج ساناز إلى الاسترخاء، تلجأ ببساطة إلى ممارسة اليوجا والطبيعة. وتقول: "تساعدني هذه اللحظات على استعادة طاقتي وإيجاد التوازن".