فرصة استثنائية لحرفيتين إماراتيتين لعرض حرفهما التقليدية في مؤتمر المناخ
فرصة استثنائية لحرفيتين إماراتيتين لعرض حرفهما التقليدية في مؤتمر المناخ

مؤتمر المناخ في باكو يجمع بين الفنون الإماراتية والاستدامة

أبدعت الجمعية السويسرية للمرأة في استخدام قوة الفن والتعليم والابتكار الرقمي لجذب الأنظار نحو الحاجة للتصدي لتغير المناخ.
تاريخ النشر

شهدت مدينة باكو، بين الحادي عشر والثاني والعشرين من نوفمبر، انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة السنوي لتغير المناخ، حيث امتدت فعالياته في مختلف أنحاء المدينة. وقد سادت أجواء المؤتمر روح من الحرص والإلحاح على ضرورة معالجة تغير المناخ، وانعكس ذلك على جميع الجوانب. ويأتي مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين (COP29) في أعقاب النجاح الذي حققه مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين الذي استضافته الإمارات العربية المتحدة في العام الماضي. وقد كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، من بين أبرز زعماء العالم الذين حضروا المؤتمر في باكو، مؤكداً على التزامه "ببناء مستقبل مستدام للجميع".

ولم يقتصر حضور الإمارات في هذا الحدث على المشاركة الرسمية، بل امتد ليشمل البُعد الثقافي أيضاً. فبفضل مبادرة تدعمها الجمعية السويسرية للمرأة وتمكين المرأة، ومؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسة في رأس الخيمة، أُتيحت لحرفيتين إماراتيتين فرصة استثنائية لعرض حرفهما التقليدية في مؤتمر المناخ، مما خلق جسراً رمزياً بين القمتين، وسلط الضوء على أهمية الالتزام العالمي الثابت والدبلوماسية الثقافية في عالم يواجه أزمة مناخية متفاقمة.

واستضاف متحف السجاد الوطني في أذربيجان معرضاً فنياً بعنوان "مناخات وسجاد"، سلط الضوء على روعة حرفة نسج "التلي" التقليدية يدوياً في دولة الإمارات العربية المتحدة. وتتميز "التلي" بألوانها الزاهية وأنماطها المعقدة، وتعد جزءاً لا يتجزأ من التراث الثقافي الإماراتي، حيث تُستخدم في تزيين مجموعة متنوعة من ملابس النساء، من فساتين الزفاف والملابس الرسمية إلى الملابس اليومية. وقد توراثت الأجيال في دولة الإمارات هذه الحرفة الفريدة جيلاً بعد جيل.

قد يعتقد الكثيرون أن مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ هو مجرد ملتقى لمناقشة قضايا ملحة مثل الاحتباس الحراري والاستدامة والطاقة الخضراء وإنقاذ الكوكب. ورغم أن هذا صحيح، إلا أن المؤتمر هو أيضاً منصة تتيح للمناخ أن يلتقي بالثقافة. وحين قدمت السيدتان من الإمارات العربية المتحدة زخارف وتمائم ثقافية وتراثية من بلادهما إلى منصة عالمية مثل مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، كان ذلك بمثابة تذكير بأن الفن يتخطى الحدود، وتأكيد على عالمية الإبداع البشري.

وقالت "فيكتوريا ديسيات"، مؤسسة ورئيسة الجمعية السويسرية للمرأة وتمكين المرأة ومقرها جنيف: "يوفر الفن ملاذاً للتأمل. وهو مساحة للتوقف والاستيعاب والمشاركة، والأهم من ذلك، للتواصل مع ثقافات مختلفة". وتعتبر منظمتها من المنظمات الفريدة التي تعمل عند نقطة التقاء الثقافة بالمناخ. ومن خلال مبادراتها المتنوعة في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون هذا العام، أكدت "ديسيات" أن الفن والثقافة وحتى التكنولوجيا قادرة على حشد الدعم الاجتماعي لقضية تغير المناخ، والمساهمة في تسليط الضوء على أهم أزمة في القرن الحادي والعشرين. وأوضحت "ديسيات"، التي نظمت معرض "17 وجهاً للعمل" في دبي العام الماضي، وهو معرض تصوير عالمي متنقل في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين احتفل بقوة 17 امرأة قيادية إماراتية: "للفن قوة لا تُضاهى. فهو يحرك مشاعرنا ويلهمنا لتصور مستقبل مستدام يشملنا جميعاً. ومن خلال الإبداع والتقاء الفن بالتكنولوجيا، نعمل على زيادة الوعي وخلق تجارب غامرة تبرز إلحاح أزمة المناخ. وبالاستفادة من الابتكار، نستطيع بناء عالم تتعاون فيه التكنولوجيا مع الفن لإعادة صياغة مستقبل يتناغم مع الطبيعة، ويُلهمنا جميعاً للعمل من أجل مستقبل مشترك ومستدام. إن تغير المناخ هو نداء للعمل ليس فقط لصناع السياسات وإنما لكل مبدع مبتكر".

