"محمد رافي": قصة صوت لا ينسى في السينما الهندية
في إحدى مراحل الستينيات، كان المغني الهندي "محمد رافي" هو الصوت الغنائي المنتظم لـ"ديليب كومار"، وديف أناند، وشامي كابور، وراجندرا كومار، وجوي موخيرجي، وبيسواجيت، ودارمندرا، وشاشي كابور، وراج كومار. يستطيع رافي إدارة هذا العمل الفذ بسبب نطاقه الرائع. يمكنه بسهولة التوفيق بين أغنية كلاسيكية مثل "مادهو بان مِي رادهيكا ناشِي رِي" (Madhuban Mein Radhika Nache Re) وأغنية راقصة مثل و آجا آجا، مَين هون بيار (Aaja Aaja Main Hoon Pyar).
تم اكتشاف براعة رافي الصوتية في سن مبكرة، أثناء أدائه على راديو لاهور."بدأ مسيرته الفنية من خلال فيلم بنجابي بعنوان 'جول بالوش' عام (1944).". في نفس العام، ذهب إلى بومباي (مومباي الآن) ليغني لفرقة "بيهلي آب" . كافح ليحقق لنفسه شهرة خلال فترة الأربعينيات، ولكن باستثناء بعض الأغاني النادرة مثل "ياهان بدلا وفا کا" من فيلم "جگنو"، كانت أغانيه تفتقر إلى التميز.
وفي موقف غريب دفع رافي للدخول إلى غرفة تسجيل الملحن الهندي "نوشاد علي". أثناء تسجيل أغنية فيلم "بابول" عام (1950)، أغضب المغني تالأت محمود المخرج الموسيقي الكبير علي عندما أقدم على التدخين في حضوره. نتيجة لذلك، حصل رافي على فرصة هامة في عام 1952 مع عملين من أعمال نوشاد - "بايجو باورا" و"آن". أغاني فيلم "آن" مثل "مان ميرا إحسان" جعلته يُعرف كصوت ديليب كومار، بينما أظهرت أغاني "بايجو باورا" التي تعتمد على الموسيقى الكلاسيكية، مثل "إنسان بانو"، قدرة رافي على الغناء في ثلاث أوكتافات دون أن يخرج عن السيطرة.
لكن، استغرق الأمر من رافي طوال فترة الخمسينات ليؤكد هيمنته على المنافسة. فقد كان موكيش وكيشور كومار منشغلين بمسيرتهما التمثيلية، بينما كانت أصوات محمود وهمانت كومار المتخصصة لا تحظى بالاهتمام. من عام 1960 إلى 1969، ظل رافي متربعاً على عرش الغناء الرجالي بلا منازع، لكنه لم يقلل من تدريبه ولم يغير من نظرته. وكان تحكمه الصوتي في أغانٍ مثل "تشو ليني دو" محط إعجاب الجميع.
كان رافي يعشق مهنته بشكل يفوق التصور. فقد كان حريصاً على فهم كل زاوية شعرية في أغنية "مين زيندغي كا سا ث نيبهاتا تشالا جايا" من فيلم "هم دونو". لقد كان صوته قادراً على خلق شوق عميق في أغنية مثل "ميري محبوب تجهي ميريند"، وكذلك على إضافة خفة وجمال في ألحان مثل "يه تشاند سا روشَن تشيرا".
في بداية السبعينات، وجد رافي نفسه في فترة من التراجع الفني. بعد أن سجل أغنيتين لفيلم أرادهانا، سافر لأداء الحج واعتقد أن الغناء يتنافى مع تعاليم الإسلام. ولذلك، اقترح المخرج أن يأخذ كيشور كومار مكانه في المشروع. كانت أغنيتا "ميرِ سابنو كي راني" و "رووب تيرا مستانا" بمثابة نقطة تحول ليتوج كيشور بجائزة فيلم فير الأولى. بعد النجاح الكبير لكومار في تلك الحقبة، شعر رافي بأنها فترة إبداعية صعبة.
بعد غياب طويل، عاد رافي في عام 1977 ليحقق نجاحاً كبيراً من خلال أغانيه في هم كيسِه كُم ناهين (كيا هو تيرا وادا) و أمار أكبر أنتوني (بردا هاي بردا). وبدأ المعجبون مثل المنتج الهندي مانموهان ديساي في التعبير عن تفوق رافي على باقي الفنانين.
في عام 1980، اختفى الصوت الذي أمتع الملايين إلى الأبد. كان صوت رافي من أكثر الأصوات المسجلة في القرن، وحتى الآن لا يزال من الشائع سماع أغنياته تُعرض على الراديو أو التلفزيون في الهند.
صادق سليم هو كاتب مقيم في الإمارات العربية المتحدة ويمكن التواصل معه على حسابه على الانستغرام @sadiqidas.