وفي جانب آخر من مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، قدمت الجمعية السويسرية للمرأة وتمكين المرأة عروضاً أخرى بعنوان "المشاركة" - بالتعاون مع الأمم المتحدة في جنيف ومركز حيدر علييف وجمعية "IDEA" (الحوار الدولي للعمل البيئي) العامة بقيادة ليلى علييفا، ابنة رئيس أذربيجان إلهام علييف، حيث أعادت أدوات الذكاء الاصطناعي تصور لوحات فنية عالمية شهيرة. واستُخدمت أعمال بارزة مثل "زنابق الماء" لكلود مونيه، و"جبل سانت فيكتوار كما يُرى من بيلفيو" لبول سيزان، و"درب البعوض، جبال روكي" لتوماس موران، لتسليط الضوء على أهمية الطبيعة وتشجيع البشر على التعامل مع الأرض بوعي أكبر. تُعنى الجمعية السويسرية للمرأة وتمكين المرأة بتنظيم المعارض الدولية على المستويات الحكومية، وتتعاون في كثير من الأحيان مع الأمم المتحدة للاحتفال بإنجازات المرأة الاستثنائية من جميع أنحاء العالم. وأضافت "ديسيات": "تكرس مشاريعنا لتمكين الناس في جميع أنحاء العالم، وإلهام الفتيات والنساء من خلال القوة التحويلية للفن والتعليم والتراث الثقافي والابتكار الرقمي". ومع التطور السريع الذي شهدته تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات الجديدة في السنوات القليلة الماضية، تركز الجمعية السويسرية للمرأة وتمكين المرأة بشكل متزايد على المشاريع التي تُمكن النساء والأطفال من خلال التكنولوجيا. في منطقة "بلو زون" (Blue Zone) في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، أطلقت الجمعية تطبيق "ميشن" (MISSION)، الذي يسمح للمستخدمين بطرح أسئلة على شخصيات كرتونية مُدعمة بالذكاء الاصطناعي حول أهداف التنمية المستدامة، بطريقة تفاعلية وممتعة. وكانت الفكرة هي استخدام قوة الفن للتّمكين والتعليم، وجمع الإبداع والتكنولوجيا معاً لجعل التعلم أكثر جاذبية وسهولة.

وتابعت "ديسيات" قائلة: "يُعد تطبيق "ميشن" (MISSION) أحد أهم مشاريعنا في الوقت الحالي. فهو تطبيق تفاعلي يُعيد إحياء أهداف التنمية المستدامة من خلال منح كل هدف وجهاً فنياً متحركاً، مما يسمح للمستخدمين من جميع الأعمار، وخاصة الأطفال، بطرح الأسئلة والتعلم بطريقة ممتعة لا تُنسى. نأمل أن نحول التعليم إلى رحلة استكشاف إبداعية".

فيكتوريا ديسيات، مؤسسة ورئيسة الجمعية السويسرية للمرأة وتمكين المرأة
فيكتوريا ديسيات، مؤسسة ورئيسة الجمعية السويسرية للمرأة وتمكين المرأة

وتؤمن "ديسيات" بأن "المساواة للجميع" هي حجر الأساس لبناء مجتمع أكثر عدلاً وازدهاراً، وأن تمكين المرأة هو أمر لا غنى عنه لتحقيق هذا الهدف. واختتمت حديثها قائلة: "بالنسبة لنا، فإن الحفاظ على التراث الثقافي لا يقتصر على تقدير ماضينا، بل هو جسر نحو مستقبل يلتقي فيه التاريخ بالتكنولوجيا، مُثرياً حياتنا بطرق جديدة. أشعر أنه عندما نعمل على تمكين النساء والأطفال وتعزيز التعاون الإنساني بينهم، فإننا نخلق عالماً يقدّر كل صوت وكل تقليد".

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com